من حق المواطن الفلسطيني العادي البسيط والمثقف والواعي والتاجر والصانع وغيرهم أن يطرحوا أسئلةً كثيرة حول المؤتمر السابع لحركة فتح، تارةً من باب شغف المعرفة وغالباً من باب الاهتمام بانعكاساته عليه، على تفاصيل حياته اليومية ومستقبله، وهناك من يذهب الى أبعد من ذلك ليطرح السؤال المهم والأهم عن إنهاء الانقسام وإعادة اللحمة للوطن، والمقاومة الشعبية ومقاطعة المنتجات الإسرائيلية، والقدس، وقضايا رؤية "فتح" الاجتماعية والاقتصادية والمالية، وموقف الحركة من قضايا العدالة الاجتماعية وقضايا الفقر والبطالة، ويجب ان تجيب "فتح" للرأي العام الفلسطيني عن قضايا التنمية والصمود.
ولا يعقل أن يبدي أحدٌ استغراباً من هذا الشغف والانتظار الشعبي لما سيتركه المؤتمر السابع من آثار إيجابية على المواطن الفلسطيني في أماكن تواجده كافة، خصوصاً أننا لا نتعاطى مع مجلس تشريعي ولا مع مجلس بلدي، بل نتعاطى مع حركة تحرر وطني تقود منذ ما يزيد على خمسين عاماً مسيرةَ الكفاح الوطني والمفاوضات السياسية، صحيح ان المؤتمر السابع مؤتمر تمثيلي للكادر الحركي وليس بالمطلق يمثل محافظات أو مصالح اقتصادية وتجارية بحتة، ليصار النقاش، لم نكن على طاولة "فتح" عفواً الحركة ليست مجلساً تشريعياً.
ليس من المقبول ان يعلق أي كادر فتحاوي، أو عنصر او نصير ما شأن الناس في هذا المقهى الشعبي، وذاك النادي الشبابي، وتلك الشركة وموظفي هذا المركز الصحي لنقاش المؤتمر السابع والتمني ان تكون المخرجات بمستوى التحديات، ومَن قال إن المؤتمر السابع بعيد عن تحديد رؤية واضحة لأسس برنامج العمل الوطني، ومن ثم رؤية الحكومة الفلسطينية، ومن قال إن شاعراً فلسطينياً او موسيقياً او فرقة تراث شعبي ليس من حقها أن تفكر كيف ترى "فتح" الموضوع الثقافي الابداعي الاحترافي، لأن "فتح" ليست حزباً مغلقاً على كادره وعناصره وأنصاره.
ليس مقبولاً التقليل من شأن مبادرات بعيدة عن مفوضيات الحركة ومكاتبها الحركية ومنظماتها الشعبية لأنها ليست مختومة بختم أي من هذه الأطر، وهذا ما يتطلع له الرأي العام أن تكون "فتح" داعماً ونصيراً لمبادرات خلاقة دون ان يكون على رأسها كادر فتحاوي أو عضو لجنة مركزية أو مجلس ثوري أو أمين سر اقليم أو مسؤول منطقة أو شعبة او موقع، وهذه المبادرات كثيرة ومنوعة ولا تبتعد عن فتح.
المطلوب اليوم فتحاوياً أن يكتفي الكوادر أعضاء المؤتمر بهذه الصفة وأحقية التنافس على مواقع "المركزية" و"الثوري" وأن لا يقفزوا غداً وبعد غد للمنافسة أيضاً على رئاسة البلديات والمجالس القروية وعضوية تلك المجالس، والمزاحمة على قيادة الأندية والجمعيات الخيرية، أو أن ينصبوا أنفسهم أوصياء على العمل العام الذي يتسع لكفاءات قادتها المرتبية التنظيمية أن تكون خارج المؤتمر السابع.
المواطن والمواطنة سيكررون السؤال والإلحاح ما الذي تغير على حالنا وأوضاعنا وطنياً وسياسياً وتفاوضياً وعلى الصعيد الاجتماعي والاقتصادي وحق العودة للاجئين، وهل ستنجح روافع تلك القضايا كمخرج من مخرجات المؤتمر السابع. إذ لم يعد مقبولاً أن تستمر أسواقنا تعج بالمنتجات الإسرائيلية بعد المؤتمر السابع، أو أن يظل النقاش دائراً ماذا سنفعل لو قاطعنا العمل بالمستوطنات الجاثمة على ارضنا، لأن هذا النقاش سيفقد مبررات استمراره بعد المؤتمر السابع بالمطلق.
لا أتمنى بالمطلق أن يصفني قارئ هذه السطور أنني لست واقعياً أو حالماً أو أنني أحمّل الأمور أكثر مما تحتمل.
حدث في مثل هذا اليوم .. السابع من تشرين الأول
07 أكتوبر 2023