أولاً، وثانياً، وعاشراً! لماذا ليس حادي عشر مثلاً؟ «فتح» أجابت على سؤالين: سؤال التحرير الوطني ـ القومي بالعمل الفدائي 1965؛ وسؤال الكيانية الوطنية ببرنامج النقاط العشر ـ برنامج السلطة الوطنية 1974.
في النقاط العشر التي طرحها رمضان عبد الله شلّح كبير مجاهدي «حركة الجهاد الإسلامي» في السنوية الـ29 لتأسيس الحركة، يجيب على سؤال الوحدة الفصائلية ـ الوطنية، وضمناً على برنامج النقاط العشر للعام 1974.
كان برنامج العام 1974 جواب «فتح» على قصور حرب تحرير الأراضي العربية (والفلسطينية!) المحتلة في حرب العام 1967. ومن قبل، كان جواب «فتح» العام 1965 بانطلاق العمل الفدائي على مشروع التحرير العربي القومي، هو: تحرير فلسطين طريق الوحدة العربية، والوحدة العربية طريق تحرير فلسطين.
مع طرح برنامج العام 1974 انقسمت فصائل م.ت.ف، بين غالبية عديدة فصائلية (فتح ـ الجبهة الديمقراطية)، وأقليّة فصائلية في م.ت.ف.
سبّب أوسلو انقساماً عابراً بين فصائل م.ت.ف، حيث قاطعت غالبيتها أول انتخابات، ثم شاركت جميعاً في ثاني انتخابات عامة، باستثناء «حركة الجهاد الإسلامي»، ومن ثمّ امتنعت «الجهاد» وحدها عن المشاركة في الانتخابات البلدية المجهضة هذا العام.
لكن، بعد إعلان برنامج النقاط العشر، في خطاب زعيم «الجهاد»، تسابقت كل (أو معظم) الفصائل للترحيب رسمياً، به كمنطلق لحوار فصائلي، واكتفت جهات غير رسمية في «فتح» بالتنويه إليه!
أوسلو هذه، وسلطتها، أيضاً، أتاحت لمن قَبِلَ بها، ومن عارضها العودة والعمل السياسي وغير السياسي في أرض «الجزء المتاح» من فلسطين.
النقطة الأولى من برنامج شلّح هي الانسحاب من التزام أوسلو؛ والثانية هي الانسحاب من الاعتراف المتبادل، وغير المتكافئ، بين دولة إسرائيل ومنظمة التحرير.
بالتلميح أو التصريح، هدّدت فصائل في م.ت.ف بالتنصُّل من التزام أوسلو والانسحاب من الاعتراف غير المتكافئ.. لكن، جمعيها تحدّثت عن باقي عناصر نقاط شلّح العشر بالإيجاب، مثل: حوار فصائلي شامل، تفعيل م.ت.ف.. إلخ!
السؤال: لماذا وضعت نقاط شلّح العشر الانسحابين من أوسلو والاعتراف المتبادل في المقدمة، وليس كنتيجة لباقي النقاط غير المختلف فصائلياً عليها؟
إن من يبني بيتاً للوحدة الفصائلية ـ الوطنية يبدأ ببناء طوبة طوبة لمداميك الجدران، بعد حفر الأساس، ثم يصبّ السقف.
بدأت «فتح» من الأساس، العام 1965 بالعمل الفدائي لتحرير فلسطين، وبعد قصور حرب «تحرير الأراضي المحتلة» في حرب العام 1973 بدأت ببناء جدران الكيانية الوطنية.
الانتفاضة في الوطن هي التي مكّنت كافة فصائل م.ت.ف، من استعادة الوحدة الفصائلية في مؤتمر المجلس الوطني بالجزائر في العام 1988، وأعلنت مبادئ استقلال دولة فلسطين، وطوّت الخلافات حول برنامج النقاط العشر في العام 1974.
لاحقاً، عمل الانهياران العراقي والسوفياتي (العربي والدولي) على دفع «فتح» إلى طريق أوسلو، بما يذكّر بأسباب برنامج العام 1974 بعد قصور حرب العام 1973.
