بدا الإعلام الإخباري الأميركي الذي تهجم عليه دونالد ترامب طوال أشهر، يحاسب نفسه على طريقة تعامله مع انتخابات العام 2016 الرئاسية، وكيف أخفق في عدم توقعه اتجاه المرشح الجمهوري نحو الفوز.
اعتبرت الكاتبة حول قضايا الإعلام في صحيفة واشنطن بوست مارغريت ساليفان حملة العام 2016 "فشلاً ذريعاً " للإعلام الإخباري.
وكتبت ساليفان "أقولها بصراحة، وسائل الإعلام أخطأت في الخبر".
وأوضحت "ففي النهاية اتضح أن عدداً ضخماً من الناخبين الأميركيين يريد أمراً مغايراً، ورغم أن هؤلاء الناخبين عبروا عن ذلك بالصراخ والهتاف، لم يكن الصحافيون يصغون بغالبيتهم".
من جهته، قال الكاتب حول قضايا الإعلام في نيويورك تايمز جيم روتنبرغ، إن غالبية المؤسسات الإخبارية أساءت تفسير "النبض المعقد" للبلاد.
وتابع، أن "إخفاق مساء الثلاثاء يتجاوز بكثير الخلل في الاستطلاعات" موضحاً، أنه "كان فشلاً في رصد فورة غضب لدى قسم كبير من الناخبين الأميركيين الذين شعروا بأنهم تعرضوا للإهمال في تعاف انتقائي وللخيانة في اتفاقيات تجارية يعتبرونها تهديداً لوظائفهم وقلة احترام من طبقة سياسية تقليدية في واشنطن وعالم الأعمال والإعلام عامة".
ولطالما بدت العلاقة معقدة بين ترامب والإعلام منذ إطلاق حملته الطموحة للرئاسة.
وأضافت ساليفان، أن ترامب تلقى دعماً عبر "حجم هائل من التغطيات المبكرة في الأشهر السابقة للانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري" مع بث القنوات الإخبارية كافة تحركاته بشكل متواصل.
أشارت دراسة قادها أستاذ وسائل التواصل في جامعة ويسكونسن كريس ويلز، إلى براعة ترامب في البقاء مركزاً للاهتمام عبر دفق ثابت من التعليقات الاستفزازية والخارجة عن المالوف، الأمر الذي ثابرت عليه وسائل الإعلام في سباقها على عدد المشاهدين.
وكتب ويلز وزملاؤه "أثبت ترامب قدرة فريدة على تلبية الحاجة إلى الهيمنة على الأجندة الإعلامية، بالدخول إلى دورة الأخبار، وإعادة دخولها تكراراً عبر أخبار ومبادرات بحيث كانت التغطية الناجمة عن ذلك وفقاً لشروطه".
وقال ويلز "باكراً في الحملة وفرت الصحافة له تغطية واسعة ولم تاخذه بشكل جدي في الوقت ذاته".
كما أشارت تقارير، إلى شبكات إخبارية على غرار "سي إن إن" و"فوكس نيوز" و"إم أس أن بي سي" كانت في أزمة في السنوات الأخيرة، جددت ثرواتها أثناء الحملة، إلى حد كبير بفضل ترامب.
فالمؤسسات الإعلامية أدركت رغم نفورها من المرشح الفظ أنها "تستطيع حصاد مردود القراءة الكثيفة لأخبار ترامب" على الانترنت.
ورأى أستاذ الصحافة في جامعة نورثيسترن دان كينيدي، أن ترامب "فهم مناخ الإعلام المعاصر أكثر من أي شخصية عامة أخرى، وتمكن من استغلاله بحيث جعل نفسه النجم".
أضاف، أن "الأخبار كانت دائماً حول شخصه".
أشار كينيدي، إلى أن انتقاد الإعلام على إساءة تحليل الكتلة الناخبة ليس منصفاً.
وقال، إن "الإعلام أجاد إيصال حجم عيوب شخص ترامب".
فمع ازدياد التغطية الإعلامية شراسة استجواب ترامب بشأن معاملاته المالية ومعلومات حول تجاوزات جنسية، لكنه رد بقسوة على ما اعتبره "أكاذيب" إعلام "فاسد".
في المرحلة الأخيرة من الحملة بدأ الجزء الأكبر من تغطية كبرى المؤسسات الإعلامية ناقداً للمرشح الجمهوري إلى حد أن بعض الوسائل الإعلامية الأميركية اتهمه بالـ"كذب" على صفحات الأخبار.
حتى آنذاك نجح ترامب في نشر "رواية مضادة" على وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الإعلام البديل لتهدئة أنصاره وإثارة حماستهم.
وتزامن موقفه مع تراجع ثقة الأميركيين بالإعلام إلى أدنى مستوياته، فقد كشف استطلاع لمؤسسة غالوب في العام الجاري عن ثقة 32% فحسب في قدرة الإعلام "على نقل الأخبار بشكل كامل ودقيق ومنصف".
ورأى ويلز، أن انتقادات الإعلام لم تؤثر على ترامب إطلاقاً، لأن هذه "الوسيلة افتقرت إلى أدنى درجات المصداقية في أوساط قاعدته الأساسية".
كما كتب مسؤول شؤون الإعلام لدى موقع أن بي آر ديفيد فوكنفليك على تويتر، أن الرئيس المنتخب يدخل البيت الأبيض "بعداء جلي للصحافة رغم اعتماده على التغطية الإعلامية".