بانتظار ما هو قادم !

سميح شبيب
حجم الخط

لعلّ المتابع للشؤون الفلسطينية، يستطيع أن يلحظ، بوضوح، مدى انشداد الأنظار، لما هو آت وقادم.
الجميع مشدود نحو التاريخ المفترض، لانعقاد المؤتمر العام لـ "فتح"، أواخر الشهر القادم، والانشداد هنا مشوب بالأمل، وبمخاوف موازية.
لم تكن فتح، ومنذ اعتلائها سدة القيادة في م.ت.ف 1969، شأناً داخلياً لفتح، بل كان شأناً يعني الفصائل الوطنية كافة. يمكننا أن نلحظ، مدى اهتمام الجميع بمجريات الاعداد الناجح، لهذا المؤتمر، وترقب عقده، بفارغ الصبر.
في سياق الاعدادات لعقده، وتمهيداً لإنجاح عقده، قام الرئيس محمود عباس، بزيارة تركيا، ومنها زيارة قطر، والالتقاء برئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل، ونائبه إسماعيل هنية.
عقد المؤتمر العام لفتح، سيكون في رام الله، وهذا يعني افتراضاً موافقة إسرائيل، على دخول أعضاء المؤتمر، من الخارج، إلى رام الله، كما يعني افتراضاً، موافقة حماس، على سفر أعضاء المؤتمر، من غزة إلى رام الله.
ما أعلنه خليل الحيّة، بعد لقاء الرئيس، في قطر، لا يبعث الطمأنينة في النفوس، ما قاله هو أن اللقاء لم يكن فاشلاً، ولم يكن ناجحاً، وبأن الرئيس كان متمسكاً بمواقفه نفسها... إلى جانب ذلك، تأتي تصريحات النائب محمد دحلان، التي تحمل تهديداً ووعيداً، بأنه لن يسمح باختطاف فتح!!!" في وقت تتسرّب فيه معلومات تقول، إن محمد دحلان، ومن معه، ينوون عقد مؤتمر لفتح، مواز للمؤتمر العام لفتح في رام الله. لكن التهديد الجدّي، يأتي عَبر منع وصول أعضاء المؤتمر من الخارج، وعدم وصولهم من غزة... هذا التهديد، لا يزال قائماً، وشاخصاً للعيان، ومع ذلك، فالمتوقع من اللجنة التحضيرية للمؤتمر العام، أن تعلن عقده في زمانه ومكانه المحددين.
وعلى ضوء عقد هذا المؤتمر العام، سينعقد المجلس الوطني القادم... العيون شاخصة، والجميع مشدود لتلك التواريخ، أملاً في الخروج من الأزمة الراهنة، ولرسم آفاق مستقبلية لمواجهة التحديات الكبرى القائمة والقادمة، إقليمياً ودولياً...
الأوضاع جدّ خطرة، وجدّ جدّية وحاسمة، والجميع يبذل أقصى جهوده، لتحقيق مراده.
إسرائيل تريد عزل السلطة وتهميشها، بل والتعامل مباشرة مع الفلسطينيين، عَبر وكلاء محليين.
وللرباعية العربية، رؤيتها، فيما يتعلق بإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، ما اعتبرته م.ت.ف تدخلاً سافراً بشؤونها، وهو أمر مرفوض.
ولكل طرف إقليمي أو دولي رؤيته. وعلى ضوء ما نعانيه من انشقاق جيو ـ سياسي، واختلافات في الرؤى الداخلية الفلسطينية، يصعب التوصل إلى رؤية مشتركة، عبر مبادرة من هنا أو هناك...
السؤال الأبرز في المرحلة المنظورة القادمة... هل ستتمكن فتح من عقد مؤتمرها العام؟! أم أن ثمة معيقات محتملة ستفرض تأجيله؟!!! وهل سيكون الوضع مهيئاً لعقد دورة عادية له في موعده المحدد؟!
هذه الأسئلة، وغيرها، مرهونة، بتطورات ما هو قادم، بعضه سيكون بإرادة فلسطينية خالصة، وبعضه الآخر، مرهون بمواقف ومستجدات إقليمية.
ما نأمله ونرجوه، أن تكون الإرادة الفلسطينية، الخالصة، هي الغالبة والأقوى، لكن التقليل من العوامل الأخرى، قد يسهم في حجب الرؤية، وعدم رؤية ما هو قادم.
لعلّ ما حدث هذا اليوم تحديداً، في بيروت، من انتهاء الأزمة الدستورية، وانتخاب الرئيس، درس لنا ولغيرنا في الشرق الأوسط، لمعرفة مدى تأثير العوامل الإقليمية التي باتت قوية، لدرجة فرض نفسها، على العوامل الذاتية، واضطرار الجميع للقبول بها.
الوضع الفلسطيني، متشابك، ومعقّد، ولا يمكن حسمه بسهولة، لكن الوقوف عند العوامل الإقليمية، ومدى انعكاسها على العوامل الذاتية، بات ضرورة وطنية لازمة.