قال وزير الثقافة الشاعر إيهاب بسيسو، إن رواية "رامبير-حفلة تنكرية" للشاعر والروائي المتوكل طه، عملّ يمثّل حالة مميزة من السرد الفلسطيني والعربي لأنه يستند إلى تجربة جريئة على صعيد النقد المجتمعي والسياسي والتاريخي.
جاء ذلك في حفل إطلاق رواية "رامبير-حفلة تنكرية"، مساء اليوم الاثنين، في متحف محمود درويش في مدينة رام الله.
وأضاف بسيسو أن هذه الرواية لها العديد من المميزات على مستوى الأسلوب والسرد والفكرة، حيث يجمع في هذا العمل الكثير من المفاصل على صعيد التجربة والقضايا بأسلوب روائي أقرب إلى الفانتازيا والهذيان المتعمد الذي يبدأ بحفلة تنكرية تتحول إلى الواقع، ثم يبدأ السرد في فضحٍ لمعالم الحفلة وتفكيك رموزها السردية والاجتماعية والثقافية.
وتابع: إن التميّز في الجرأة والسرد لم ينأَ عن الشعر، وإن الإشارات الذكية التي يحاول المتوكل طه من خلالها إلقاء الضوء على الممارسات، وحتى فكرياً، لا يلجأ للتصريح بل إلى التلميح وهذا يأخذ الفكرة إلى مكان أوسع.
وأكد بسيسو أن رواية رامبير هي صرخة المتوكل طه الذاتية وفي قراءتها نستطيع القول إنها صرختنا جميعا أمام الزيف وأمام الفصول التي شهدنا ونشهد عليها، في سخرية وأمل وواقع وهذيان، لهذا كله، تلخص رواية رامبير الواقع.
من جهته، قال المتوكل طه إن مواجهة الزيف تكون بفتح الجرح وتنظيفه، مؤكدا أن الرواية تتحدث عن مجلس إدارة شركة في نقد اجتماعي للثقافة المستوردة والمستدخلة بشكل تخريبي يستهدف ثقافتنا الأصيلة، فمواجهة الزيف تكون من خلال عوامل الثقافة والسياسة في فضاء أكثر سعة من الفصائلية، بالعمل السياسي النبيل الذي يؤمَل من خلاله الحفاظ على جميع الثوابت.
وعن المرأة في الرواية، قال المتوكل طه إن المرأة في الأساس هي أمنا، ثم هي زوجنا، فالنظرة يجب أن تكون أعمق وأكثر دقة ووسعا عند النظر إليها.
وفي مداخلة له قال الكاتب الحاصل على جائزة فلسطين للكتاب الأول طارق عسراوي، إن رامبير مدينة متخيّلة تعكس صورة الدول والأنظمة التي تبارك الظلم وتقتات على أحلام أهلها البيضاء، كما أن في شخصياتها الخرافية صورة لكل سارق جشع، فهي مدينة لا تنطبق على جغرافيا محددة، وإن حمولة الرواية الساخرة والمركبة تشير بجرأة إلى ما نخفيه من سوء، وتسلط الضوء على ما في الواقع من ظلم وظلام بنقد مسؤول، انطلاقا من عبارة الكاتب والفيلسوف اليوناني نيكوس كازنتازاكس أن "الاعتراف بالخطيئة هو نصف التوبة"، فالحكمة تقول إن رؤية الخطأ أول الطريق إلى علاجه.
وتحدث الروائي أحمد غنيم عن الرواية قائلا إن المرأة تسكن وعي المتوكل طه، فكانت في رواية رامبير كما كانت في روايته الأولى "نساء أويا" قادرة على كشف النوايا والأسرار.
وقال مدير عام دار الأهلية للنشر والتوزيع الناشر أحمد أبو طوق، إن جميع النسخ التي أحضرت إلى الأمسية قد نفدت، فقد كانت الأمسية مميزة بحضورها ومحتواها وتفاعلها.
رواية "رامبير- حفلة تنكرية" تحمل في متنها الحكائي زخما هائلا من الحكايات الصغيرة تجعل القارئ يتوغّل في عمقها بتفاصيل يحتاجها بشدة، ليستكمل صورة واقعه المشتت والمتأرجح بين الدمار الحاصل والتدمير المتعمد لمجتمع يفترض أن يكون مدنيا مبنيا بهيكل راسخ وثابت.
السؤال الجوهري في رامبير هو سؤال الأخلاق؛ السؤال حول هوية المنظومة الأخلاقية لمدينة ما، كيف يُبذَر لها شرّاً، وكيف تتطور لتصبح معضلة متأصلة في المكان، ففي السرد المكدّس بالعشرات من حكايات الشخوص الثانوية نرى بوضوح صارخ كيف تتطبع المدينة بطبع من ولّي أمرها، وكيف تنكفئ المعايير الأخلاقية حتى تصير المدينة خَسفاً، في إشارة للدمار الذاتي الآتي من استشراء الفساد الذي يأكل المدينة من الداخل.
فـ "رامبير" هي كلّ المدن. وراء الواجهات، بعيدا عن الشوارع المضاءة، كلّ المدن بطريقة ما رامبير، بأمراضها الاجتماعية والسياسية، وكل النُّظُم الحاكمة إلى حد كبير، هي مجلس إدارة رامبير بما فيه من إساءة للقيم وانتهاك للرعايا المستأمنين، وهذا ما يجعل من هذه الرواية عملاً كونيا سرمديا صالحا لكل الأماكن التي طالتها يد الأنظمة البشرية في كل الأزمنة.
"رامبير-حفلة تنكرية"، هي الرواية الثانية للمتوكل طه، وصدرت عن دار الأهلية للنشر والتوزيع وتقع في 160 صفحة من القطع المتوسط.