ثقة الناس بالسلامة والآمان إلى أين؟

صلاح هنية
حجم الخط

كان الجواب تلقائيا على سؤال: لماذا لا تستخدم المصعد؟ ، اجاب: لأنني لا اثق بالمصعد وأمنه ووجود من يساعدني اذا تعطل .... وردا على سؤال: لماذا تتدافع لتعبئة أكثر من اسطوانة غاز الطهي لحظة الاعلان عن احوال جوية ماطرة؟ ، كانت الاجابة : لأننا لا نثق ان هناك ضمانات ان يتوفر لنا حاجتنا غدا أو بعد ساعيتن .
جوهر الازمة هي غياب الثقة بالتعليمات الناظمة لمختلف شؤون السلامة والآمان وغالبا ما يكون هناك محاولة لتفسير ما يحدث دون أي اجراء استباقي أو التعامل بالازمات، ويدلل الناس على حديثهم بأن ارتفاع الاسعار لسلع اساسية وخدمات اساسية لا يعالج بسلسلة امثلة ووقائع، سواء اسعار اللحوم الحمراء وارتفاع اسعار الاتصالات.
السعي لاستعادة الثقة وسهولة التجاوب والاستجابة السريعة قضايا ملحة، وأول خطوات استعادة الثقة تتمثل بالبناء على التجارب السابقة واستخلاص العبر ,عندما وقعت ازمة غاز الطهي الشتاء الماضي واضطر  الناس للاصطفاف في طوابير امام محطات تعبئة الغاز ولم تكن الكميات كافية كانت الاستجابة بطيئة، هذا العام استوجب الامر  القيام باجراء وقائي مبكر، لذلك نظم اجتماع في محافظة رام الله والبيرة لكي لا نعيد الكرة مرة أخرى، ووضع الاجتماع مفاصل الازمة تحت المجهر وتم الخروج بتوصيات قد لا تكون بلسما شافيا لأن الشتاء حل.
من معالم استعادة الثقة التأكد أن الامور تسير كما يجب خصوصا على مستوى السلامة العامة في الورش والمشاغل ، ولا يجوز أن تظل ذات الحوادث تتكرر ونحن نؤمن بالقضاء والقدر، فما كتب وصيغ حول السلامة العامة والمهنية يملأ مكتبة عامة وما عقد من ورش عمل وما انفق من توزيع لادوات السلامة العامة من قبل بعض الشركات الكبرى يجب ان يؤدي لنقلة نوعية الا أن الحال ظل اقل من المتوقع والمستحب.
لكي نستعيد الثقة يجب أخذ إجراء ممنهج باتجاه استبدال واتلاف اسطوانات الغاز التالفة والمتآكلة وتم التفكير بنظام في هذا الشأن العام الماضي ولا زال مكانه لم يتحرك.
استعادة الثقة تتطلب التعاطي مع قضايا الاخطاء الطبية وقضايا الاهمال الطبي من خلال التأمين ضد الاخطاء الطبية، من خلال الوقوف على الاسباب التي تتكرر والتي تقود للاخطاء الطبية ومعالجتها، لأن ثقة المريض واسرته أمر بالغ الأهمية ومعيار مهم.
ما هي جدوى الحديث عن تأمين صحي الزامي حكومي لكل مواطن مثل بطاقة الهوية ويصبح عاملا مساعدا للتأمين الصحي ويزيد ميزانيته وتزداد الثقة به ولم نخطُ خطوة باتجاهه.
ثقة المواطن/ة أن هناك إجراءات ترعاه وتبعد عنه الضرر وتؤمن له الآمان اللازم خصوصا اننا نتعامل مع مواطن واع يعرف ومطل على تجارب أخرى، وهذه المسألة لا تتطلب الا نظام يؤمن عوامل الآمان والسلامة، وقانون للطرق يساهم برفع السلامة المرورية ويتعامل مع النقاط الخطرة التي يتكرر عليها حوادث السير، وهذا يتطلب نظام لرفع سوية المهنين الذين يعملون في قطاع البناء والورش وتصنيفهم وتسجيلهم ليتم تحقيق ضمان لجودة الاعمال.
هناك الكثير من القضايا التي تستعيد الثقة ويوجد لها حلول وتعليمات يجب ان تعتمد في دول العالم يعرف المواطن ماذا ياكل في المطاعم ومصادر الدواجن واللحوم والاسماك وغيره هناك زيارات من جهات الاختصاص دورية ومفاجئة، هناك جهات يجب ان تضمن عدم وجود ترسبات من المبيدات في الخضار والفواكه، ، هناك جهات يجب ان تتابع بحزم الملونات والمضافات الغذائية والمنكهات وكان حولها نقاشا علميا متخصصا في كلية الزراعة والطب البيطري في جامعة النجاح الوطنية.
لا تلوموا المواطن اذا لم يثق بالمصاعد ولم يثق بتوفر الغاز ولم يثق بالخضار والفواكه ويظل المرض حاضرا امام ناظريه، من حقنا ان تستعيدوا ثقتنا وهذا ليس اختراعا، بل هو إجراء له مرجعياته العالمية والعربية والفلسطينية وله ادوات للقياس.