من تابع مؤتمرات حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" كلها باستثناء الاول، لاحظ عشية إنعقادها، انها تعيش حالة تجاذب وإستقطاب بين اقطابها داخل الاطار التنظيمي للحركة بتفاوت بين لحظة وأخرى، وإرتباطا بالتطورات الوطنية والعربية. وكانت تتعاظم عمليات التنافس بتلاوينها المختلفة كلما كان دور الحركة يتعزز في المشهد الوطني، وتحكم الحركة سيطرتها على مقاليد الامور في الساحة، وايضا مع إشتداد حدة وعمق الازمات الوطنية والقومية. لان دور الحركة المركزي في المشهد الفلسطيني حتم على المراقبين الفلسطينيين والعرب حبس الانفاس كلما قررت حركة فتح عقد مؤتمر من مؤتمراتها.
هناك قاعدة ثابته عند كل الاحزاب والحركات السياسية في دول العالم، هي عدم تمكن المؤتمرات العامة من إرضاء المؤتمرين او الذين لم يحالفهم الحظ لنيل شرف عضوية هذا المؤتمر او ذاك. وهذه القاعدة تنطبق على المؤتمرات الست السابقة للحركة. لان هذه سِنة المؤتمرات. رغم ان صانع القرار الفتحاوي يحاول من خلال قراءته لدور أقرانه المؤثرين صياغة التوليفة، التي ترضي بالمعايير النسبية الغالبية العظمى. واحيانا كان بعض الاقطاب يتصادموا مع الاتجاه العام لصاحب النفوذ الابرز، غير ان الكفة كانت دوما تميل لصالح ربان الحركة. وبالتالي المؤتمر السابع لن يكون إستثناءا عن هذه القاعدة.
الان وبعد ان قررت اللجنة المركزية اول امس الثلاثاء عقد المؤتمر السابع في التاسع والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي بالاجماع، معنى هذا أن المؤتمر دخل حيز التنفيذ الجدي، ولم يعط هناك مجال للغط او الاجتهاد والحديث عن التأجيل. وبغض النظر عن قبول البعض او عدم قبوله للموعد وللعدد، الذي تقرر، وهو لن يرضي العديد من ابناء الحركة، الذين لم يحالفهم الحظ او اولئك، الذين لهم تحفظ على الاليات، التي إتبعت في الإعداد والتحضير للمؤتمر، فإن الضرورة التنظيمية تحتم على ابناء حركة فتح العمل بكل الوسائل والسبل لإنجاح المؤتمر. وايضا على الكل الوطني المساهمة كل من موقعه بمنح قيادة حركة فتح المجال للنجاح في جهدها الفتحاوي لعقد المؤتمر بالطريقة المثلى والانسب، كي تأت النتائج السياسية والتنظيمية وفق ما يطمح ابناء الشعب عموما. لاسيما وان نجاح حركة فتح ونهوضها وتماثلها مع دورها المركزي في الساحة الوطنية،وكقائدة للمشروع الوطني هو نجاح للحركة الوطنية الفلسطينية وللشعب عموما.
وايضا مطلوب من القيادة الفتحاوية عشية إلتئام المؤتمر ان تعد جيدا. ولا يكفي هنا القول "اننا حسمنا العدد المطلوب" او هيئنا الاجواء لعقد المؤتمر في الموعد المحدد، بل يجب ان يكون هذا المؤتمر رافعة لمكانة حركة فتح وللحركة الوطنية، وهذا لا يكون محصورا بعقد المؤتمر وإنتخاب الهيئات القيادية فقط، خاصة وان العديد من الاخوة في حركة فتح لا يرى من المؤتمر إلآ إنتخاب تك الهيئات، بل بما سيفرزه من نتائج برنامجية سياسية، وبما يستطيع من الحؤول دون أية تداعيات او ارتدادات غير إيجابية في اعقاب الانتهاء من اعماله.
مؤتمر فتح، هو مؤتمر الشعب الفلسطيني شئنا ام ابينا، وهو النموذج الاقرب للمجلس الوطني، وبالتالي إنتصار المؤتمرون بالضرورة إنتصار لمنظمة التحرير وقواها السياسية ولكل محبي فلسطين في الوطن العربي والعالم. ولهذا يفترض التدقيق جيدا في كل كلمة وفقرة وكل شخص يمكن ان يفكر الرئيس ابو مازن او الاقطاب الاخرين في ترشيحه لهذا الموقع او ذاك، لان الاختيار للاشخاص هو اختيار لمستقبل حركة فتح. لهذا بقدر ما يتم التأني ووضع معايير تتلاءم مع ميزان الذهب التنظيمي والوطني، بقدر ما ستكون النتائج إيجابية وتخدم الحركة والمنظمة والشعب على حد سواء، والعكس صحيح.
وهنا اقترح على اللجنة التحضيرية دعوة عدد من المستقلين والاكاديميين والمثقفين والاعلاميين الفلسطينيين والعرب كمراقبين ومشاركين في الحوار الداخلي في جلسات المؤتمر وخاصة عند نقاش البرنامج السياسي وحتى التنظيمي للاستفادة منهم ومن اجتهاداتهم. وليس فقط لحضور حفل الافتتاح. لان وجودهم وإسهامهم لن يؤثر على عمليات التصويت الداخلية، المحصورة بالعدد المحدد لاعضاء المؤتمر.
طالما قررتم عقد المؤتمر، عليكم تقرير النجاح والانتصار. لا تترددوا في رسم المستقبل الافضل للحركة والشعب. والتاريخ سيكون إلى جانبكم، إن كنتم مع انفسكم ومع تنظيمكم وشعبكم، ولكن ان لم تفعلوا فسيكون العكس. وآمل ان تنجحوا، لان نجاحكم نجاحنا.