اعتمدت لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة التربية والثقافة والعلوم التابعة للأمم المتحدة "اليونسكو" ظهر الأربعاء، قرارًا جديدًا ينزع الشرعية عن قرارات الاحتلال الإسرائيلي في البلدة القديمة بالقدس المحتلة.
وأكد القرار الذي جاء تحت بند "البلدة القديمة في القدس وأسوارها"، على عدم شرعية القرارات والإجراءات الإسرائيلية بحق البلدة القديمة، وذلك بعد أيام من قرار للمنظمة ينفي صلة اليهود بالمسجد الأقصى المبارك.
وأيّد القرار الذي تبنته "اليونسكو" خلال دورتها الاستئنافية رقم (40)، والـمنعقدة حاليًا في باريس، 10 دول، فيما عارضته دولتان فقط، وامتنعت عن التصويت 8 دول.
وقدم مشروع القرار إلى لجنة التراث كل من الكويت ولبنان وتونس لصالح الفلسطينيين والأردن غير العضوين في اللجنة التي تضم 21 دولة غير صديقة "لإسرائيل"، من بينها تونس والكويت ولبنان وكوبا وإندونيسيا.
ورفض القرار الجديد، مصطلح "الهيكل" المزعوم على حائط "البراق" في القدس، والتأكيد على عدم شرعية أي تغيير أحدثه الاحتلال في بلدة القدس القديمة، ومحيطها، وذلك بناءً على المواثيق الدولية مثل مواثيق "جنيف"، و"لاهاي"، وقرارات "اليونسكو"، والأمم الـمتحدة.
وأكد على أن ما ورد في قرار اللجنة لا يؤثر على الوضع القانوني للقدس، على اعتبارها مدينة محتلة بحسب قرارات الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي المتعلقة بفلسطين، وإدانة شديدة ومطالبة سلطات الاحتلال بالوقف الفوري لجميع أعمال الحفريات غير القانونية التي تنفذها مجموعات المستوطنين بطريقة تمثل تدخلات صارخة ضد آثار القدس.
ويتضمن القرار إدانة شديدة لاقتحامات المتطرفين وقوات الاحتلال المستمرة للمسجد الأقصى، وحث سلطات الاحتلال على منع جميع الإهانات، والانتهاكات لقداسة المسجد، بما في ذلك التدمير المتكرر لبوابات وشبابيك المسجد القبلي، والبلاط التاريخي لقبة الصخرة الـمشرفة.
وتتضمن أيضَاً مطالبة سلطات الاحتلال بتسهيل تنفيذ مشاريع الإعمار الهاشمي في الأقصى، مع التشديد على وقف التدخل في مبنى باب الرحمة، ومطالبتها بالسماح غير المشروط لوصول السلطة المعنية والمتمثلة بخبراء الأوقاف الأردنية، من أجل المحافظة على بلدة القدس القديمة، وأسوارها من الداخل والخارج.
وكذلك إدانة شديدة ومطالبة "إسرائيل" بإزالة القطار الخفيف من جوار أسوار القدس القديمة، وإدانة شديدة ومطالبة سلطات الاحتلال بوقف جميع مشاريع التهويد مثل "بيت هليبا"، و"بيت شتراوس"، والمصاعد الكهربائية، والتلفريك الهوائي، وإزالة آثار الدمار الناجم عن هذه المشاريع.
كما تضمن أيضاً مطالبة سلطات الاحتلال بإعادة الآثار المنهوبة، وتزويد مركز التراث العالـمي في "اليونسكو" بتوثيق واضح لـما تمت إزالته من آثار، وتمكين الأوقاف الإسلامية الأردنية من تنفيذ تصميم مشروع إعادة ترميم طريق باب الـمغاربة.
وتضمن إدانة شديدة لاستمرار "إسرائيل" بمنع بعثة المراقبة، والخبراء التابعة "لليونسكو"، من الوصول إلى مدينة القدس وأسوارها، والإبقاء على بلدة القدس القديمة وأسوارها على قائمة التراث العالـمي المهدد بالخطر، كموقع مسجل من قبل الأردن عام 1981.
ويشار إلى أن هذا القرار بعد أسبوع من قرار مماثل صدر عن المجلس التنفيذي لليونسكو بتاريخي 13 و18 تشرين أول 2016، والذي استغلته "إسرائيل" لزيادة دعاية التباكي والادعاء بأنه "ينكر صلة اليهود بالقدس".
ويهدف القرارين إلى المحافظة على الوضع القائم، وتوثيق الانتهاكات، بما في ذلك تغيير المصطلحات التاريخية، وابتداع سلطات الاحتلال لمصطلحات، ومسميات جديدة، مثل "جبل الهيكل" الـمزعوم.
ويأتي تبني القرار رغم المعارضة الشرسة والضغوط الهائلة التي مارستها "إسرائيل" على الدول الأعضاء، و"اليونسكو" لإفشاله، والذي يعكس بالدرجة الأولى الوضع القائم قبل احتلال القدس عام 1967، والمستند إلى التعريف القرآني الإسلامي والتاريخي للمسجد الأقصى، على أنه كامل الحرم الشريف، ومكان عبادة خاص بالـمسلمين وحدهم.
واعتبر أن الحائط الغربي هو الحائط الغربي للأقصى، بخلاف ما تدعيه سلطات الاحتلال من مسميات تهويدية، حيث رفضت اللجنة التعاطي مع محاولة إسرائيل إدخال مصطلح "جبل الهيكل" في لغة القرار.
وزعمت الإذاعة الإسرائيلية العامة، اليوم إن السفير الإسرائيلي لدى المنظمة "كرمل شامة هاكوهين" ومديرة المنتدى القضائي العالمي "يفعاه سيغال" اجتمعوا الليلة الماضية مع المديرة العامة لليونيسكو "ايرينا بوكوفا" لبحث الأمر.
وقالت إنه جرى تسليمها عريضة مذيلة بتواقيع 77 شخصًا "من أنحاء المعمورة" ضد قرار المنظمة الذي ينفى أي صلة لليهود في الأقصى وحائط البراق.
ويذكر أن "اليونسكو" اعتمدت قرارًا تقدمت به فلسطين ودول عربية أخرى ينفي وجود علاقة بين اليهودية والمسجد الأقصى، بعد مصادقة المجلس التنفيذي لـ "اليونسكو"، الذي يضم 58 عضواً.
كما أن القرار يشير إلى المسجد الأقصى باسمه الإسلامي فقط "الحرم القدسي الشريف"، دون استخدام المسمى اليهودي له "جبل الهيكل"، معبراً عن رفضه للإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب بحق المسجد، ويطالبها كقوة محتلة بإعادة الأوضاع في الأقصى لما كانت عليه قبل شهر أيلول عام 2000.
