لا يمكن لأي من «صقور» حماس المرتفعة عقيرتهم بالتصريحات المتشددة، خاصة حيال ما يسمى بملف موظفي غزة، أن ينكر أو ينفي، أن حكومة الدكتور رامي الحمد الله الثانية، إنما تشكلت بالتوافق بين حركتهم وحركة فتح، وأن كل أعضاء تلك الحكومة، إنما هم مستقلون تنظيمياً وحزبياً، وإن كانوا ملتزمين وطنياً، وأن ليس رئيس الحكومة ولا أي من أعضائها كان يوماً عضواً في حركة فتح، أو في أي من التنظيمات الفلسطينية الأُخرى، لذا فإنه من قبيل المبالغة، أن يتهم قياديو الصف الثاني من «حماس» أو الناطقون باسمها، أو من تبقى من حرس وزاراتها القديم حكومة التوافق بالانحياز، إلا إن كانوا يصرون عمدا على أن يواصلوا وضع العراقيل في طريق عمل هذه الحكومة.
غني عن القول، بأن حكومة التوافق التي تشكلت منذ مطلع حزيران الماضي، قد تعطل عملها حتى اللحظة، وأنها لم تقلع بعد رغم مرور أكثر من عشرة أشهر على تشكلها، وأنها ما زالت تراوح حول الخطوة الأولى، وهي أن تدخل غزة، بل أن يجد وزراؤها مكاتب لهم في غزة، حتى يتسنى لهم فتح أبواب وزاراتهم، والتقدم ليكونوا على رأس العمل الوزاري، يتابعون شؤون موظفيهم، فضلا عن شؤون المواطنين.
إن عدم تمكين حكومة التوافق من القيام بعملها، لا يعطل وحسب التقدم في ملف المصالحة وإنهاء الانقسام، وما يتبعه من فتح للمعابر وبدء عملية الإعمار، لكنه يبدد الأمل الأخير _ تقريباً _ على هذا الطريق، فليس هناك من جدوى لجولة حوارية جديدة بين «فتح» و»حماس» بعد كل تلك الجولات الماراثونية التي جرت على مدار سنوات، وبعد توقيع عدة اتفاقيات في القاهرة والدوحة وقبلها في مكة، ثم في معسكر الشاطئ بغزة، بل إن «فتح» لم تعد لها أية علاقة، مباشرة على الأقل بما يعطل تمكين الحكومة من القيام بواجباتها في غزة، وكل حالة التلاسن والعراك عبر وسائل الإعلام حول ملف الموظفين، تظهر على أنها بين الحكومة وحركة حماس.
فمنذ أن وافقت الرئاسة وكذلك الحكومة على الورقة السويسرية، كان يمكن أن يبدأ العمل جدياً على حل هذا الملف، وبالفعل اتخذت الحكومة قرارات بتشكيل اللجان المالية والإدارية اللازمة، حسب اتفاق القاهرة، للبت النهائي في الأوضاع القانونية والإدارية وبالتالي المالية لكل الموظفين، وكذلك لاستلام المعابر، وفتحها، وكسر الحصار وبدء الأعمار.
ومن الطبيعي أن تحتكم حكومة تكنوقراط ومستقلين للقانون، نصاً وروحاً، وان تتمتع بالحيادية وعدم الأخذ بالمحسوبية الفصائلية، المتوارثة عند الفلسطينيين، لكن ما يبدو انه من غير الطبيعي أن تقبل حركة حماس بهذا، أو بمعنى أدق وأوضح بعض حماس، وبالتحديد، فئتان تظنان أن اللجوء للمعيار القانوني سيلحق بها الضرر الوظيفي، ويبدو الأمر جلياً من خلال إصرار حركة حماس على عدم البدء بتمكين الحكومة في غزة، إلا بعد أن تقوم بصرف رواتب كل موظفيها (ألـ 40 ألفا) كاملة، وبالتالي عدم فتح ملفات هؤلاء الموظفين، لأن البدء بصرف رواتبهم دون تدقيق وصرف رواتبهم كاملة سيعتبر حقاً طبيعياً لاحقاً واعترافاً رسمياً من الحكومة برتبهم إن كانوا عسكريين أو مراتبهم إن كانوا مدنيين.
نقول هناك فئتان هما اللتان تتسببان حتى الآن في تعطيل العمل على البدء بإنهاء الانقسام، هما فئة ذوي المناصب العليا المدنية والعسكرية في حكومات «حماس» السابقة، من مدراء عامين ووكلاء ومسؤولي هيئات حكومية، كذلك معظم العسكريين من ضباط برتب متقدمة من عقداء وعمداء وما إلى ذلك، والفئة الأولى تخشى على «امتيازاتها» الوظيفية التي حصلت عليها بحكم مواقعها الحزبية في حركة حماس، وليس لأي اعتبار له علاقة بالكفاءة، أو المؤهل، وهذا ينطبق أيضا على ذوي الرتب العليا من العسكريين، رغم أن العسكريين بشكل عام سيخضعون أيضا لأن يكونوا بلا سوابق أمنية، آخذين بعين الاعتبار، أن رئاسة السلطة والحكومة تأخذان بعين الاعتبار معايير المانحين بهذا الخصوص.
