لا يوجد قارئ لم يسمع بروايات “أغاثا كريستي” البوليسية الشهيرة، فمع أنها تبدو بمقاييس اليوم قديمة الطراز، إلا إنها ما تزال تعلم كتّاب العصر الحديث أشياء هامة في سيناريو أحداث الرواية والإثارة والتضليل، لكن مجموعة من الأكاديميين أعلنوا مؤخراً انهم برمجوا خوارزمية تستطيع استنتاج القاتل في روايات أغاثا كريستي، في قصص شخصياتها الآنسة ماربل وهيرقل بوارو الشهيرين.
الخوارزمية استفادت من بعض الأنماط المحددة في كتابة أغاثا كريستي التي كانت تكتبها بشكل لا واعي غالباً، فعندما تكتب عن النساء القاتلات كانت تعرفهم بلغة ذات مشاعر سلبية، أما إذا كان الخنق هو سبب الموت، فإن القاتل غالباً يكون ذكراً، الأماكن وحتى الوسائل المستخدمة في النقل كانت تلعب دوراً في شخصية القاتل كما قال الباحثون.
هذا البحث دعم بواسطة قناة تليفزيونية للدراما لإيجاد طريقة جيدة للاحتفال بعيد ميلاد أغاثا كريستي الـ125 الذي يحل يوم 15 سبتمبر هذه السنة، القناة سوف تعرض عدداً من ألغاز الكاتبة الشهيرة بهذه المناسبة، وهذه النتائج التي وصل إليها الباحثون يمكن للمشاهدين أن يستعينوا بها لمعرفة القاتل في حل لغز الحلقة.
وقد قالت دومينيك جينيرود الباحثة من جامعة كوينز في بلفاست لجريدة الجارديان، أنهم قاموا بجمع البيانات من كل فصل، متضمنة رقم المرات التي ذكر فيها القاتل، وتحليل المشاعر التي استخدمت في لغة وصفه، ووسائل النقل المستخدمة، والمفاهيم الأساسية العديدة التي تقاطع ذكرها مع روايات أخرى، وعندها اكتشفوا وجود أنماط معينة للاوعي الكاتبة، وبدأت الصورة تتضح عندما قاموا بتصنيف البيانات التي لديهم، حسب السنة، وجنس القاتل والدافع وسبب الوفاة.
إذا حدثت الجريمة في بيت ريفي –وهو ما يعد شائعاً في روايات أغاثا كريستي- فإن فرصة أن يكون القاتل امرأة هي 75%، كما إن النساء القاتلات يتم كشفهن عادة باكتشاف غرض منزلي، أما القتلة الرجال فإنه يواجهون القصاص العادل بالمنطق والاستدلال في جزء التحقيق الذي يكشف القضية، إضافة إلى أن العلاقات بين الضحية والشخصيات الأخرى في الرواية تلعب دوراً أيضاً كما قالت الدراسة.
الدراسة وجدت أن أغاثا كريستي كانت تترك في العادة خيطاً يقود للحل في قصصها غالباً عند المنتصف، لافتة الانتباه إليه بشكل يمكن القارئ من ملاحظته، اختلاف شخصية المحقق بين الآنسة ماربل أو هرقل بوارو يصنع فرقاً، كما إن تراوح دافع الجريمة بين الحب أو المال يلعب دوراً في تحديد شخصية القاتل.
بضم كل هذه العوامل والاتجاهات اللاواعية معاً، استطاع الباحثون أن يبرمجوا خوارزمية تستطيع التنبؤ بشكل دقيق بالقاتل في اللغز البوليسي، لكنها قامت على 27 كتاباً فقط من روايات أغاثا كريستي الـ83 المنشورة، ولهذا لا يوجد ضمان بأنها ستعمل في كل مرة.
لا شك أن عشاق الألغاز البوليسية سيرغبون في اتباع الأساليب التقليدية العريقة في التحقيق، من اتباع المنطق ومحاولة التخمين، لكن ربما تضيف لهم هذه الأداة وتجريبها ومقارنتها باستنتاجاتهم، بعض الإثارة.