برعاية أميركا لتوقيع أوسلو صارت اتفاقيتها دولية. الآن، بعد هزيمة الانتفاضة الثانية عسكرياً، تخوض السلطة معركة سياسية وطنية ـ عربية ـ دولية للانتقال إلى دولة سيادية، بعد أن أصبحت دولة فلسطين حقيقة سياسية دولية، بمشروع «الحل بدولتين» وليس بعد حقيقة سيادية.
تدّعي إسرائيل، منذ فشل كامب ديفيد 2000 بأنه لا يوجد شريك فلسطيني، لا بسلطة عرفات ولا بسلطة عبّاس، فكيف إذا ألغت السلطة التزامها بأوسلو، وانسحبت من الاعتراف المتبادل وغير المتكافئ؟ يقول العالم: إن الاستيطان يهدّد بتقويض «الحل بدولتين»، فماذا تراه يقول إذا تسببت السلطة في انهيار سقف أوسلو والاعتراف المتبادل.
إن دعوة شلّح، وإن أيّدتها بقية الفصائل، تعني أن تقطع الغصن الذي تجلس عليه، وتعطي إسرائيل فرصة لقطع جذع شجرة الكيانية الوطنية الفلسطينية.
بعد خروج بيروت 1982 قال درويش: إذا رجعتم ذات يوم، فلأيّ منفىً ترجعون، لكنه كتب نصّ إعلان استقلال فلسطين في العام 1988، وعادت الفصائل كلها إلى أرض البلاد، وأما أغصان الفصائل في الشتات فهي تعاني من انهيار عربي للجيوش والأنظمة والشعوب.. فلأيّ خرابٍ ستعود الفصائل كلها، إلى عالم عربي آخر غير عالم عربي بعد حرب 1973 وبرنامج العام 1974؟
بعض الفصائل تتحدّث عن «تفعيل» م.ت.ف كمصلٍ لتفعيل السلطة، لكن الحقيقة هي العكس، لأنّ المنظمة شاخت وتتعكّز على ابنها الذي هو السلطة. تفعيل السلطة يفعل المنظمة.. لا العكس!
هذا شهر مؤتمر «فتح» السابع لترصين وحدتها، وهو شرط لترصين الوحدة الفصائلية، ومن ثمّ بعد شهر من مؤتمرها ترصين الوحدة الوطنية بمؤتمر للمجلس الوطني.
ترميم مداميك «فتح» ثم صبّ سقف الوحدة الفصائلية الوطنية، ثم رفع علم الوحدة الوطنية فوقه، كما يفعلون في بناء بيت فلسطيني في البلاد.
المهم، أن يحضر نوّاب «حماس» في «التشريعي» جلسات «المجلس الوطني» وألا تقاطع «الجهاد» الجلسات، كما قاطعت الانتخابات.
«يوم ترشيحا»
تعقيباً على عمود يوم الثلاثاء، أول تشرين الثاني:
Entisar Haware: جميل (يا خالد) ما كتب صديقك ورفيقك حسن البطل عنك وعن ترشيحا.. ولكن للأمانة التاريخية فإن الطائرات قصفت في عدة مواقع بترشيحا، وراح ضحية هذا القصف، حسب ما يخبرنا به من عايشوا تلك الفترة، ما يقارب الـ200 شخص، حيث كان القصف بحارة البركة وحارة الجامع الجديد وحارة دار الهواري.
وكما قال البطل: ترشيحا سقطت حرباً ولكنها دائمة النهوض بعزة وكرامة. صباحك جميل يا طيّب الرُّوح.
Ghania Malhees: صدق حسن. ترشيحا، وكل فلسطين، لا ولن تحتفل بسقوطها بل بنهوضها. القوة قد تخلق وقائع، لكنها لا تقوى على تغيير مجرى تاريخ شعب حيّ.. لن ينسى ولن يغفر ولن يسامح، ويتمسك بإحقاق كامل حقوقه في الحرية والعودة وتقرير المصير.