لكن.. ماذا لو الشباب مل؟

7
حجم الخط

لكن ... ماذا لو الشباب مل؟

الكاتب: خالد أبوقرع

 " الشباب لن يكل ... همه أن يستقل" ، هذه العبارة كنا نسمعها في الصغر في نشاطات و مهرجانات المدرسة مع اغنية موطني المشهورة التي كنا نتسابق في غناءها، حتى كنا نظن بأنها النشيد الوطني الفلسطيني لشهرتها. لم نكن نتعمق كثيراً في الكلمات لأن اللحن الجميل كان الغالب في الأغنية، أما الأن أصبحت الكلمات موضوع اهتمامنا، اي فئة الشباب و التي تعتبر القلب النابض لأي شعب يسعى للتطوير و التغيير. أما في واقعنا الفلسطيني، لم نعد نميز من يريد أن يستثمر طاقتنا و من يريد أن يدفن هذه الطاقات و يشجع على هجرتها. لهذا، لندقق أكثر في كلمات اغنية موطني و لنعكس بعض العبارات لعلنا نصل إلى نتيجة.

  يعيش الشباب الفلسطيني و الذين يشكلون 30% من السكان داخل الأراضي الفلسطينية حسب اخر احصائية للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2016 ظروف صعبة تختلف عن سائر شعوب العالم. حيث يعاني الشباب من البطالة و الاوضاع الاقتصادية الصعبة و انتهاكات الاحتلال و عدم توفر الفرص المناسبة لتحقيق أحلامهم. حتى إننا اصبحنا نلاحظ أن الهجرة و العمل خارج البلاد أصبح الحلم الأول للكثير، حتى انهم يلومون من كان في الخارج وعاد هنا متعجبين بسؤالهم " لماذا عدت إلى هذه البلاد؟ ". هذا السؤال لم يأتي من فراغ و من الممكن أن يصبح هذا السؤال نهج مخطط عند الكثير إذا استمر إهمال و عدم تقدير الطاقات الشبابية الموجودة لدينا.

 في حقيقة الأمر، إن أهم ما يبحث عنه الشباب الفلسطيني في هذه الأيام هو نافذة صغيرة تبعث بالأمل لتمحي غيوم الإحباط التي أصبحت ترافقهم لغياب التقدير الذي يعتبر أمر أساسي في جذب و تعزيز صمود الطاقات البشرية. للأسف يكبر الطفل في المدرسة على قاعدة " لا يمكنك التغيير لأننا نعيش تحت احتلال " ليصل الجامعة على قاعدة " لا تدرس هذا التخصص لأنك لن تتوظف " مع العلم ان هذا التخصص الذي يريده، فيدرس تخصص اخر و في النهاية يصل العمل و لا يستطيع الإكمال لعدم رغبته او يكمل كالة تنفيذية بلا اي رغبة.

 احياناً أفكر، ماذا إذا اصبحت الهجرة سهلة و تم إزالة كل القيود؟ ماذا إذا اراد الغرب ان يستثمر طاقات شبابنا لبناء اقتصاده؟ ماذا إذا وضعت الدول محفزات كبيرة للسفر و العمل؟ هل سيختار شبابنا البقاء ام الرحيل؟

 هذه الاسئلة خطيرة جداً على مستقبل الشباب الفلسطيني، في ظل عدم وجود سياسات حقيقة لبناء قيادات شابة و استثمار هذه القيادات في صنع القرار سواء من قبل الحكومة أو القطاع الخاص أو حتى قبل مؤسسات المجتمع المدني و التي تعتبر عنصر أساسي في بناء القدرات. إن غياب السياسات الفعالة القائمة على رؤية " بناء و إشراك " القيادات الشبابية في المناصب وتعزيز قدراتهم و تقديرهم سيؤدي إلى اتساع الفجوة الموجودة بين الشباب و التمسك بالوطن.

 اليوم تمر علينا الذكرى الثانية عشر على استشهاد القائد أبو عمار و الذي بدأ عمله الثوري في اوائل العشرينات " اي كان شاباً " ليصل إلى أعظم القادة في العالم ليعيد القضية الفلسطينية على خارطة المجتمع الدولي. في ذكراه إن الأفضل و الأهم عمله هو صياغة سياسات تعزز من صمود شبابنا و تطور قدراتهم بدلاً من إقامة المهرجانات و الخطابات فقط ، هذا ما اراده أبو عمار للشباب الفلسطيني و لهذا علينا التمسك برؤيته و بناء أكثر من "أبوعمار" ليقود الشعب الفلسطيني في مختلف المجالات

 نريد أن نصل إلى مرحلة يسأل فيها شبابنا " ماذا سأفعل لبلادي غداً؟" بدلاً من " متى سأترك بلادي غداً؟ ". هذا ما أراده أبو عمار و لهذا كان لا بد من تنويه ذلك في ذكرى استشهاده. على صناع القرار أن يستمعوا لأغنية موطني جيداً و من ثم يسألوا انفسهم السؤال الاتي " و لكن ... ماذا لو الشباب مل؟ " ... لعلهم يجدون إجابة و يتحركون قبل فوات الاوان.