السؤال الملح والمطروح منذ فترة والذي نهرب منه ونحاول تجميله. هل نحن من يختار الرئيس الفلسطيني وخليفته، أم هي الإرادة الدولية والعربية ودول الإقليم وفي مقدمتها إسرائيل الراعي لكل التسريبات الإعلامية حول خليفة الرئيس، وما يجري في النظام السياسي من خلافات خاصة في حركة فتح؟ المشكلة لدى الفلسطينيين أنهم يقفوا في حيرة أمام التسريبات الإسرائيلية فيما يتعلق بأحوالهم، وينطبق بعض المحللين والكتاب وحتى السياسيين من فرضية أن الصحافيين الإسرائيليين لديهم القدرات الخارقة للحصول على المعلومات وأنها أخبار مؤكدة، وهم لا يدركون أن غالبية الأخبار والمعلومات التي ينشرها الصحافيين الإسرائيليين، وتنتشر كالنار في الهشيم في وسائل الإعلام الفلسطينية لها مصدرين. الأول هو الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وبعض السياسيين الإسرائيليين وتكهنات وأخبار عربية ودولية ويتم ترويجها إسرائيلياً، والمصدر الثاني فلسطينياً إذ ما لا يعلمه كثير من الفلسطينيين أن بعض الصحافيين الإسرائيليين الكبار تربطهم علاقة وطيدة ببعض المسؤولين في الأجهزة الأمنية الفلسطينية وعدد من المسؤولين الفلسطينيين الذين يعتقدون أنهم بتسريب الأخبار لهم تنتشر بسرعة وتكون ذات مصداقية ويستطيعوا إيصال الأخبار بسرعة للإعلام والمجتمع الإسرائيلي وللهروب من المسؤولية. والمشكلة الثانية لدى الفلسطينيين والصحافيين والمحللين والكتاب الفلسطينيين وفي غياب المعلومات وحقهم في الحصول عليها يكرروا نقل الأخبار الإسرائيلية التي تكون أحياناً صحيحة، لكنهم يركضوا وراء الأسماء والشخصيات التي يتم الحديث عنها لخلافة الرئيس عباس وكأنهم يكتشفون القمر مع أنها ليست أسراراً نووية، ويتم تداول بعض الأسماء المعلنة منذ سنوات، وتكرار الأسماء يكون حسب الرغبات والتسريبات ونوعيتها ومدى دقة المعلومات. ولا يتم البحث في ما آلت إليه أوضاعنا وحال التردي والتيه الذي نعيشه والتركيز على تشكيل الرأي العام والمشروع الوطني والقضية الفلسطينية وإعادة الإعتبار للمؤسسات الفلسطينية والهيبة للنظام السياسي الفلسطيني، في ظل غياب الرؤية والتفرد وعدم الحديث بجرأة من أطراف النظام السياسي الفلسطيني عن الواقع الذي نعيشه، ولم يستطيع أي من الفاعلين السياسيين التغيير والضغط على القيادة الفلسطينية للبحث والمراجعات الحقيقية في مسيرة نضال الشعب الفلسطيني. يدور الحديث منذ فترة من الزمن عن خلافة الرئيس عباس وبات الآن، ومن الضروري تعيين الرئيس خليفة له، وربما كانت الرباعية العربية أكثر جرأة ووقاحة في التوجه مباشرة للتدخل في الشأن الفلسطيني بتعيين خليفة للرئيس وطرح الأسماء، وكان المدخل العربي هو إعادة ترتيب البيت الفلسطيني خاصة البيت الفلسطيني الفتحاوي وعودة النائب محمد دحلان، وأدرك كما غيري أن أهداف ما يسمى الرباعية العربية غير سامية وأنها تخدم مصالحها في تطبيع علاقاتها مع إسرائيل وفي ظل تشكيل التحالفات الدولية والاقليمية. الفلسطينيون يدركون حال الوهن الذي أصابهم، لكن القيادة والفصائل لا تدرك ومستمرة في الذهاب أبعد مما هو قائم من سوء بذريعة الصمت والعجز أو رفع شعار عدم السماح لأي من كان بالتدخل في شؤوننا، مع أن الجميع يتدخل في شؤوننا، ونحن ساحة وتربة خصبة للتدخل بخاطرنا أو غصب عنا، وفي كثير من القضايا نحن لا نقرر وقرارنا ليس بأيدينا، فنحن لم نقرر ماذا نريد ولماذا وصلنا إلى هنا؟ شعار القرار المستقل شعار فارغ، ومن الأساس لا يجب أن يكون هكذا شعار من دون تمتينه ليكون حقيقياً، والشعار الملح والإجابة على الأسئلة الصعبة هي الأهم، والتي لا تنتظر تأجيل ليس لنفي أكذوبة عدم السماح لأحد بالتدخل في شؤوننا إنما هي التسريع في إعادة البحث والمراجعات الجدية والجريئة بما يخدم المصلحة الفلسطينية، وفي إطار الحالة المتردية التي يعيشها الفلسطينيون ومشروعهم وقضيتهم الوطنية والإنطلاق من إعادة ترتيب البيت والإعتبار لمؤسساتهم المتهالكة، وتقع مسؤوليات تاريخية على الفصائل الفلسطينية خاصة حركة فتح وتغليب النخبة السياسية الحاكمة فيها المصلحة الوطنية والبدء في القطع مع المرحلة السابقة ومسيرة عشرين عاماً من الفشل وعدم تحقيق الشعارات والاهداف وتحصين البيت والقرار الفلسطيني ومناعته والإطلاق من أننا حركة مقاومة وطنية تسعى للتحرر والإستقلال