في رد على طلبات طوني بلير، قال موسى ابو مرزوق القيادي البارز في حركة حماس، أن بلير أرسل رسائل عبر الأثير، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، و مبعوث اللجنة الرباعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط حالياً لحركة حماس، أثناء زيارته في الأيام الأخيرة لغزة، تناولت عدة قضايا ليس من بينها ما كان يطرحه، واعترافه بخطئه لاحقاً عبر تصريحاته في يناير 2009 ، والتي أوضح من خلالها في حينه اعترافه بمركزية حماس في عملية الصراع والسلام، ولم يتحدث حينها عن شروط الرباعية الثلاثة، الاعتراف بـ(إسرائيل)،نبذ العنف،الاعتراف بما تم توقيعه فلسطينياً، وإنما تحدث عن ما أسماه حينها شروط مناسبة، في أثناء عمله كرئيس وزراء بريطانيا، ألا وهو:
1- الاعتراف بـ(إسرائيل).
2- نبذ العنف.
3- الاعتراف بما تم توقيعه فلسطينياً.
اليوم يتحدث مرة ثانية، باسم المجتمع الدولي، واضعاً سلاح المقاطعة، والحصار، وتجفيف المنابع، جانباً، ليستخدم المأساة التي اقترفها العدو الصهيوني، بتدمير بيوت أهل غزة، وتركهم وأطفالهم في العراء، بل أصبحت بيوتهم مزارات لأمثال السيد توني بلير، فلا إعادة إعمار ولا تحسين لمستوى المعيشة إلا بشروط، وما هي هذه الشروط:
1- المصالحة.
2- القبول ببرنامج سياسي فلسطيني قاعدته دولة فلسطينية في حدود 67.
3- تأكيد بأن الحركة هي حركة فلسطينية لتحقيق أهداف فلسطينية وليست جزءاً من حركة إسلامية ذات أبعاد إقليمية.
4- القبول بأن حل الدولتين نهائي للصراع وليس مؤقتاً.
5- رسالة طمأنة لمصر بأنها – أي حماس- ليست قاعدة للإرهاب في سيناء، وأنه سيكون هناك تفاوضاً مع الحكومة المصرية لمنعه.
هذه هي شروط قبول المجتمع الدولي، لحركة حماس، الذي يتحدث نيابة عنه السيد توني بلير، وكذلك الشروط للإعمار، وتحسين مستوى معيشة أبناء قطاع غزة، وهذه الشروط ليس معناها أن يتعامل معها العدو الصهيوني، ولذا لم يضع ولو شرطاً واحداً على (إسرائيل).
وأريد أن أذكر، أن شروط الرباعية التي ضغط بلير ورفاقه في الرباعية لتحقيقها، ثم اعترف فيما بعد بخطئه، لفرض تلك الشروط على حركة انتخبها الشعب الفلسطيني، ليس حباً بحماس ولكن لترك حماس تدير شئون الشعب الفلسطيني دون مساعدته ورفاقه في الرباعية، فتفشل وليس إقصائها من قِبل الرباعية و(إسرائيل)، وأستطيع أن أقول بأن الشروط التي تم وضعها، كانت اتفاقية مكة بصورة أو بأخرى كافية لتجاوزها، ولكنهم وضعوا الشروط لاستكمال دفع قضيتنا العادلة ووحدتنا الوطنية للهاوية. وتجربة الفصائل الفلسطينية مع الغرب وتحديداً الولايات المتحدة في المواقف السياسية ومآلاتها واضحة وحتى اللحظة لم ترفع الولايات المتحدة م. ت. ف. عن قائمة الإرهاب.
نعود إلى شروط توني بلير: ونتحدث عنها واحدة واحدة لنرى:
1- المصالحة الفلسطينية، وقد تم إنجازها، ولا أدري ما هو المطلوب أكثر من حركة حماس، ها هي الاتفاقية التي تم التوقيع عليها ونحن مع تنفيذ كل بند تم التوقيع عليه وبدون استثناء.
2- دولة فلسطينية في حدود 67، وهل المشكلة عند الفلسطينيين في هذه القضية تحديداً، أعتقد أن المشكلة ليست عندنا، ولكن عند الجانب الآخر ويجب أن يوجه توني بلير حديثه (لإسرائيل) هل تقبل بدولة فلسطينية في حدود 67 والقدس عاصمة لفلسطين؟ هل يقبلون ترك المستوطنات وترك الاستيلاء على أراضي الضفة؟ أم لازالت اهتماماتكم تتجاوز الضفة الغربية لابتلاعها وفرض سياسة الأمر الواقع عليها.
