"الشاباك" يعذّب المعتقلين ويمنعهم من لقاء الأطباء !

191a
حجم الخط

رفضت مديرية مصلحة السجون، السنة الأخيرة، السماح للسجناء الأمنيين الذين ادعوا أنهم عُذبوا في التحقيق معهم في قبل «الشاباك» من اللقاء مع الاطباء الخارجيين من اجل كتابة استشارة يستخدمها السجناء في الاجراءات القانونية.
تدعي مصلحة السجون أن كل أسير ومعتقل قدم شكوى في هذا الامر – حسب السياسة الرسمية – سيحصل على لقاء مع الطبيب.
وقد نفت أنه حدث تغيير على السياسة، وأضافت إن هذا الموضوع سيتم فحصه.
مع ذلك، فان المعطيات التي جمعتها لجنة مناهضة التعذيب تناقض ادعاءات مصلحة السجون.  وحسب اللجنة التي مثلت عددا من السجناء والمعتقلين الذين ادعوا أنهم تم تعذيبهم أثناء التحقيق، رفضت مصلحة السجون في هذه السنة ثلاثة طلبات لأسرى قدموا شكاوى وطلبوا أن يقوم الطبيب بفحصهم، قياسا مع السنوات 2013 – 2014، حيث تمت خمسة فحوصات طبية كهذه. وفي العام 2015 قدمت اللجنة طلبين من هذا النوع، وتمت الموافقة على واحد فقط.
وفي إحدى الحالات التي تمت في هذه السنة تراجعت مصلحة السجون في مرحلة متأخرة عن رفضها، لكن اللقاء بين الطبيب والأسير لم يتم بعد.
ش. الذي اعتقل في الضفة في 2014 بتهمة تنفيذ مخالفة أمنية، هو أحد الأسرى الذين رُفض طلبهم. بعد اعتقاله تم التحقيق معه في «الشاباك»، وحسب زعمه فقد تعرض للتعذيب. وبعد انتقاله من التحقيق في «الشاباك» الى سجن مجدو، قدم ش. شكوى بوساطة محاميه إلى مراقب شكاوى المعتقلين، وهي وحدة في وزارة العدل المسؤولة عن استيضاح الشكاوى ضد «الشاباك».
ومثل مشبوهين فلسطينيين آخرين تعرضوا للتحقيق في «الشاباك» – حيث يتم استخدام وسائل تحقيق غير تقليدية، هي تعذيب عمليا – فقد وجد ش. نفسه في مشكلة مع مراقب شكاوى المعتقلين: لأن التحقيق غير موثق. فالحديث يدور عن روايته مقابل رواية «الشاباك». ومن أجل تقديم الأدلة حول تعذيبه، توجه محامو ش. إلى ادارة مصلحة السجون وطلبوا السماح لطبيب نفسي بفحصه.
تقرير فحص طبي كهذا قد يشكل دليلا حقيقيا حول الشكوى، وقد أعلن سجن مجدو أنه سيسمح لـ ش. بلقاء الطبيب.
وقد تم تحديد موعد الفحص في 3 أيلول 2015. وقبل الموعد بيومين، وصلت رسالة من ضابط الأسرى في السجن أبلغ فيها ش. أنه تم تحديد نقاش في المحكمة في التاريخ ذاته. «أطلب تحديد موعد آخر من اجل الفحص والتنسيق معي»، كتب الضابط.
بعد إلغاء الفحص تم نقل ش. إلى سجن رامون. وهناك رفض السجانون السماح للاطباء بزيارته. وفي تشرين الثاني 2015 توجه محاموه إلى موقع السجن الجديد وطلبوا إعادة التنسيق من أجل موعد الفحص.
وفي الشهر ذاته حصلوا على رد ضابطة الأسرى في رامون الذي جاء فيه: «استمراراً لتوجهك حول زيارة طبيب الأعصاب والطبيب النفسي من اجل فحص خارجي لمرة واحدة، وبعد فحص معمق، تم رفض زيارتهم».  وحتى الآن لم يلتق ش. مع الطبيب، وسبب ذلك أنه في سجن رامون خلافا لسجن مجدو يرفضون السماح لـ ش بلقاء الطبيب من اجل الفحص.
