فشلت وسائل الاعلام الأميركية – المركزية، المسيطرة، الليبرالية، بجميع كتابها ومحلليها الناجحين - فشلا ذريعا في توقع نتائج الانتخابات.
بالضبط مثلما فشلت وسائل الاعلام الاسرائيلية بتوقع نتائج الانتخابات هنا قبل أقل من عامين.
كان الفشل مماثلا: في الحملتين الانتخابيتين توقعت جميع وسائل الاعلام المركزية انتصار المعسكر الذي تنتمي اليه وتؤمن بقيمه، وخسارة المعسكر الذي تُعاديه وسائل الاعلام.
في الحالتين انقضت وسائل الاعلام على مرشح المعسكر «الآخر»، نتنياهو هنا وترامب هناك، من اجل اظهاره كاذبا وعنصريا وكارثيا. وفي الوقت ذاته التهليل للمرشحين للمعسكر الذي تنتمي اليه، «مرشحينا» – هرتسوغ هنا وكلينتون هناك.
صحيح أنهم كما قالت وسائل الاعلام يسعلون ومرضى، لكنهم ملائمون. لماذا؟ هل قال أو فعل بوجي أو هيلاري شيئا نقش في الذاكرة؟ لا. لماذا، اذاً، هم ملائمون؟ لأنهم «تابعون لنا»، لأنهم يصلحون للقيادة، حيث إن والد أحدهم وزوج الثانية كانوا رؤساء.
طريقة التفكير هذه دفعت وسائل الاعلام الى تفضيل المرشحين المقربين منها وتوقع انتصارهم، ما تبين أنه خاطئ في لحظة الحقيقة. توقعت وسائل الاعلام ما تريد أن يحدث، وبذلك أخلت بدورها وهو التغطية وتحليل ما يحدث في الواقع.
لأن وسائل الاعلام ليست كما تدعي. إنها ليست محايدة تنظر من الجانب إلى اللعبة السياسية وتوزع النقاط على المشاركين.
وسائل الإعلام هي لاعب في هذا الملعب، لاعب فعال ومهم بل حاسم. نموذج العمل المتكرر لوسائل الإعلام بأخذ الشعب في الاتجاه «الصحيح» هو كالتالي: سنثبت للجمهور الواسع بأن «قائده» مجنون وزوجته مدمنة. وعندها سيعي الشعب ويصوت لـ «مرشحنا». وهكذا يحدث الخلاص.
لكن ليس فقط أن هذا النموذج لا ينجح، بل العكس تماما؛ كلما اهتمت وسائل الإعلام أكثر بشخصية «غير الجيد» زاد عدد المصوتين له.
وهذا النموذج لم ينجح، بل يعمل بشكل عكسي لسببين. الاول، الحديث عن نواقص القائد يقول لناخبيه إنهم مثله، ومطالبتهم بعدم التصويت له لا تعني بالضرورة استجابتهم لذلك.
وثانيا، وسائل الإعلام، ولن يجدي هنا الإنكار، هي جزء من الفئة المسيطرة.
هؤلاء أشخاص يحصلون على الامتيازات والرواتب الجيدة ولديهم اكبر قدر من الحرية والحقوق وفرصة التحدث.
لذلك فان الاشخاص الاقل نبلاً والاقل امتيازات والذين تسميهم وسائل الاعلام «الشعب» يتصرفون ضد الاقوال القاطعة لوسائل الاعلام، خصوصا حول ما تقوله عنهم وعن انتخاباتهم غير الصحيحة، ويفعلون ذلك نكاية.
لذلك من الافضل أن تكف وسائل الاعلام عن هذا الهوس، وأن تقترح طريقاً اخرى افضل واكثر صحة لادارة الدولة. أم أنه لا توجد طريق اخرى لوسائل الاعلام غير تلك التي يقدمها القائد؟ إنها ببساطة تريد أن يكون الشخص «منها». هل يمكن حدوث أمر كهذا؟