3- أما التأكيد بأن حماس هي حركة فلسطينية، تعمل لتحقيق الأهداف الفلسطينية، وليست جزءاً من حركة إسلامية ذات أبعاد إقليمية، -هو يقصد هنا جماعة الإخوان المسلمين العالمية-، فنحن نعلم أن الكثيرين يتخذون من هذه العبارة ذريعة أكثر منها حقيقة للأسباب الآتية:
أ. أن كل حركة إسلامية قياداتها محلية، وبنت بيئتها ومشهدها السياسي، ولذلك تجد سياسة في اليمن غير المغرب، وسياسة في مصر مغايرة لتونس، وليس هناك من جامع يجمع تلك السياسات المتغايرة والمتناقضة.
ب. رغم تباين الأنظمة في المنطقة، إلا أن الحركات الإسلامية كلها مشاركة بصورة أو بأخرى بالنظم السياسية لبلادها، فمثلاً هناك نظام ملكي، وهناك نظام جمهوري، وهناك نظام برلماني، وهناك نظام مختلط وهكذا.
ج. هذا الادعاء بان هناك حركة إسلامية ذات أبعاد إقليمية، بحاجة لحقيقة تدل على هذا الافتراض مثل خطة وبرنامج وسياسات، فأين هي تلك الخطة والبرنامج والسياسات.
أما موضوع فلسطينية الحركة فنحن:
أ. حركة تحرر فلسطينية بحاجة، إلى كل من يساعدنا، من دول وحركات، وليس من مصلحتنا ولا من برنامجنا، معاداة أي طرف مهما كان الاختلاف في الأيدلوجية أو في السياسات، ومساحة عملنا المقاوم فلسطين، ولم نمارس أي عملية خارج فلسطين حتى ولو كانت رداً على اعتداء، كما حدث في حالات الاغتيال لقيادات وكوادر من الحركة عبر العقود الثلاثة الماضية.
ب. قاعدة برنامج حماس؛ المقاومة ومواجهة الاحتلال، والحركات الأخرى حركات قاعدتها، وبرنامجها الأساس، برنامج إصلاحي، فلا يمكن أن نقارن بين هذين البرنامجين.
ج. تحالفاتنا وعملنا السياسي مساحته الساحة الفلسطينية، وقواها السياسية، فتم تشكيل تحالف الفصائل العشر، وتحالف القوى الفلسطينية، ودخلنا الانتخابات ملتزمين بالقانون الأساسي الفلسطيني. وتم الاعتراف من قبلنا بِ م. ت. ف ونعمل على دخولها والاندماج ببرنامج سياسي متفق عليه.
4- القبول بأن حل الدولتين نهاية للصراع وليس شيئاً مؤقتاً، بالتأكيد يعلم توني بلير بأن أي اتفاقيات ظالمة لا يمكن أن يكتب لها الحياة، وأي اتفاقيات تفرضها موازين القوى الحالية لا يمكن أن تبقى عند تغيير موازين القوة، ويعلم أيضاً أن الآمال والطموحات والهوية والارتباط بالأرض والمعتقد لا يمكن أن تُزيلها أو تُغيرها توقيع زعيم أو موافقة فصيل، وحركة حماس حركة لن ترضى بالظلم، حتى وإن تعايشت معه مرحلة من المراحل، ولن تقبل أن توقع على مصادرة حقوق وآمال شعبنا الفلسطيني. إلى ذلك لماذا نطالب (إسرائيل) بإعطاء الفلسطينيين حقوقهم في وطنهم، وتطبيق قرار الأمم المتحدة بإعادة اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم وممتلكاتهم، ثم نطالب حماس فقط وليس فتح والشعبية والديمقراطية والجهاد وباقي الفصائل الفلسطينية، بالتنازل عن حقوق شعبنا، وبشكل نهائي.
5- مصر بالنسبة لنا ليست مجرد دولة جارة، وأمنها واستقرارها ووحدة أراضيها، مصلحة فلسطينية مطلقة وقوتها قوة للشعب الفلسطيني، ولا أحد من بين العرب بحاجة لمصر على هذه الصورة، مثل الفلسطينيين، وخاصة سكان قطاع غزة، ولا يمكن أن يكون القطاع مكاناً لإيذاء مصر، أو وقوع ضرر لها، ولم نهمل أي اتصال أو لم نتعامل معه بجدية ومسؤولية خاصة حينما يتعلق الأمر بأمن مصر، وقطعاً لن تكون غزة مرتعاً للإرهاب أو موطناً لأية حركات مصرية أو غيرها.
أما العلاقة فهي بين طرفين، ويجب أن يقرر هذه العلاقة الطرفان، فكيف الأمر وهناك حملة إعلامية وقانونية على حماس، عبر إدعاءات بإسناد الأعمال الإرهابية ومواجهة الجيش والشرطة لها، وجميعها افتراءات ظلماً وعدواناً، وليس لنا حق الدفاع عن النفس، أو حتى التواصل مع القوى السياسية لإبداء وجهة نظرنا، ورغم ذلك فسياستنا في حماس هي حفظ أمن مصر واستقرارها، وعدم التدخل في شئوونها الداخلية، والحفاظ على استقرار وحدتها، وهذا أمر مسلم به عند حماس ولا نقاش فيه.