في مصلحة السجون يزعمون أن كل من يقدم شكوى لمراقب الشكاوى ضد «الشاباك» تتم الموافقة على رؤيته للطبيب، واذا كان هناك سجناء لم يحصلوا على ذلك فالسبب هو عدم تقديمهم للشكوى، أو أن «الشاباك» لا يعرف عن وجود شكوى كهذه. إلا أن الفلسطينيين الاربعة الذين لم يحصلوا على تصريح للقاء الطبيب في العامين الاخيرين، قدموا جميعهم شكاوى. وفي التحادث بين لجنة مناهضة التعذيب وبين مصلحة السجون قيل إن الفحص هو من اجل «الإجراءات القانونية».
«منذ العام 2001 تم تقديم أكثر من ألف شكوى حول التعذيب في «الشاباك»، وحتى الآن لا يوجد أي تحقيق جنائي واحد»، قالت المحامية أفرات برغمان سبير من لجنة مناهضة التعذيب.  «الحاجة إلى الاستشارة الطبية النفسية هي قبل كل شيء جزء من الحق الدستوري لمقدم الشكوى من اجل إنصافهم.
وهذه الحالة تتضح أكثر في الشكاوى ضد التعذيب، حيث لا توجد أدلة، ولا يتم توثيق التحقيق، وفي أحيان كثيرة تكون كلمة مقدم الشكوى مقابل كلمة المحقق في الشاباك».
قالت وزارة العدل في ردها إنه لا توجد لديها معطيات شاملة حول سلوك مراقب الشكاوى ضد «الشاباك»، لكنها أكدت أنه في السنة الماضية على الأقل، الشكاوى الـ 56 التي تم تقديمها لمراقب الشكاوى ضد «الشاباك» لم تكن بحاجة إلى فتح تحقيق جنائي فيها. في رسائل الرفض التي ترسلها مصلحة السجون ردا على طلبات اللقاء مع طبيب، يتم الحديث باختصار دون توضيح سبب الرفض.
مثلا في رسالة تم إرسالها في شباط الماضي بخصوص أسير زعم أنه تم تعذيبه ورد أن سبب رفض الطلب هو أن طلب الزيارة لا يلائم أوامر مصلحة السجون. «بعد فحص كل الجوانب لا يمكن السماح بالزيارة نظراً لأنه لا تتوفر في الطلب شروط مصلحة السجون»، جاء في الرسالة.
ش. ليس وحده الذي يشير إلى الاشكالية في طريقة اتخاذ القرارات حول لقاء الاطباء. أحد الشبان الذي اعتقل أثناء عملية «عودوا أيها الاخوة» في الضفة الغربية، والذي تم تعذيبه في التحقيق في «الشاباك»، قام بتقديم شكوى بعد التحقيق لمراقب الشكاوى وطلب الالتقاء بطبيب. «تم نقل طلبك للجهات المختصة، وقد قررت عدم الموافقة عليه»، كما جاء من مصلحة السجون. إلا أنه بعد أن قام الأسير بتقديم شكوى للمحكمة في الشؤون الادارية، تراجعت مصلحة السجون ووافقت على لقائه بالطبيب.
أحيانا تكون الفترة الزمنية التي تمر حتى الحصول على إذن الالتقاء بالطبيب تلحق الضرر بقدرة السجين على احضار الدلائل. «مبدئيا نحن نقوم بالتشاور مع مهنيين اثنين – طبيب نفسي وطبيب عام. ونحصل من الشخص على القصة ونقوم بفحصه طبيا ونفسيا، لمعرفة اذا كانت هناك علامات تدل على التعذيب – النُدب. وكذلك الكثير من المؤشرات النفسية».
قال للصحيفة طبيب رفيع المستوى حصل في السابق على التصاريح الطبية لفحص السجناء الأمنيين الفلسطينيين الذين يزعمون أنه تم تعذيبهم، وكذلك اللاجئين المعتقلين في اسرائيل بعد أن تم تعذيبهم في الطريق من افريقيا الى اسرائيل. «كلما كنا قريبين من الحدث الذي يشتكي منه الأسير كانت هناك علامات أكثر. ومع ذلك، احيانا توجد نُدب بعد اشهر طويلة. وهناك الكثير من الاشياء التي نتمكن من خلالها من معرفة اذا كانت القصة واقعية».
وحسب أقوال الطبيب «في احيان كثيرة لا تبقى علامات. وهناك اشخاص يتضررون بشكل دائم، لكنهم يحاولون منع ذلك بالطبع. ومن الناحية الجسدية في حالات كثيرة لا نجد علامات دائمة». وقد جاء من مصلحة السجون الرد التالي: «من حيث المبدأ، مصلحة السجون تسمح بزيارة الطبيب الخارجي عند تقديم شكوى لمراقب الشكاوى ضد الشاباك. وسيتم فحص هذا الأمر».