مخاوف فلسطينية بشأن خليفة الرئيس.. فمن هي الشخصية الأوفر حظاً ؟!

الرئيس عباس ودحلان
حجم الخط

شهدت الحالة الفلسطينية في الآونة الأخيرة العديد من التجاذبات التي أزمت المشهد السياسي، وأدت إلى تراجع القضية الفلسطينية عن سلم أولويات المجتمع الدولي، واستغلال إسرائيل للصمت العربي المطبق في البناء المتسارع للمستوطنات الجاثمة فوق أراضي المواطنين.

العديد من الأزمات شهدتها الحالة الفلسطينية على الصعيدين الدولي والمحلي، حيث كان لانشغال الدول العربية بشؤونها الداخلية بالغ الآثر على تراجع مكانة القضية، بينما كان للانقسام الداخلي بين حركتي فتح وحماس العامل الأكبر في تأزم الحالة الفلسطينية على كافة الأصعدة.

ولا شك أن الخلاف الداخلي في حركة فتح ما بين قطبي الرئيس محمود عباس والنائب محمد دحلان، انعكس بشكل واضح على رؤية المواطن الفلسطيني المترقب لمعرفة من هو الرئيس القادم لدولته، وإن كانت الحالة الفلسطينية مقبلة على تغيير سياسي من عدمه.

وأوضح مختصون في الشأن السياسي أن الرئيس محمود عباس ارتكب أخطاءً عدة، من ضمنها اقتحام الأجهزة الأمنية للمخيمات الفلسطينية وتأجيج تلك المخيمات التي كان لها الدور الأكبر في قيادة انتفاضة الأقصى، إضافة إلى دورها في كسر إرادة الاحتلال خلال صرخة القدس.

وقال المحلل السياسي خالد العمايرة، إن الحالة الفلسطينية تحتاج إلى استراتيجيات وطنية كاملة توفر الأجواء الإيجابية للخروج من حالة التأزم السياسي، مشيراً إلى أن أحد أهم أسباب الواقع الفلسطيني المرير، هو فشل مشروع أوسلو ورفض إسرائيل لحل الدولتين. 

بدوره أشار المحلل السياسي د. أشرف الغليظ، إلى أن كافة المؤشرات تدلل على نهاية مرحلة الرئيس عباس، مضيفاً أن هناك ترتيبات عربية لتغيير شخص الرئيس، جراء رفضه الاستجابة لضغوط الرباعية العربية في توحيد صفوف حركة فتح.

وأوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة د. ناجي شراب، أن إسرائيل تراقب الأوضاع عن كثب وتهيئ نفسها لمرحلة ما بعد الرئيس عباس، منوهاً إلى أن إسرائيل تعتبر الضفة الغربية مكوناً أساسياً من مكوناتها السياسة.

وأضاف العمايرة، أن معركة خلافة الرئيس طفت على السطح مبكراً، متوقعاً أن تزداد حدة الأزمة بفعل التجاذبات المحلية في المخيمات الفلسطينية، والتدخلات الإقليمية بالشؤون الداخلية.

وتابع الغليظ، أن الشعب الفلسطيني الذي قدم الشهداء لا يمكن مكافأته بأعمال العربدة والقمع واقتحام المخيمات وترويع الآمنين، داعياً الفصائل الفلسطينية إلى التوحد في مواجهة مخاطر الاحتلال الإسرائيلي الذي يقتنص هذه المشاحنات لتنفيذ مخططات خطيرة.

وبيّن شراب أن الحالة الفلسطينية مقبلة على تغيير سياسي، حيث أن كافة الأطراف تتعامل مع الرئيس عباس على أنه قد انتهت مرحلته، وتتهيئ لمرحلة ما بعد الرئيس.

مروان البرغوثي شخصية فلسطينية تحظى بقبول شعبي

ويعتبر الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة أن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح والأسير في سجون الاحتلال مروان البرغوثي أبرز المرشحين لخلافة الرئيس عباس، وذلك نظراً للجماهيرية الواسعة التي يتمتع بها من خلال قيادته لجناح حركة فتح المسلح في فترة انتفاضة الأقصى.

ويعتبر "البرغوثي" من أكثر الشخصيات الفلسطينية تأثيراً، على الرغم من كونه معتقلاً في السجون الإسرائيلية، ويقضي عقوبة السجن لخمسة أحكام مدى الحياة، بتهمة تنفيذ علميات أدت إلى قتل إسرائيليين، كما أن البرغوثي يعتبر شخصية وحدوية وتحظي بعلاقة طيبة مع كافة الفصائل.

