في كلمته التي ألقاها أمام مجلس الأمن الدولي، وعرض خلالها الواقع الحالي في المناطق المحتلة، وذلك خلال مناقشة لموضوع المستوطنات بمشاركة كافة الدول الـ ١٥ أعضاء مجلس الأمن، أكد حجاي العاد، مدير عام بيتسيلم، انه وبعد نصف قرن من السيطرة العسكرية الإاسرائيلية، على المناطق المحتلة، يتعمق الاستيطان وهو عامل من أهم العوامل في الانتهاك اليومي لحقوق الإنسان الفلسطيني، ولا يزال الاستيطان يتوسع، ليجعل من الاحتلال واقعاً.
وقال العاد: «خمسون عاماً من الاحتلال «المؤقت» هي مدة طويلة جداً، بحيث لن تجدوا شخصاً واحداً على وجه الأرض، يقبل مثل هذا التناقض في المصطلحات». مشيرا الى أن مسؤولية إنهاء الاحتلال وانتهاك حقوق الإنسان، الناجمة عنه، تقع على عاتق إسرائيل، ولكن الواقع القائم في المناطق المحتلة لن يتغير طالما ظل المجتمع الدولي واقفاً موقف المتفرج.
خطاب حجاي العاد، كان واضحاً وصريحاً للغاية، ومثل موقفاً متقدماً، حتى على بعض المواقف العربية، للأسف الشديد.. كما مثل خطاب حجاي، استمراراً لنهج مؤسسة بيتسيلم ومواقفها منذ قيامها وتأسيسها.
كان من الطبيعي والحالة هذه، ان يستفز خطاب حجاي، الحكومة الإسرائيلية الاستيطانية أولاً، من رئيسها نتنياهو، حتى أعضائها كافة، لدرجة طالب فيها وزير السياحة الإسرائيلي، ياريف لفين، النظام القضائي في إسرائيل بالعمل ضد «منظمة اليسار المتطرفة بيتسيلم» حيث هاجم هذا الوزير، في مقابلة له، مع القناة السابعة مشاركة مدير هذه المنظمة في نقاش الأمم المتحدة، قائلاً: «لا يوجد دولة في العالم، تقبل تصرفا كهذا، يأتي من مواطن في الدولة، يتجول في العالم، ويطالب بالعمل ضد الدولة التي يحمل جنسيتها .. هذه خيانة!!
ولعل في هذا الكلام، مغالطات عديدة عميقة الدلالات، وتدل على العمى والحماقة، التي حملتها تصريحات هذا الوزير، وأبرزها، تناسي القانون الدولي، والأعراف الدولية، خاصة ما يتعلق بالاحتلال.
يرى هذا الوزير، من خلال منظاره اليميني المتطرف معتبراً المناطق المحتلة، أرضا إسرائيلية، ولا يرى في الكلام القانوني سوى خيانة للدولة، وهي دولة معتدية ومحتلة وظالمة.
ولم تقف تصريحات هذا الوزير، عند هذا الحد، بل وأكد، انه حان وقت اتخاذ إجراءات قانونية، لمعاقبة من يعملون ضد إسرائيل، من قبل النظام القضائي .. هناك بنود واضحة في قانون العقوبات .. خيانة ومساعدة العدو، ويجب تطبيق تلك القوانين، ومكان هؤلاء الذين يعملون ضد إسرائيل هو السجن!! وبذلك، يصبح الخلاف والاختلاف، خيانة يجب ان يعاقب عليها القانون.
ما أوضحته بيتسيلم، بشأن الهجمة الاستيطانية العدوانية العنصرية عليها، كان واضحا للغاية .. هي منظمة قانونية، شفافة ومسؤولة، ولها مكانتها الدولية، ولا تخشى من شيء، خاصة من التصريحات العنترية، التي جاءت من نتنياهو، وبعض وزرائه.. وتستمر بعملها، صحيح أن ثمة إجراءات ستتخذ بحقها، لكن هناك الكثير من الوسائل الكفيلة، لفضح مضمون تلك الإجراءات وعدم قانونيتها.
هناك سجل ناصع وعادل، لمؤسسة بيتسيلم، سجل عريق يعتز به القانونيون من إسرائيليين وعرب، ولها دور بطولي وعلمي وقانوني عريق، ما يحمي هذه المؤسسة ويصونها من كل إجراء جائر.
بيتسيلم، لا تخالف القوانين المرعية، خاصة قواعد القانون الدولي والإنساني، وهي قاعدة بما تتمتع به من قانونية وشفافية، ودور، أن تحمي نفسها، وتصون نشاطاتها، الآن، وفي المستقبل على حد سواء.
كشف خطاب مدير عام بيتسيلم، وكذلك ردود الفعل الغاضبة، التي جاءت من رئيس الوزراء نتنياهو، ووزرائه، كشفت الجوهر العنصري - الاستيطاني الإسرائيلي، الذي تتمتع به هذه المحكمة، ومدى مخالفتها للقانون الدولي - الإنساني، أحسن كشف وعلى نحو لا يقبل التأويل.