لا تخلو جلسة اجتماعية الا ويكون سيد الموضوع (( رثاء الحال وجلد الذات والقسوة على كل شئ )) حتى ان البعض بات لا يرى شيئا جميلا أو لا يستطيع ان يتخيل أن يوما آخر قادم أو أن هناك مستقبلا، ويكون شيخ الجلسة دائما "ابو العريف" الذي يحسن تقديم نفسه بانه مطل يعرف خبايا الامور فهو خبير في تبيض الاموال، وفي قضايا التزوير، وقضايا سلوكيات خلفها ما خلفها، وتزوير شهادات، وبالتالي يستعين بايهام الحضور انه يعرف من خلال علاقاته، وفي نهاية الامر تجده في وقت الدوام الرسمي يتسكع في الشوارع وفي لحظات حاسمة يختفي ويتذرع بمليون عذر لينسحب ويختفي.
وهناك اشخاص يمارسون دور السذاجة، فيصدقون كل ما يقال حولهم وينقلونه على قاعدة السذاجة، ويقال انا ما الي علاقة اسمعتهم بحكوا، فيشوه سمعة ويخلق حالة من الارباك على اساس انه ساذج.
وهناك من يبحثون عن رأس خيط ليبنوا ويؤسسوا عليه اشاعات واساءات واستهداف لآشخاص وتجمعات بعينها، ويصبحون بوقا لقصة مفبركة مضللة يعرفون انها كذلك.
هذا الواقع السلبي بات ظاهرة تتسع بصورة قد تقود الى مشاكل اجتماعية وتطال سمعة اطباء وتطال مهنة الهندسة وتطال قطاع الادوية خصوصا عندما يقال بشكل عشوائي ذما وقدحا بجدوى الادوية الموردة من هذه البلد أو تلك دون اهتمام لوجود السذج أو الانتهازيين في هذه الجلسة أو تلك، وهذا الواقع يطال السمعة والانجاز والمبادرة.
قد تعتبر تلك الظاهرة ليست ذات اهمية وهي مؤقتة ولكن حقيقة الأمر ان لها اثارا سلبية وقد تكون مدمرة اذا ما اتسعت، فيصبح من حق رواد هذه الظاهرة ومهندسيها ومفبركيها أن يشككوا بمستوى التعليم الجامعي في فلسطين ويسوقون حديثا بلا مضمون ويصدق من يستمع ، ويصبح المطلوب من عتاولة الاكاديمين أن يدافعوا عن حديث لا قيمة علمية له. وقد يطال الامر الصناعة والانتاج الزراعي الفلسطيني ويصبح مطلوبا منه ايضا ان يدافع عن تشهير وسب وشتم من نتائج هذا الهمس واللمز. وسيطال الامر مصداقية بوالص التأمين لأن هامسا يعرض تجربة مكوناتها لا ترتقي لمستوى المشكلة فهو يريد من التأمين ان يعوضه بالمبلغ الذي يريد وبالشكل الذي يريد لو انه مخالف لكل شروط بوليصة التأمين.
وتطال تلك الظاهرة تلويحا بالذهاب صوب التفرد بالصواب ومحاربة كل المجتمع فقط من قاعدة "عنزة ولو طارت" فهؤلاء يشيعون أن القدس المحتلة بالامكان التغلب على كل المعيقات بخصوصها لو تم تمويل مشروع اسكان بعينه وتم دفع رسوم رخصة بناء بعينها ولو تم الاعانة في تغطية تكاليف الارنونا لحالة بعينها، والقدس بخير لو لم يتدخلوا بقضية بعينها لأن التدخل هنا جاء على شكل مساءلة ومحاسبة للجهات التي تصدر الاشاعات والهمز واللمز.
معظم اصحاب هذا النهج يختمون الاشاعات والتدمير الذاتي بعبارة لو انهم تولوا المسؤولية بدلا من فلان وعلان لما كان الوضع كما هو الان، والمصيبة انهم يقولون عندما كنا وتلك الفترة لم تكن ذهبية ولم تكن وردية ولكنهم يراهنون على الذاكرة القصيرة للبعض.
ولا نفترض ان هذه الاشاعات والحديث الذي يستهدف الاخلال بكل شئ ليس لها مسببات بل لها ما يدفعها لتصبح ظاهرة:
غياب التواصل الواضح من قبل جهات الاختصاص بالرسالة الاعلامية وضخ المعلومات حيث يعتبر رئيس تلك البلدية ان ما نشر على موقع التواصل الاجتماعي لبلديته كاف تماما ومن يناقش هو يستهدف اثارة البلبلة، ولا يستطيع أن يرى أن الرسالة لم تصل الصورة ليست واضحة وهناك استفسارات محددة يجب الاجابة عليها لابناء هذه المدينة أو تلك البلدة، وينسحب هذا الامر على مؤسسات القطاع العام والقطاع الخاص والمؤسسات العامة والجامعات وهيئات الحكم المحلي وغيرها.
غياب تواصل الشخصيات العامة والمؤثرة في النقاش المجتمعي واللقاءات المفتوحة واللقاءات المتخصصة، والبعض يقول : ما هو انت بتعرف، والبعض يقول: ما هي مؤسسات العمل الاجتماعي بتعرف توجهاتنا، ولكم الحاج ابو خليل بدو يعرف ومربي الثروة الحيوانية في الاغوار حابب يعرف، والذي يواجه انتهاكات الاحتلال والاستيطان يوميا يريد ان يعرف.
المشكلة ان هناك افراطا في التصريحات حول كل قضية وموضوع بصورة تفقدها الاهمية ويصبح التعليق السلبي سيد الموقف نتيجة للتكار وعندما يأتي المحك الحقيقي تجد ان الفعل والتصدي للتحدي يغيب وهنا تقع المصيبة، واذا حجب بيان صحافي من هذا النوع يصبح صاحبه مستهدف في مجال حرية الرأي والتعبير رغم ان ما حدث اعتماد معايير اعلامية دقيقة واعتماد تقييم المتلقي من هذه الوسيلة الاعلامية او تلك.
هناك تعميم وعدم تخصيص في تقديم المعلومات وبالتالي تصبح جميع الطرق "طرق موت" وبالتالي هناك قصور، وفي حالة تم التخصيص بمعنى نحن نتعامل مع مقاطع خطرة وتم تحديد مصطلحها العلمي وآليات التعاطي معها، هنا تكون الرسالة اوضح ولا يستطيع اي كان ان يفترض ان الطرق كلها طرق موت.
غياب اشراك الفئات المستهدفة في عملية تفكير جماعي لكي تصبح المسألة تخص الجميع، الكل يتحدث عن ازمة مرور خانقة في رام الله والبيرة ونابلس وكفر عقب وجبع وحزما وفي ساعات الذروة ، لكن احدا لا يشرك الفئات المستهدفة بالتفكير والتفكير بحلول خلاقة، واحيانا تسقط حلول بمبالغ فلكية ويطوى الملف لحين الوصول لمبلغ ضخم بعد قرن من الزمان، ولا نتحدث عن حلول مؤقتة آنية تؤدي لتقليل الازمة بنسبة بسيطة.