كانت في الخامسة عشر من عمرها , عندما زوجها أهلها تاجرا ثريا يكبرها بأكثر من عشرين عاما , فهي تتمتع بجمال كبير , وجسم ممشوق يضج أنوثة , حتى يخالها الناظر إليها أنها في العشرينات من عمرها , واصبحت من خلاله الفتاة "أحلام" , محط أحلام كل شباب المدينة , وكثيرا ما جلبت لأهلها المشاكل , بسبب مغازلة ومعاكسة الشباب لها , لذا كان قرار الأهل تزويجها في هذه السن المبكرة , عندما تقدم لها الشاب أسامة البالغ من العمر 37 عاما , والذي يعمل تاجرا ناجحا , وفضل أن يكوّن ثروة كبيرة قبل أن يفكر في الزواج , لذا تأخر في البحث عن عروس وبناء أسرة , لكنها لفتت نظره وأثارت اعجابه بشكل كبير , عندما كانت تحضر إلى إحدى محلاته لاقتناء بعض الأكسسوارات التي كان يستوردها رخيصة من الصين , ويبيعها بأسعار غالية , سمحت له بتكوين ثروة كبيرة خلال سنوات قليلة , فقرر التقدم لأهلها لخطبتها , وكان قبولهم الفوري , لهذا العريس " اللقطة " , وتقرر الزواج سريعا.
كان عرسا أبهر الجميع في أكبر صالات الأفراح, تحدث فيه الجميع عن البذخ الذي رافقه .. كانت أحلام الفتاة الصغيرة مبهورة لما يجري لها, بعد أن سكنت فيلا فخمة مجهزة بكل الكماليات , وعاشت حياة سعيدة كما تحلم أي امرأة , وعلى الرغم من أن زوجها حرمها من تكملة تعليمها , حيث لم تحصل سوى على الشهادة الاعدادية , إلا أنها كانت راضية , نظرا لما يوفره لها زوجها من راحة كبيرة ... ففي عيد زواجهما الثالث , وبعد أن أنجبت أول أطفالها " وسام " , أهداها زوجها سيارة حديثة , وأحضر لها مدربة للسياقة إلى المنزل , حتى لا تذهب لمدرسة سياقة , أو يدربها مدرب سياقة , من غيرته عليها.
مضت سنين العمر , وأنجبت أحلام طفلة جميلة تشبهها تماما أسمتها ( حلا ) , وقرر الزوجان الاكتفاء بالطفلين , فهي لا تريد أن تفسد رشاقة جسدها بالحمل والولادة , ولا تريد لهذا الصدر المنتصب كرمانتين مزهرتين , أن يترهل من كثرة الرضاعة ... كبر وسام وحلا , وتخرجا من أفضل الجامعات الأجنبية , غير أن ما لم يكن في الحسبان وقع عندما أحب وسام صديقته الاميركية وزميلته في الدراسة , وقرر الزواج والاقامة في أميركا , رغم معارضة الوالدين , أما حلا التي كانت متفوقة في دراستها , فقد تحصلت على منحة لدراسة الطب في فرنسا , وبعد انهائها دراسة البكالوريوس , قررت اكمال دراساتها العليا , رافضة كل عروض الزواج التي كان يلح بها الأهل , وواصلت تعليمها العالي وتخصصها في علم الوراثة الطبي , وجرى بها العمر , ولم تفق إلا بعد أن اقتربت من العقد الرابع من العمر , وقررت البقاء في فرنسا , بعد أن منحتها الدولة الفرنسية جنسيتها , مكافأة لها على ما قدمت من أبحاث قيمة .
أصيب الأب بالاكتئاب , بعد ابتعاد الأبناء عنه , وهجرتهم خارج الوطن , واعتزل التجارة والعمل , ثم أصيب بعد ذلك بمرض القلب , وعاش أياما عصيبة , وفي إحدى النوبات لم يستطع الأطباء انقاذه , وغاب الرجل غيبته الأخيرة وقد بلغ 72 عاما من عمره.
حزنت أحلام كثيرا على فراق الزوج والأولاد , وأصبح الحزن رفيقها , وبدأت تعيش حياة الوحدة دون رفيق أو أنيس , وهي لا زالت في الخمسين من عمرها , لكن لا زالت مسحة من الجمال على محياها , وعلى جسدها الذي حافظت عليه بكل أناقة , وقد ورثت عن زوجها أملاكا وأموالا كثيرة , جعلتها محط أنظار الراغبين في الزواج منها , سواء مما يكبرها أو يقاربها سنا من رجال فقدوا زوجاتهم , أو من شبان طامعين في ثروتها ... لكنها كانت ترفض كل العروض , إلى أن مضت نحو خمس سنوات على وفاة زوجها , عندما ظهر في حياتها شاب كان يعمل محاسبا في إحدى محلاتها اسمه وسيم .. كان " وسيم " في عمر زوجها عندما تزوجته وهي طفلة , أخذ يتودد إليها ويغدق عليها الكلام المعسول عن جمالها وشبابها , إلى أن تمكن من الوصول إلى قلبها واقناعها بالزواج .. عند ذلك بدأت تلوكها ألسنة العجائز من صديقاتها في المدينة , وقرر العريس الشاب أن يقيم حفل عرس لهما رغم معارضتها ذلك, إلا أنها رضخت لرغبته , وأقيم حفل عرس أحضر فيه الشاب فرقة للغناء والدبكة , وسهروا حتى الصباح , بينما كانت عجائز الحي في غيظ مما يجرى لصديقتهم , فقال إحداهن " لا بتحيض ولا بتبيض, وعاملة عروس " , وترد أخرى : إنها لا تخجل وتتزوج شابا من عمر أبنائها " , بينما كانت الثالثة أكثر تأدبا وقالت عما يجري : " إنه عرس عجوز " !!