خمس مفردات!

حسن البطل
حجم الخط

1 ـ أعلام شارع يافا
عديدة هي مدن الضفة التي يحمل شارع من شوارعها اسم «شارع القدس»، كما تصبُّ الشرايين في القلب. لمدينة رام الله شوارع/ شرايين إلى القدس، نابلس.. ويافا.
لي أن اسمّي مقطعاً من شارع يافا شارعاً لأعلام دول في العالم. لسببٍ ما، لا تأتي مواكب رؤساء الدول الزائرين لرام الله من بوّابة/ حاجز قلنديا، وشارع رام الله ـ القدس؛ بل من شارع يافا.
تصطف في الشارع أشجار الطريق، وأعمدة الكهرباء على مسافات معلومة. مع رفع الأعلام الصغيرة، بتناوب علمنا وعلم دولة الرئيس الزائر في الجهة المختلفة في القدوم والمغادرة. جنود الحرس الرئاسي يصطفون على الرصيف بمسافات متفاوتة. الأعلام والجنود يرافقون الزائر الكبير حتى المقاطعة حيث حرس الشرف، ثم الأعلام على منصّتي خطابي الاستقبال.
إلى أن نصير دولة سيادية، لن يمكث الرئيس الزائر يوماً أو ثلاثة في قصر الضيافة، على طريق سردا ـ بيرزيت. لكن الرئيس الفلسطيني يزور رسمياً دولاً لمدة ثلاثة أيام.
هذا بروتوكول، وهذه مراسيم استقبال بروتوكولية، في رام الله وبيت لحم.
يراعي هذا البروتوكول أن فلسطين صارت حقيقة سياسية حتى لرؤساء دول لا تعترف بعد بفلسطين حقيقة سيادية. أما رؤساء تلك الدول التي تعترف رسمياً بدولة فلسطين، فإن البروتوكول يشمل وضع باقة زهور على ضريح الرئيس المؤسّس ياسر عرفات.
خلال هذا الأسبوع، استقبلت مراسيم البروتوكول الفلسطيني الرئيس الإيطالي، وحاكم عام كندا، وهما دولتان لا تعترفان إلى الآن بفلسطين دولة سيادية. الأسبوع المقبل سيزورنا رئيس الحكومة الروسية لتكتمل مراسيم البروتوكول.
الرئيس الإيطالي زار في أريحا أكبر لوحة فسيفساء في قصر هشام، وترميمات كنيسة المهد في بيت لحم، ومدرسة بدعمٍ إيطالي لفنّ الفسيفساء. حاكم كندا افتتح في رام الله مختبراً للأدلة الجنائية بدعمٍ من كندا.
ليس مهماً، في هذه المرحلة، أن تصوّت كندا أو إيطاليا في اليونسكو مع فلسطين، أو تمتنع عن التصويت، بل المهم هو أن تتعاون مع فلسطين في مجالات أخرى لبنائها دولة سيادية. كل زائر لفلسطين يزور إسرائيل أوّلاً، أو بالعكس.

2 ـ ساحة «الجندي المجهول»
لا يوجد في ساحات مدن فلسطين ما هو أرحب وأجمل من «ساحة الجندي المجهول» في غزة، وحتى ساحة مانديلا في رام الله، لم يكن في مدن فلسطين السلطوية تمثال إلاّ تمثال «الجندي المجهول» في الساحة.
حركة جماهيرية هي: مواطنون ضد الانقسام، ملأت القليل من رحابة الساحة، بينما كان رئيس السلطة يجتمع في الدوحة مع مشعل وهنية.
استوقفني في المظاهرة ضد الانقسام صور، اعتلاء بعض الشباب تمثال الجندي المجهول، وثمة شاب كان على منصة التمثال الغائب، يرفع بإحدى يديه العاريتين علم فلسطين، كأنه يرفع بندقية التمثال الغائب عن منصته. بيده بندقية، ويده الأخرى تشير إلى فلسطين 48.

3 ـ المتحف الثالث
هذا الأسبوع سيتم تدشين متحف ياسر عرفات في ذكرى غيابه. السنة المقبلة سيتم الاحتفال الرسمي بافتتاح المتحف الفلسطيني في مدينة بيرزيت. من قبل سنوات صار للشاعر محمود درويش متحفه قرب ضريحه، كما متحف عرفات قرب ضريحه. القائد العام والشاعر العام!
حسب ناصر القدوة، مدير مؤسسة ياسر عرفات، تمت استعادة بعض مقتنيات عرفات، من نهب بيته في غزة، مثل ميدالية جائزة نوبل للسلام، وبعض دفاتره، وجار البحث عن بعضها الآخر المفقود، وكذلك بعض مقتنياته من مقر إقامته في تونس.
ضريح عرفات بسيط وجميل ومتواضع، وكذا متحفه، لكن متحف درويش صار معلماً في تصميمه، وكذا سيكون المتحف الفلسطيني مميزاً في بنائه بين المتاحف العالمية، وسيكون تفاعلياً وليس للمقتنيات التاريخية والأثرية فقط.

4 ـ رام الله «المميزة» !
كم مدينة في عالم المليارات السبعة؟ لكن رام الله التي «تنمو على عجل» اختيرت بين مدن العالم كواحدة من 15 مدينة في تخطيط المدن، وخاصة المدن الذكيّة، التي ينقصها مع ذلك ترددات الجيل الثالث والرابع.
اصطدت شيئاً بسيطاً وجميلا وجديداً، حيث صارت المطاعم والمقاهي والمحلات تضع على بعض الأرصفة قورات فيها شجيرات قميئة، وأيضاً نباتات فصلية مزهرة.
تموت أشجار الصنوبر القديمة واقفة، لكن بدلاً من قطع جذعها على مستوى الرصيف، حيث تتعثّر الأقدام بها، صارت البلدية تقطع جذعها بطول نصف قامة الإنسان، وتزرع فيها نباتات مزهرة ومتدلّية جميلة. مجرد لمسة تعطي الرصيف لمسة جمالية، كلمسة ماكياج امرأة على وجهها، تنوب عن جعل رام الله مدينة ـ حديقة.

5 ـ الناس والمصانع والمكبّات
كيف ستوازن بلديات الضفة بين احتجاجات الناس على مشروع مصنع الإسمنت قرب بيت لحم، كأول مصنع في فلسطين، واحتجاجات الناس على مشروع مكبّ النفايات الصلبة قرب قرية رمون.
هل هناك دولة بلا مصنع إسمنت؟ هل هناك دولة بلا مكبّات رئيسية؟ هل هناك دولة بلا فرز وإعادة تدوير المواد؟ هل هناك دولة بلا مناطق صناعية؟ هل هناك دولة بلا محطّات توليد الكهرباء؟
كيف السبيل لإقناع الجمهور بأن فلسطين تأخذ في مشاريعها بآخر مستجدات التكنولوجيا في إقامة المصانع والمكبّات والمدن الصناعية؟