وقال مدير المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية خليل شقاقي، إن البرغوثي يحظى بدعم واسع النطاق في غزة والضفة الغربية، لافتاً إلى إمكانية فوزه في أي انتخابات على عباس أو هنية.

محمد دحلان شخصية فلسطينية تحظى بقبول دولي وشعبي

محمد دحلان عمل كرئيس لجهاز الأمن الوقائي للسلطة الفلسطينية في غزة حتى عام 2007، لكن ظهر على السطح مؤخراً خلافاً ما بينه وبين الرئيس عباس، حيث يقيم حالياً في دولة الإمارات العربية.

ويعتبر دحلان من أكثر الشخصيات الفلسطينية تأثيراً على المجتمع الدولي، ويعتبر نفسه الرئيس القادم لفلسطين، كما أن العديد من الدول العربية ترغب بأن يكون "دحلان" خلفاً للرئيس عباس، على الرغم من نفيه لذلك عبر وسائل الإعلام.

ويرى مراقبون أن النائب في المجلس التشريعي "دحلان" يحظى بالحظ الأوفر لتولّي منصب رئيس السلطة الفلسطينية، وذلك نظراً لتأثيره في المجتمع الفلسطيني، وعلاقاته الدولية الواسعة، إضافة إلى توطيده علاقات قوية مع الشقيقة مصر.

وأشار مراقبون إلى أن شخصيات أخرى داخل حركة فتح يعتبرون أنفسهم بأنهم رؤساء المستقبل، كما توقعوا تقسيم المناصب: الرئيس، ورئيس حركة فتح، ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية، وذلك في أعقاب مرحلة الرئيس عباس.

حماس ترفض

وقال الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم، إن أي سباق رئاسي في المستقبل لابد أن يكون شأناً من شؤون جميع الفلسطينيين، وليس قضية داخلية لحركة فتح.

وينص القانون الأساسي الفلسطيني، في حالة وفاة الرئيس أو عجزه على تولي رئيس البرلمان رئاسة السلطة مؤقتاً لحين إجراء انتخابات، ونظراً لأن رئيس التشريعي الحالي عزيز دويك التابع لحركة حماس، فإن حركة فتح تعتبر نص القانون لا يطبق، بسبب تعطل المجلس التشريعي منذ سنوات.

مشهد سياسي متأزم ومستقبل مجهول

وقال المحلل السياسي سامر عنبتاوي، إن التغيرات الإقليمية في المحيط العربي أثرت بشكل كبير على القضية، من عدة جوانب أبرزها تراجع مكانة القضية الفلسطينية عن مقدمة الأولويات الدولية، إضافة إلى تأثرها بالتغيير الواقع داخل المجتمع الفلسطيني.

وفي ذات الإطار، أشار الغليظ إلى أن الرئيس عباس يعيش اللحظات الأخيرة في ولايته على السلطة، لذلك توجه إلى محور قطر وتركيا، من أجل التقرب من حركة حماس التي تحالفت مع  دحلان مؤخراً، لإنهاء هذا التقارب، وتخوفه من أي نفوذ لدحلان في المنطقة.

وأوضح عنبتاوي، أن إنهاء الأزمة الحالية يتطلب موقفاً موحداً يعبر عن إرادة الشعب الفلسطيني، من أجل إعادة بوصلة القضية إلى مكانتها الطبيعية.

ودعا الغليظ الرئيس عباس إلى أن يتخذ قراراً شجاعاً ويعلن تنازله عن السلطة  لشخصية فلسطينية تستطيع إدارة الأزمة الراهنة، مضيفاً "أن الحاشية التي تقود المشهد وتحيط بالرئيس مجموعة من الراغبين بالوصول إلى كرسي الرئاسة".

وأشار عنبتاوي إلى أن القيادة الفلسطينية وضعت نفسها رهينةً للمحاور الإقليمية، معتبراً أن توجه الرئيس لمحور "قطر – تركيا" تهرباً من ضغوط الرباعية العربية التي حاولت فرض بعض المواقف.

وبيّن الغليظ، أن الرئيس يتهرب من المحافل الدولية والرباعية العربية، بالتوجه إلى محاور أخرى سعياً لتحقيق أي إنجاز سياسي قبل نهاية حكمه، مضيفاً "أعتقد بأن الرئيس عباس أصبح لا يمثل الشعب الفلسطيني، وهذا الأمر نتيجة قراراته الخاطئة ومحاربته لمختلف مكونات أبناء شعبه".