يسعل جاري، ثم يرسل صفيرا، ولما يلتقط أنفاسه؛ يقول: لم انم الليلة والله .. لكنه بشعل سيجارة من سيجارة، ويشرع يمتص دخانها، وينفثه ...أسأله عن زمن تدخينه. فيسعل حتى يتقطع، وإذا ما استرخى؛ قال:
من سنة 56.
ثم يرمق دهشتي، ويكمل: تعلمت التدخين من الدوليين. وحتى افهم؛ يوضح: مكث اليهود في غزة ستة اشهر، ثم انسحبوا، فجاء الدوليون، قبعات زرقاء، وعيون زرقاء.
ثم يصمت ليستدرك: ليسوا كلهم .. الحقيقة كان هناك هنود أيضا، يلفون رؤوسهم بقماش ملون.
يقول: صرنا نذهب إلى معسكرهم القريب من الحدود .. نحادثهم بالايماءات، وبهزات الرؤوس؛ فيخرجون علب البلارز، ويقدمون لنا السجائر،وهم يبتسمون ..
ويعاوده السعال .. ينحني حتى يكاد يلامس يصدره التراب .. يسعل، ثم يسعل، حتى أخاله قد قذف روحه ..
لكن جاري يعود إلى الحياة .. بمتص الأنفاس .. ويقول: أيه كانت أيام ..