حياتنا والسلوك اليومي

صلاح هنية
حجم الخط

خطيب مسجدنا في حي عين منجد في رام الله ركز في خطبته على قضايا التدين المزيف والتدين الحقيقي مفصلا تفاصيل التدين المزيف الذي يقلل قيمة الانجاز والعلم وانجاز العمل على أتم وجه وعدم الاهتمام لحقوق العباد والغش في التجارة وابخاس الناس اشياءهم، واستعرض العديد من الامثلة، واصفا اياهم بالطيبين ولكنهم لا يفقهون اصول ومعاني التدين ويعتبرونها محصورة في المسجد ولا يساهمون في اماطة الاذى عن الطريق، بل منهم من يضع الاذى في الطريق.
وما ان انقضت صلاة الجمعة انتشرنا في الارض نبتغي من فضل الله تلقيت مكالمة هاتفية من صديق اجرى جراحة القلب المفتوح يسألني: اين السلامة العامة؟ قلت: خيرا طمني على صحتك لا تقلقني، قال: اول امس قام الجار الجديد الذي يقوم بحفرية لتشييد عمارة جديدة له بالاعتداء نتيجة الحفرية على ساحة منزلي وتدمير موقف سيارتي وتدمير اجزاء مهمة في الساحة، تخيل لو أن الاطفال كانوا في الساحة، لو أن السيارة كانت هناك، اين المعايير اين حسن الجوار؟ ام ان المطور العقاري فوق القانون لأنه المستثمر الوحيد الذي يضخ اموالا في خزينة البلدية.
ولحظات فقط واذا بمكالمة اخرى تفيد بأن طبيبا حصل كشفية لمعاينة طفل بلغت 300 شيكل .هل توجد مرجعية لاحتساب كشفية الاطباء ونحن نعلم اننا نتعامل مع تخصص ودرجة علمية، ولكن هناك قياس منطقي ومتواز مع قدرات الناس ومستوى معيشتهم.
والتقيت الناس في سوق خضار بلدية البيرة ووجدت السوق شبه شحيح بخضاره وفواكه تتألق فيه البندورة والخيار والباذنجان ومن ثم تذكرت الاعياد لدى المزارعين والشركات الزراعية الإسرائيلية  فظهر السبب وغاب العجب لشح التوريد للسوق، سيد الموقف في السوق هو (( الكمش )) الشراء على العمية دون ان تعرف ماذا تبتاع، والميزان موضوع في مكان خفي لا تعرف هل ابتعت رطلا ام اقل وهل دفعت مقابل وزن حقيقي أم لا.
وتلقيت مكالمة هاتفية أخرى من تاجر مواشي من العيار الثقيل وقال لي انني محق ان انخفاضا قد وقع في اسعار العجول الحية وهذا يستدعي انخفاضا في اسعار كيلو غرام لحمة العجل في محلات بيع اللحوم الا ان الامر يتطلب تدخلا من الجهات الرسمية التي تراقب الاسعار، ويجب ان تتواصل مع تجار المواشي الذين يوردون للسوق لنزودهم بالاسعار الحقيقية ليمارسوا صلاحياتهم.
وفي اللقاء الاسبوعي الذي يتبع صلاة الجمعة كان لسان حال الناس عن السلوك العام في الحياة اليومية وغياب القدوة الحسنة التي تعزز السلوك الايجابي وكل شئ مباح، حتى ان خبيرا اقتصاديا قال لي : حتى في ظل اقتصاد السوق هناك تدخلات حكومية واجبة لتحقيق العدالة والحالة المثالية توازن العرض والطلب، بالتالي يجب ان يكون الموردون نزيهين وشفافين، وأن يكون المستهلك صانب الطلب واعيا لحقوقه قادرا على ممارسة حقه في الاختيار والاسترجاع والاستبدال والمعرفة لمكونات ما يبتاعه.
لعل منبر مسجدنا في حي عين منجد مارس دوره بوعي وجعل المصلين يتفاعلون ويناقشون ما بعد انقضاء الصلاة ، وهذه مقدمة مهمة لممارسة المسجد لدوره والتصدي لقضايا حياتية حيوية مهمة تساعد المصلين متلقي الخطبة أن يكونوا عناصر ايجابية في المجتمع، وهذا الدور يمتد للمؤسسة التربوية – التعليمية، ولوسائل الاعلام، ولمواقع التواصل الاجتماعي والصفحات المسؤولة والواعية.