«سيناريوهات الرعب».. إسرائيل تستعدّ لما بعد أوباما وعباس

thumb
حجم الخط

نشر موقع «والا» الإخباري الإسرائيلي تقريراً عمّا وصفه باستعدادات المؤسسة الأمنية في الدولة العبرية لـ «سيناريوهات الرعب» بعد ولايتي الرئيسين الأميركي باراك أوباما والفلسطيني محمود عباس. وتخشى إسرائيل على وجه الخصوص من الإرث الذي يتركه أوباما، الذي أشار في خطابه في الأمم المتحدة إلى أنّ على إسرائيل أن تفهم أنه لا يُمكنها مواصلة الاحتلال إلى الأبد.
وكان مُعلّقون إسرائيليون قد أشاروا إلى أن السياسة التي ترسّخت في عهد بنيامين نتنياهو وأبو مازن تقود إلى تحويل الصراع إلى ديني بدلاً من كونه سياسياً. وأشار موقع «والا» إلى أنه فيما تحتدم المعركة الانتخابية للرئاسة الأميركية، تستعدّ إسرائيل للمرحلة التي تعقبها والتي تعدّها المؤسسة العسكرية الإسرائيلية «فائقة الحساسية» من الناحيتين الأمنية والسياسية في الضفة الغربية. وأوضح أن القيادتين السياسية والعسكرية الإسرائيليتين تستعدّان لمواجهة سيناريوهات محتملة عديدة بين شهري تشرين الأول وكانون الثاني المُقبلين، التي يُمكن فيها أن يناقش مجلس الأمن الدولي مطالب السلطة الفلسطينية بشأن المستوطنات، فيما لا تزال الولايات المتحدة ترفض إبداء موقف واضح بهذا الشأن.
وحسب التقديرات، فإنه في وضع متطرّف، قد يمتنع الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما، عن استخدام حقّ النقض (الفيتو) على قرار بهذا الشأن، وربما يفرض على إسرائيل الشروع بمفاوضات مع السلطة الفلسطينية. وتلحظ السلطة الفلسطينية، في الآونة الأخيرة، قوة للتغيير في سياسة البيت الأبيض في هذا الشأن، على خلفية خطاب الرئيس أوباما في الأمم المتحدة، الذي ألمح فيه إلى نيّته معالجة مسألة المستوطنات. وفي هذه المرحلة، ينشغلون في المؤسسة الأمنية بتحليل الواقع السياسي في الضفة الغربية، الذي قد يتأثر بخطوة من هذا النوع، وفي محاولة تقدير أرجحية الخطوات التي قد تتّخذها أميركا.
ومعروف أن الواقع الأمني حساس جداً حتى في الفترة الحالية. وهناك تقديرات لدى المؤسسة العسكرية تُشير إلى أنه على الورق تفوز «حماس» على «فتح» في كل ما يتّصل بتعاطف الجمهور الفلسطيني منذ فترة طويلة، وتأجيل الانتخابات في السلطة ليس سوى إشارة واضحة إلى مخاوف رئيس السلطة أبو مازن من سيطرة «حماس» على مراكز القوة في الضفة الغربية.
ويواصل موقع «والا» الإشارة إلى إدراك المؤسسة العسكرية أن الجمهور الفلسطيني يتساءل، في الآونة الأخيرة، بشكل متواصل عمّا أفلح الرئيس أبو مازن في تحقيقه طوال فترة ولايته، عدا الافتخار برفع العلم الفلسطيني في مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك. ويفهم الفلسطينيون أن الخطابات الاحتفالية التي يلقيها الرئيس عباس لا تجد ترجمة فعلية لها تتمثّل في تحسين الوضع الاقتصادي، وأن المراسم والطقوس لا تمنح سوى فرحة موقتة فقط. وفضلاً عن ذلك، فإن ثمار الاتفاقات التي وقّعتها إسرائيل، أخيراً، مع السلطة الفلسطينية، في مجال شبكات الهاتف والبنية التحتية للكهرباء والبريد، لن تظهر لهم في المستقبل القريب.