أما تعطيل ملف المعابر فله علاقة إضافية برسوم التحصيل والضرائب على مرور الأفراد والبضائع، إضافة بالطبع للجانب الأمني، حيث تصر حماس على أن تبقي على وجودها كحركة لإبقاء التحكم بالمواطنين بيدها من اجل إبقاء السيطرة داخل غزة لها، كذلك مشاركة الحكومة بعائدات الدخل والرسوم المجباة على المعابر.
ورغم انه يمكن حل معظم الملف بسهولة ويسر من خلال «تفنيط « مفرداته، أي البدء بتسكين موظفي التعليم والصحة، لما لهذين الملفين من أهمية تتعلق بتقديم الخدمة العامة للمواطنين، ولأن موظفي هذين القطاعين يشملان معظم موظفي غزة بشقيهما، لكن كما أخذت حماس كل غزة رهينة من قبل، وقالت أنه إذا لم يسمح لقادة وكوادر الحركة بالسفر، فليس من حق احد أن يسافر، تقول الآن: إنه أذا لم يعتمد كبار موظفيها المدنيون والعسكريون، دون فتح ملفاتهم أو التدقيق بها، فليس من حق احد أن يقبض راتبه، وكانت حاولت أن يشمل هذا ليس موظفيها وحسب، بل كل موظفي السلطة، حين حاولت أن تعطل استلامهم لرواتبهم، بالاعتداء على البنوك وتحطيم صرافاتها الآلية، قبل عدة شهور.
لكل هذا، ربما كان من الأجدى، وكما أشرنا، في مقال سابق، أن تترك حماس ملف موظفي غزة، للحكومة وللموظفين المعنيين فرادى أو من خلال نقاباتهم وتجمعاتهم، ليحلّوه بعيدا عن الحسابات الحزبية، السياسية، الفصائلية، وان لا يتدخل به أحد لا من فتح ولا من حماس، وان لا يقول فيه تصريح لا أبو زهري ولا الظاظا ولا البردويل، ثم منح الحكومة الوقت اللازم لحل الأمر بهدوء وروية، من خلال البدء بملفات المدنيين وخاصة الصحة والتعليم، ومن خلال صرف سلف على حساب الراتب، فورا لكل الموظفين، لأنهم أولا وأخيرا وقبل كل شيء مواطنون فلسطينيون يعيلون عائلات من حقهم الحد الأدنى من الكفالة الاجتماعية.
غني عن القول، بأن حكومة التوافق التي تشكلت منذ مطلع حزيران الماضي، قد تعطل عملها حتى اللحظة، وأنها لم تقلع بعد رغم مرور أكثر من عشرة أشهر على تشكلها، وأنها ما زالت تراوح حول الخطوة الأولى، وهي أن تدخل غزة، بل أن يجد وزراؤها مكاتب لهم في غزة، حتى يتسنى لهم فتح أبواب وزاراتهم، والتقدم ليكونوا على رأس العمل الوزاري، يتابعون شؤون موظفيهم، فضلا عن شؤون المواطنين.
إن عدم تمكين حكومة التوافق من القيام بعملها، لا يعطل وحسب التقدم في ملف المصالحة وإنهاء الانقسام، وما يتبعه من فتح للمعابر وبدء عملية الإعمار، لكنه يبدد الأمل الأخير _ تقريباً _ على هذا الطريق، فليس هناك من جدوى لجولة حوارية جديدة بين «فتح» و»حماس» بعد كل تلك الجولات الماراثونية التي جرت على مدار سنوات، وبعد توقيع عدة اتفاقيات في القاهرة والدوحة وقبلها في مكة، ثم في معسكر الشاطئ بغزة، بل إن «فتح» لم تعد لها أية علاقة، مباشرة على الأقل بما يعطل تمكين الحكومة من القيام بواجباتها في غزة، وكل حالة التلاسن والعراك عبر وسائل الإعلام حول ملف الموظفين، تظهر على أنها بين الحكومة وحركة حماس.
فمنذ أن وافقت الرئاسة وكذلك الحكومة على الورقة السويسرية، كان يمكن أن يبدأ العمل جدياً على حل هذا الملف، وبالفعل اتخذت الحكومة قرارات بتشكيل اللجان المالية والإدارية اللازمة، حسب اتفاق القاهرة، للبت النهائي في الأوضاع القانونية والإدارية وبالتالي المالية لكل الموظفين، وكذلك لاستلام المعابر، وفتحها، وكسر الحصار وبدء الأعمار.
