كتب المهندس/ حاتم أبو شعبان " عضو المجلس الوطني الفلسطيني "
هناك من يُقارن بين عملية حرق الطفل الفلسطيني الشهيد/ محمد أبو خضير رحمه الله, الذي تم حرقه حيّاً في القدس على أيدي المستوطنين اليهود، وعملية حرق الطيار الأردني حيّاً الشهيد/ معاذ الكساسبة، بأنهما عمليتان إجراميتان متشابهتان، ولكن من وجهة نظري أنهما متشابهتان من حيث الآلية والتنفيذ فقط، ولكن لا يوجد مقارنة بين العمليتين الإجراميتين من حيث المبدأ والهدف، فالذي حرق الطفل الفلسطيني الشهيد محمد أبو خضير حيّاً هم أعداؤنا المتطرفون اليهود الذين يخطِّطُون لتهويد القدس، وطرد الفلسطينيين منها، وهذا شيء متوقعٌ حدوثه من عدونا الذي يتربَّص بنا في كل لحظة، ويتفنَّن في عمليات القتل والإرهاب المنظَّم لأبناء الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهدم البيوت في القدس، وسحب الهويات المقدسية من أبنائها، وتعودنا من قيادات الأمة العربية اللامبالاة تجاه أعمال الإجرام والقتل التي يقوم بها الجيش الاسرائيلي والمستوطنون, والإدانة بصورة خجولة.
ولكنَّنا, بعد هذه العملية الإجرامية النكراء التي تمت بحرق الطيار الشهيد الكساسبة حيّاً من قبل تنظيم داعش، غيورون على ديننا الإسلامي الذي أُسيئ له بأقصى درجة من الأفعال الدنيئة التي تنفذ من جهات مُتَأَسْلِمة تدَّعي الإسلام, والإسلام منها براء، مثل عمليات القتل والذبح وأخيراً الحرق للأحياء من هذه الجهات كما فعل تنظيم داعش وأمثاله.
من هذا المنطلق, فإن التحرك المطلوب الآن من أبناء الأمتين العربية والإسلامية وقياداتهما، هو الدفاع عن الإسلام وحمايته, والحفاظ على سمعته التي باتت في خطر أمام العالم، حتى أمام المسلمين أنفسهم وخصوصاً الشباب المسلمين المعتدلين الذي أصبحوا في حَيْرة من تنفيذ هذه العمليات الإجرامية, ويتساءلون ..- هل حقيقة أن هذه الأعمال هي من مبادئ الإسلام كما يدَّعِي المتأسلمون !!؟ أم أن الدين الإسلامي السَّمْح بريء منها، صحيح أن هناك بعض الشباب مقتنعٌ بما تروِّجه هذه التنظيمات الإرهابية, ومؤيدٌ لعملياتها الإجرامية التي تقوم بها, ويدافعون عنها, ومنهم من ينتمون إليها، ولكن هناك الغالبية العظمى من هؤلاء الشباب غير مقتنع بمثل هذه الأفعال, لأنها تتنافى مع مبادئ دينننا الإسلامي الحنيف، وتزرع الشكوك والتساؤلات في نفوسهم حول ماهية المبادئ الحقيقية للإسلام، هل هي من مبادئ الإسلام الوسطي المعتدل, أم من مبادئ الإسلام الذي تروِّجه المنظمات الإرهابية.
لذا يجب على كافة الجهات المسئولة في العالم العربي والإسلامي, والحريصة على الإسلام كشف هؤلاء المجرمين القتلة، وتفنيد ادعاءاتهم، وعلى كافة الأحزاب والمنظمات الإسلامية الحريصة على الإسلام ومبادئه الحقيقية، التحرك الفوري لإنقاذ سمعة الإسلام، وتوضيح مبادئه، والتأكيد على أن الإسلام يرفض الأعمال الإرهابية والإجرامية التي تقوم بها هذه المنظمات المتأسلمة مثل داعش وغيرها، وإذا لم يتحركوا بجهود كبيرة, وتوزيع النشرات, وعمل الندوات, وورشات العمل, وخصوصاً للشباب، فإنهم جميعاً –بسكوتهم- يدعمون المتأسلمين، ولاعلاقة لهم بالدين الإسلامي, بل هم متواطئون للإساءة للإسلام.
إن أقل ما يمكن فعله الآن, وكخطوة أولى, هو القيام بمسيرة تضامنية مع الشعب الأردني ضد هذه الجريمة النكراء، وللدفاع عن الإسلام بمبادئه الحقيقية، كما تهدف هذه المسيرة إلى استنكار وإدانة العملية الإجرامية التي تمت على أيدي تنظيم داعش الإرهابي بحق الشهيد الطيار معاذ الكساسبة، وعمليات الذبح والإرهاب الأخرى من قبل كافة التنظيمات الإرهابية المُدَّعية للإسلام، أسوة بالمسيرة التي جرت في باريس ضد الإرهاب، والتي شارك فيها العديد من قادة العالم، على أن تكون هذه المسيرة في عمان بالأردن، ويشارك بها كل الشخصيات الدينية الإسلامية والمسيحية في العالم بدءاً من شيخ الأزهر الشريف ومشايخ الأزهر، وبابا الفاتيكان والبطاركة والمطارنة, ورؤساء الكنائس في العالم أجمع, وكل مشايخ الإفتاء في الدول الإسلامية، ورجال الدين الإسلامي والمسيحي في دول العالم، وخاصة رجال الدين الإسلامي في تركيا, وزعماء الإخوان المسلمين في أماكن تواجدهم في العالم, وقيادات حماس, وكافة التنظيمات الإسلامية الأخرى للمشاركة في هذه المسيرة.
يجب أن تكون هذه المسيرة شعبية فقط, وتحت رعاية حكومة المملكة الأردنية الهاشمية، ومن هنا فإننا نناشد حكومة المملكة الأردنية الهاشمية بالعمل على تنظيم هذه المسيرة، والدعوة لها بالسرعة الممكنة لحماية الإسلام.