خبر : كتب : هاني حبيب
تهل علينا اليوم، حكومتنا، بكامل طاقمها باستثناء رئيسها، ستجازف هذه الحكومة بالبقاء أسبوعاً كاملاً، في قطاع غزة، كان الله في عونهم، وجماهير غزة لن تنسى لهم صنيعهم وتفضلهم بهذه التضحية.
لكن غزة ستستقبل الوفد وتودعه كما في كل مرة، رغم رهانها على أن زيارة حكومتنا الرشيدة إلى القطاع المحاصر، هذه المرة، ربما تنهي حالة الحصار التي فرضتها حكومة الحمد الله على القطاع، مع أننا نعلم أن زيارة بين وقت وآخر، هي لتبادل الأحاديث، والآراء، ذلك أنه لم يتح لهذه الحكومة فرصة العمل الجدي، والأمر خارج عن إرادتها بهذا الشأن، وأي متابع للأمر، لن يضع اللوم عليها إلاّ بحدود لا تصل إلى درجة الاتهام لكن اشتياقنا إلى وزراء حكومتنا، هو الذي يجعلنا نقول كلاماً، ربما لا يجب أن يقال.
بالنسبة إلى عدد كبير من مواطني قطاع غزة، هذه زيارة ميمونة فعلاً، وبشرة خير ـ كما يقولون ـ فالزيارتان السابقتان، كانتا في ظل عدم صرف الراتب، أو صرف الراتب جزئياً، لموظفي الشرعية، هذه المرة، استبق الرئيس عباس، وفوت على وزراء حكومة الحمد الله، الإعلان عن بشرى تسلم الراتب كاملاً بداية الشهر المقبل، بشرة خير، من شأنها التغطية على كل النواقص والعقبات المحتملة أثناء زيارة حكومتنا الرشيدة إلى القطاع الذي حاصرته من خلال عدم القيام بواجب الزيارة بين الأهل والأقارب والمعارف، كما لو كان هناك ثأر بين الجانبين!!
وإذ نكتب هذا الكلام المرسل، قبل وصول الطاقم الوزاري إلى غزة، فإن احتمالات تأجيل هذه الزيارة، أو اجتزاءها، بات محتملاً، على خلفية الانفجار الذي حدث بالقرب من دوار أبو مازن حيث مقر نائب رئيس الحكومة أو مقر الحكومة ـ فالأمر سيان في كثير من الأحيان ـ نقول ذلك، لان زيارة شبيهة، كانت ستتم منذ شهور، تأجلت لحدث مماثل، وتراجعت الحكومة عن الزيارة، رغم حصولها على الطابع الإسرائيلي لتأشيرة الدخول إلى القطاع، لذلك، ليس هناك من ضمان أو رهان، لكننا سنبحث دائماً عن عذر لهذه الحكومة التي نحبها ويصعب علينا فراقها، رغم أن هذا العشق من جانب واحد، على الأرجح.
فيما لو وصلت حكومتنا الرشيدة إلى القطاع، من المتوقع أن تطفو إلى السطح مسألة الموظفين، على الجانبين، الأول المتعلق بهؤلاء الذين تم تعيينهم قبل عام 2007، والثاني، الموظفون الذين تم تعيينهم بعد هذا التاريخ، أي منذ تولي حركة حماس السيطرة على القطاع، المسألتان، هما تعبير عن مصطلح الدمج، ربما وفقاً لتوافقات تم التوصل إليها من خلال الورقة السويسرية. تسجيل الموظفين القدامى، بداية إدارية للتعرف على الحجم الحقيقي الواقعي للهيكل الوظيفي في الوظيفة العمومية، ومحاولة لتصحيح وضع خاطئ، كانت هناك محاولات غير مكتملة للقيام بها، دون نجاح يذكر، هذه المرة، يبدو أن الأمر أكثر جدية، وعلى الحكومة القيام به، بصرف النظر عن مسألة الدمج.
إلاّ أن ما كان يجب أن تلتفت إليه الحكومة، والحكومات السابقة، أن هناك مؤسسات «وزارية» لا تعمل، ولا حاجة لها، تم اصطناعها وفبركتها في زمن ما وفي عهد ما، لإيجاد مناصب للمقربين والتابعين، لا تزال هذه «المؤسسات الوزارية» التي تنهب من الميزانية العامة، مجرد مسميات، لها أطقمها وميزانيتها بالرواتب وبالتشغيل، من دون أن تكون هناك حاجة لها، وكان من الضروري، في عهد جديد، عدم الإبقاء على هذا الوضع، خاصة وأن الحكومة، تتحدث ـ ونحن نصدقها من دون شك ـ عن أزمة مالية هائلة، والأحرى، عدم التخلص من موظفي هذه المؤسسات الوزارية، مدنية وعسكرية، وشبه عسكرية، ولكن بإحالتهم إلى وظائف في الوزارات الأساسية أو إلى ديوان الموظفين من دون أي انتقاص لحقوقهم، ولكن ذلك يعني وقف عمل هذه المؤسسات ـ ونقول عمل بتحفظ شديد ـ على الأقل لصالح عدم إهدار أموال وميزانيات التشغيل.
فإذا كان على الموظف الحكومي أن يسجل نفسه، للتأكد من إمكانية قيامه بعمله، فإن على المؤسسات شبه الوزارية، أن تسجل نفسها فيما إذا كان هناك أي مبرر لوجودها الحقيقي والفاعل والإجابة عن السؤال الأساسي: هل هناك أية خسارة للمؤسسة الإدارية العامة للسلطة، في حال تم إلغاء هذه المؤسسة أو تلك أم لا، وليس السؤال، ما هي الوظيفة الرفيعة التي ستسند لرؤساء وقادة هذه المؤسسات الوزارية في حال تم الاستغناء عن «عدم خدمات» هذه المؤسسات!!