وبموازاة ذلك، يُحاولون في إسرائيل كسر الدائرة التي نشأت في الواقع الفلسطيني في الضفة الغربية عبر الأذونات ومشاريع مختلفة. وهناك 11 مشروعاً اقتصادياً في الضفة الغربية قد تنال قريباً إذن المستوى السياسي، الأمر الذي سيقود إلى تحسّن الوضع التشغيلي للفلسطينيين وجودة حياتهم. وفضلاً عن ذلك، وصل عدد العمال الفلسطينيين الذين يدخلون للعمل في إسرائيل، أخيراً، إلى 72 ألفاً، وهو رقم قياسي منذ عام 2000. ومع حجم العمال هذا، هناك من يعملون في المستوطنات ما يجعل العدد الإجمالي يصل إلى مئة ألف عامل، وربما ستُمنح أذونات عمل أخرى.
ويجري حالياً عمل أركاني يقضي بالسماح بإدخال عدد قليل من العمال من غزة للعمل في إسرائيل.
وعلى الرغم من الجهد المُشترك في المجالين السياسي والأمني لتهدئة الوضع على الأرض، هناك جهات في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تُبدي تقديراً بأن موجة العمليات التي انفجرت في نهاية العام الماضي، لن تنتهي قريباً كما يبدو، ومن الجائز أن موجات مُشابهة ستظلّ تحدث في السنوات العشر المقبلة. ومن جهة أخرى، فإن تحسناً كبيراً حدث في العام الماضي في التعامل الاستخباري والعملياتي مع ظاهرة «المُخرّبين المنفردين» كما تُسميهم أجهزة الدعاية الإسرائيلية، كما تحسّن التنسيق الأمني بين أجهزة الأمن الفلسطينية على الرغم من تهديدات القادة بقطعه. وفي المقابل، فإن الحرم القدسي يُواصل إشعال النزاع، والاحتكاك بين المستوطنين والفلسطينيين في الضفة، وقت جمع الزيتون، وفي فترة الأعياد اليهودية والمسيحية، فإن الواقع الأمني غداً أشدّ حساسية ويستدعي اليقظة.
كما أن الوضع في قطاع غزة غير مريح. وتخشى المؤسسة العسكرية الإسرائيلية من حالة عدم استقرار هناك. فالضائقة التي تعيشها «حماس» تتعاظم خصوصاً على خلفية تأجيل الانتخابات ونسبة البطالة والفقر المتزايدة في القطاع. كما أن إعادة إعمار ما دمّرته حرب «الجرف الصامد» تتقدّم ببطء كبير بسبب عدم وفاء الدول المانحة بالتزاماتها. ولكن «حماس» ليست منشغلة فقط في تحريك عجلة الاقتصاد الراكدة، بل أيضاً بصدّ محاولات جهات متمرّدة في القطاع وإحباط نشاطاتها. كما أن مسألة من يخلف خالد مشعل في منصب رئيس المكتب السياسي لـ «حماس»، تشغل جداً هذه المنظمة. وفي هذه المرحلة أُثيرت في المؤسسة الإسرائيلية أسماء مرشّحة لخلافة مشعل بينها موسى أبو مرزوق وإسماعيل هنية ويحيى السنوار، وهناك آخرون غيرهم.
ومع ذلك، تؤمن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن الأسماء البارزة والزعماء المحبوبين ليسوا قدراً، وأن هناك زعماء جدداً بعضهم يعملون بنشاط من خلف الكواليس، وأحدهم هو روحي مشتهى، وهو من قادة «حماس» في غزة. وعلى هذه الخلفية، فإن قطاع غزة ينال اهتماماً كبيراً من جانب أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، أيضاً، بسبب الخطر الذي يُمثّله القطاع على مستوطنات الجنوب، وبسبب محاولات «حماس» الدفع نحو معركة جديدة في الضفة ضدّ إسرائيل.