غريبةٌ هي التشريعات الإسرائيلية التي أُقرَّت خلال السنوات الماضية، والتي تصبُّ في خانة العنصرية بشكلٍ سافر.
من أهمّ القوانين العنصرية التي شُرِّعَت خلال السنوات الخمس الماضية على الأقل «قانون النكبة» والذي ينص على وقف تمويل الحكومة الإسرائيلية لأي مؤسسة أو هيئة تشارك في إحياء ذكرى النكبة. وقانون «التجنيد» الذي ينصُّ على فرض التجنيد الإجباري على كل مواطن في إسرائيل حتى تتم المساواة في الحقوق، مع أنه يستهدف بالدرجة الأولى المواطنين الفلسطينيين في الداخل الذين يعانون من عدم المساواة. وقانون اللغة العربية، حيث أقرَّت الكنيست إخراج اللغة العربية كلغة رسمية، وأبقت فقط على العبرية، على الرغم من أن العربية لغة رسمية منذ الاستعمار البريطاني. إضافةً إلى قانون «لم الشمل» الذي استهدف الفلسطينيين، وخاصة المتزوجين من خارج حدود «الخط الأخضر» (الضفة والقطاع)، وقانون «منع العفو العام» والذي يهدف إلى منع الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، وقانون الإطعام القسري، وقانون تجريم رشق الحجارة الذي جعل عقوبة رشق حجر تصل إلى عشرين عاماً.
في المجمل، هناك أكثر من 72 قانوناً أو مشروع قانون عنصرياً أُقِرَّت خلال السنوات الماضية أو تتم مناقشتها بهدف إقرارها.
آخر القوانين التي أُقِرَّت بالقراءة التمهيدية تشريع البؤر الاستيطانية، ومشروع قانون منع استخدام مُكبِّرات الصوت لرفع الأذان في المساجد. لكن ربما الأخطر في ظل حكومة يمينية غارقة في العنصرية هو ما تدرسه وزيرة القضاء الإسرائيلي أييليت شاكيد، والمستشار القضائي لحكومة الاحتلال أفيحاي مندلبليت، وهو تشريع يعلن المستوطنين سكاناً محليين في منطقة واقعة تحت الاحتلال بموجب القانون الدولي، على اعتبار أن المستوطنين لا يتمتعون بهذه الصفة المقتصرة على السكان الفلسطينيين.
المشرِّعُون الإسرائيليون يجهدون في البحث عن نصوص قانونية دولية، حتى يكون المستوطنون ضمن السياق القانوني وليس خارجه، وبالتالي، فإن هذا التوصيف سيعطي دولة الاحتلال الحرية الكاملة في الحفاظ على حقوق هذه المجموعة المصنفة «كسكان محليين تحت الاحتلال»، لتسهيل عملية السطو على الأراضي الفلسطينية وتحويلها إلى الاستيطان والمستوطنين على اعتبار، مثلاً، (المصلحة العامة).
لعلّ الهدف الرئيس من مشروع القانون العنصري هذا هو تبييض المستوطنات والبؤر الاستيطانية المغتصِبَة للأرض الفلسطينية كشكلٍ من أشكال «غسيل الأموال القذرة»، لكن في الحالة الاستيطانية لتشريع قذارة المستوطنات غير الشرعية وفق القانون الدولي والمفهوم الأممي، حيث لا تعترف أي دولة في العالم بالاستيطان في الضفة الغربية أو القدس المحتلة. وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية على الرغم من مواقفها الداعمة بشكل مطلق لدولة الاحتلال.
تحاول سلطات الاحتلال الاستفادة من معطيات داخلية أو خارجية، فهي تعتمد على قرار المحكمة الإسرائيلية العليا التي اعتبرت مستوطني «كريات أربع» في العام 1972 سكاناً محليين من أجل إيصال التيار الكهربائي لهم، وخارجياً قضية الأملاك القبرصية في شقي قبرص بعد الانقسام.
ويزيد على ذلك الاقتراح الذي تقدمت به شاكيد حول إقامة محكمة أراض في الضفة الغربية، وعلى الرغم من رفض هذا الاقتراح سابقاً، فإنها تصر على إعادة طرحه، ما يعني محاولةً إضافيةً لشرعنة سرقة الأراضي الفلسطينية والاستيلاء على ما تبقى منها.
أمام هذا الواقع الجديد، نطرح سؤالاً حول موقف القيادة الفلسطينية من هذه التطورات السريعة والخطيرة الهادفة إلى إضفاء مزيد من سياسة الأمر الواقع على الأرض؟! وما هي سبل التصدي الحقيقية لهذه القوانين العنصرية في ظل وضع نتغنّى به منذ عدة سنوات وهو دخولنا إلى كثير من المنظمات الدولية والحقوقية الدولية، فما هي الاستفادة من هذا الوجود إن لم يكن قادراً على الوقوف في وجه هذه التشريعات الإسرائيلية، التي تحاول الالتفاف حتى على القانون الدولي.
من المؤكد أن المواجهة لن تقف على حدود الشجب والاستنكار ثم الصمت وبعد ذلك النسيان، لنصبح أمام واقع قد يغير وجه القضية الفلسطينية؟!!
كي لا يصبح جهل بعض "شواذ" إعلاميين عرب...حقيقة سياسية!
02 أكتوبر 2023