ومن الطبيعي أن تحتكم حكومة تكنوقراط ومستقلين للقانون، نصاً وروحاً، وان تتمتع بالحيادية وعدم الأخذ بالمحسوبية الفصائلية، المتوارثة عند الفلسطينيين، لكن ما يبدو انه من غير الطبيعي أن تقبل حركة حماس بهذا، أو بمعنى أدق وأوضح بعض حماس، وبالتحديد، فئتان تظنان أن اللجوء للمعيار القانوني سيلحق بها الضرر الوظيفي، ويبدو الأمر جلياً من خلال إصرار حركة حماس على عدم البدء بتمكين الحكومة في غزة، إلا بعد أن تقوم بصرف رواتب كل موظفيها (ألـ 40 ألفا) كاملة، وبالتالي عدم فتح ملفات هؤلاء الموظفين، لأن البدء بصرف رواتبهم دون تدقيق وصرف رواتبهم كاملة سيعتبر حقاً طبيعياً لاحقاً واعترافاً رسمياً من الحكومة برتبهم إن كانوا عسكريين أو مراتبهم إن كانوا مدنيين.
نقول هناك فئتان هما اللتان تتسببان حتى الآن في تعطيل العمل على البدء بإنهاء الانقسام، هما فئة ذوي المناصب العليا المدنية والعسكرية في حكومات «حماس» السابقة، من مدراء عامين ووكلاء ومسؤولي هيئات حكومية، كذلك معظم العسكريين من ضباط برتب متقدمة من عقداء وعمداء وما إلى ذلك، والفئة الأولى تخشى على «امتيازاتها» الوظيفية التي حصلت عليها بحكم مواقعها الحزبية في حركة حماس، وليس لأي اعتبار له علاقة بالكفاءة، أو المؤهل، وهذا ينطبق أيضا على ذوي الرتب العليا من العسكريين، رغم أن العسكريين بشكل عام سيخضعون أيضا لأن يكونوا بلا سوابق أمنية، آخذين بعين الاعتبار، أن رئاسة السلطة والحكومة تأخذان بعين الاعتبار معايير المانحين بهذا الخصوص.
أما تعطيل ملف المعابر فله علاقة إضافية برسوم التحصيل والضرائب على مرور الأفراد والبضائع، إضافة بالطبع للجانب الأمني، حيث تصر حماس على أن تبقي على وجودها كحركة لإبقاء التحكم بالمواطنين بيدها من اجل إبقاء السيطرة داخل غزة لها، كذلك مشاركة الحكومة بعائدات الدخل والرسوم المجباة على المعابر.
ورغم انه يمكن حل معظم الملف بسهولة ويسر من خلال «تفنيط « مفرداته، أي البدء بتسكين موظفي التعليم والصحة، لما لهذين الملفين من أهمية تتعلق بتقديم الخدمة العامة للمواطنين، ولأن موظفي هذين القطاعين يشملان معظم موظفي غزة بشقيهما، لكن كما أخذت حماس كل غزة رهينة من قبل، وقالت أنه إذا لم يسمح لقادة وكوادر الحركة بالسفر، فليس من حق احد أن يسافر، تقول الآن: إنه أذا لم يعتمد كبار موظفيها المدنيون والعسكريون، دون فتح ملفاتهم أو التدقيق بها، فليس من حق احد أن يقبض راتبه، وكانت حاولت أن يشمل هذا ليس موظفيها وحسب، بل كل موظفي السلطة، حين حاولت أن تعطل استلامهم لرواتبهم، بالاعتداء على البنوك وتحطيم صرافاتها الآلية، قبل عدة شهور.
لكل هذا، ربما كان من الأجدى، وكما أشرنا، في مقال سابق، أن تترك حماس ملف موظفي غزة، للحكومة وللموظفين المعنيين فرادى أو من خلال نقاباتهم وتجمعاتهم، ليحلّوه بعيدا عن الحسابات الحزبية، السياسية، الفصائلية، وان لا يتدخل به أحد لا من فتح ولا من حماس، وان لا يقول فيه تصريح لا أبو زهري ولا الظاظا ولا البردويل، ثم منح الحكومة الوقت اللازم لحل الأمر بهدوء وروية، من خلال البدء بملفات المدنيين وخاصة الصحة والتعليم، ومن خلال صرف سلف على حساب الراتب، فورا لكل الموظفين، لأنهم أولا وأخيرا وقبل كل شيء مواطنون فلسطينيون يعيلون عائلات من حقهم الحد الأدنى من الكفالة الاجتماعية.