أعلنت فرنسا رسمياً اليوم الاثنين، إنهاء مهمتها لحفظ السلام في إفريقيا الوسطى، والتي قالت إنها نجحت رغم أعمال العنف العشوائية في المستعمرة الفرنسية السابقة التي تشهد اضطرابات.
وجاءت هذه الخطوة بعد ساعات من مقتل عشرة أشخاص، في اشتباكات بين جماعات مسلحة أمس، في حي "بي كا-5"، الذي يسكنه مسلمون في العاصمة بانغي.
ومع انتهاء المهمة الفرنسية، ستبقى القوة الأممية "ميوسكا"، المؤلفة من 10 آلاف شخص، لوحدها في مواجهة الميليشيات التي ترهب المدنيين، وقتل الآلاف وأجبر الملايين على الفرار من منازلهم منذ اندلاع العنف في 2013.
وصرح وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان في مراسم خاصة في بانغي، حضرها مسؤولون محليون ودبلوماسيون أجانب "لقد انطوت صفحة"، في إشارة إلى الانتهاء الرسمي للمهمة التي كان يطلق عليها اسم "عملية سانغاريس".
وأطلقت العملية في ديسمبر 2013 لدعم القوة الأممية، التي كانت مؤلفة من 12 ألف عنصر في ذلك الوقت، والتي أرسلت بهدف إنهاء الفوضى والعنف في ذلك البلد، وبلغ عدد عناصر "سانغاريس" في أوجها نحو 2500 عنصر.
وفي وقت سابق، صرح لودريان أمام برلمان إفريقيا الوسطى، أن انتهاء المهمة "لا يعني انتهاء العلاقات العسكرية بين فرنسا وجمهورية إفريقيا الوسطى".
وأضاف، أن "تواجد الجيش الفرنسي سيكون أقل، ولكنه سيكون موجوداً وناشطاً ويقظاً، نحن فخورون بعملية سانغاريس، ولذلك لا يمكن أن نعرض مكاسبها للخطر".
ولا يزال السكان يفرون من المنطقة المحيطة بحي "با كا-5" اليوم، خشية من مزيد من سفك الدماء، وتحلق مروحية تابعة للقوة الدولية فوق المدينة منذ فجر اليوم.
وهزت عمليات قتل جديدة البلاد، ارتكبتها مليشيات مسلمة ومسيحية متقاتلة، ويشعر العديد من سكان البلاد بالقلق لمغادرة القوات الفرنسية.
وأجرى لودريان اليوم، محادثات مع الرئيس فوستان-ارشانج تواديرا الذي انتخب في وقت سابق من هذا العام، بعد استعادة الهدوء النسبي، كما التقى مسؤولين من بعثة الامم المتحدة، حيث تعهد الوزير الفرنسي بالإبقاء على قوة احتياطية تكتيكية من 350 جندياً تدعمها الطائرات بدون طيار.
وفي وقت سابق من شهر أكتوبر الجاري، قال لودريان أمام البرلمان الفرنسي، إن مهمة سانغاريس المدعومة بتصريح من الأمم المتحدة، كانت ناجحة، وأوقفت عمليات القتل الجماعية ومهدت الطريق للانتخابات الرئاسية والتشريعية.
إلا أن السياسي البارز ومرشح الرئاسة السابق انيسيه جورج دولوغول لم يشاطر لودريان تفاؤله وقال، إن "انسحاب سانغاريس مبكراً جداً ".
وأضاف، أن "قواتنا الأمنية ليست مستعدة لتولي المسؤولية ، وقوات الأمم المتحدة تعاني من الضغوط المتزايدة".
إلا أن لودريان رد قائلا "أي وقت للانسحاب سيكون مبكراً جداً، هذه المسؤوليات هي مسؤولياتكم في الدرجة الأولى".
وقبل يومين من وصول الوزير الفرنسي، قتل 25 شخصاً في اشتباكات وسط إفريقيا الوسطى، من بينهم ستة ضباط شرطة، ودانت الحكومة العنف ووصفه بأنه مؤامرة من أعداء السلام.
كما يتوقع وصول نائب الأمين العام للأمم المتحدة يان إيلياسون إلى بانغي الثلاثاء في زيارة لمدة يومين.
وخرجت إفريقيا الوسطى للتو من فوضى الحرب الأهلية، التي اندلعت في 2013 بعد قيام متمردي تحالف سيليكا بقلب الرئيس فرنسوا بوزيزيه، وأدى تمرد سيليكا وغالبية المنتمين إليه من المسلمين إلى تشكيل ميليشيات "انتي بالاكا" المضادة له ذات الغالبية المسيحية
وأسهم تدخل قوة سنغاريس الفرنسية وقوة الأمم المتحدة في تقليص المجازر، لكنه لم ينجح في فرض الاستقرار في أحد أفقر بلدان العالم.