أسرارٌ ونبوءة إسرائيلية عن «ثرثرات» العرب وزوال «دولة اليهود»

thumb (5)
حجم الخط

في مقابلةٍ أجراها كاتب التحقيقات الأمنية في صحيفة «يديعوت»، رونين بيرغمان، مع القائد الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية شلومو غازيت، وتُنشرُ بكاملها اليوم، تنبّأ الأخير بزوال الدولة العبرية. وكشَف غازيت النقاب عن عددٍ من الأمور السرّية، من بينها شكوك «الشاباك» الإسرائيلي بأن أرفع القادة الإسرائيليين رتبةً الذي وقع في أسر الجيش المصري في حرب تشرين تجندّ لصالح الاستخبارات المصرية. وأوضح أنه قبل اتفاقيات أوسلو، خَدَم كمبعوثٍ لشمعون بيريز لإقامة اتصالات سياسية سرّية مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
وفي إيجاز للمقابلة التي تُنشر اليوم كاملةً في «يديعوت»، جاء أنه عندما عُقدت القمة العربية الثالثة في الدار البيضاء في المغرب في 13 - 17 أيلول 1965، حصلت الاستخبارات الإسرائيلية على تسجيلاتٍ كاملة لمناقشات القمة. ومعروفٌ أن هذه القمة عُقدت في ظل التوترات على الحدود مع سوريا والأردن، إثر إقدام إسرائيل على بناء مشروع خط المياه القطرية لنقل مياه بحيرة طبرية إلى النقب. وفي حينه، جرت محاولات عربية لتحويل مجرى روافد نهر الأردن لمنع إسرائيل من توسيع الإفادة من المياه. وفي تلك القمة، عرض رؤساء أركان الجيوش العربية معلومات كثيرة عن حجم قواتهم واستعداداتها، حيث كان موضوع النقاش المركزي: مدى جاهزية الدول العربية لخوض الحرب ضد إسرائيل. وقد شكلت هذه المعلومات أهم ذخر استخباري في تاريخ الأجهزة الإسرائيلية.
وتجدر الإشارة إلى أن تلك الفترة كانت العصر الذهبي للعلاقات السرّية بين الاستخبارات الإسرائيلية والنظام المغربي. وقد تناولت كتب ومقالات إسرائيلية هذه العلاقات، موضحة أن الاستخبارات الإسرائيلية في حينه تولت تدريب وحدات حماية مغربية، كما تبادلت المعلومات حول مصر التي توترت علاقاتها بالمغرب جرّاء دعمها للجزائر. وفي تلك الآونة، ساعدت إسرائيل الإستخبارات المغربية على اختطاف وإخفاء وقتل المعارض المغربي المهدي بن بركة في فرنسا. وكانت العلاقات الاستخبارية المغربية ـ الإسرائيلية قد بدأت في منتصف الخمسينيات على خلفية مساعي تهجير يهود المغرب.
عموماً، وبحسب «يديعوت»، فإن الأشرطة التي حصل عليها «الموساد» من تلك القمة نُقلت الى دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات في الجيش الاسرائيلي، حيث حُلّت ألغازها، فُرّغت وتُرجمت، وفتحت كوةً لم يسبق لها مثيل على ما خلف كواليس قيادة العدو. وفي استعراضٍ لرئيس الوزراء ليفي أشكول، وصف رئيس «الموساد» في حينه مئير عميت العملية بأنها «أحد الانجازات الاستخبارية الأكبر في تاريخ الدولة».
في ذلك المؤتمر، نشبت خلافات غير بسيطة بين الملك الاردني حسين والرئيس المصري جمال عبد الناصر، وصلت الى حد رفع صوت أحدهما على الاخر. ويقول الجنرال شلومو غازيت، الذي كان في حينه رئيس دائرة البحوث ولاحقاً رئيس شعبة الاستخبارات: «لقد أكدت الاشرطة لنا الفهم بأن وجهة الدول العربية، من ناحية، هي نحو المواجهة، وينبغي الاستعداد لها بجدية، ومن ناحية اخرى، فإن ثرثراتهم عن الوحدة العربية والجبهة الموحدة ضد اسرائيل لا تعكس وحدة حقيقية في الرأي».
ويروي غازيت أنه بفضل الاشرطة، اتضحت عدم جاهزية الدول العربية للحرب. وبحسب قوله، فانهم «أكدوا احساسنا، في قيادة الجيش الاسرائيلي، باننا سننتصر في الحرب ضد مصر. وقد توصلنا الى استنتاج بأن المدرعات المصرية في وضع بائس وهي غير جاهزة للمعركة. واستبعد قائد قوات المدرعات، الجنرال اسرائيل طال، هذا الاستنتاج وقال انه لا يحتمل أن يكون وضعهم خطير بهذا القدر. ولكننا رأينا بعد ذلك من كان محقاً».
وكشف غازيت، الذي تمّ تعيينه بعد حرب تشرين 1973 التي تمّ تلخيصها بعبارة «الإخفاق الاستخباري»، منسقاً لإعادة بناء منظومة الاستخبارات، في المقابلة أيضاً، سلسلةً من الاحداث الدرامية التاريخية. ومثلاً، كشف أن «الشاباك» وشعبة الاستخبارات ارتابا في أن أرفع أسرى الحرب الإسرائيليين مرتبةً، المقدم أساف ياغوري، جُندّ ليكون جاسوساً للاستخبارات المصرية. ويشرح فيقول إن «ما فاجأ رجالنا هو تملصه في تحقيقات الشاباك بمعاذير متعددة». كما كشف النقاب عن أنه، بعد انتخاب ياغوري للكنيست، توجه الى نائب رئيس الوزراء يغئال يادين، وطلب منه منع تعيين ياغوري عضواً في لجنة الخارجية والامن التي تتطلع على مواد سرية ـ قبل أن يوافق على التحقيق معه لدى «الشاباك» وفحصه على جهاز كشف الكذب.
كما كشف غازيت النقاب أنه في العام 1985، بعثه شمعون بيريز، الذي كان في حينه رئيس وزراء حكومة الوحدة، للقيام باتصالات سرية مع ياسر عرفات، ولكنه أمره أن يروي لزميله وزير الخارجية اسحق شامير بأن هذه هي فقط مفاوضات لتبادل الاسرى والمفقودين.
ووصل إيجاز المقابلة إلى أن لدى غازيت ايضاً سلسلة من نبوءات الغضب تثير القلق، وعلى رأسها نبوءة تتناول حرب الأيام الستة. وهو يقول «مرّ نحو 50 سنة ونحن لا نزال نبحث عن حلٍّ لنتائج هذه الحرب. الانتصار في حرب الاستقلال أتاح اقامة الدولة. اما الانتصار في حرب الأيام الستة، فمن شأنه أن ينتهي بنهاية اسرائيل اليهودية والديموقراطية».