الصراع يحتدم.. اجتماعات مكوكية لتعيين نائب "الرئيس" والشخصية الأبرز لتولي هذا المنصب؟

الصراع يحتدم.. اجتماعات مكوكية لتعيين نائب
حجم الخط

أنهت حركة "فتح" قبل أيام مؤتمرها العام السابع، وذلك بعد خمسة أيام من التداول المستمر، وإفراز قيادة جديدة لمركزية وثوري الحركة، وكذلك ارتفاع أسهم الأسير القائد مروان البرغوثي بانتخابه لعضوية اللجنة المركزية لـ"فتح" مجدداً، وحصوله على أعلى الأصوات.

وعلى الرغم من عدم رضا غالبية كوادر الحركة وقياداتها من نتائج المؤتمر، خاصة قطاع غزة الذي لم يحصل على نسبة تليق بتضيحات أعمدته النضالية، إلا أن جدلاً طفى على السطح مؤخراً حول الشخصية الأبرز لتولي مهام نائب القائد العام لحركة "فتح".

ويجمع غالبية قيادات وكوادر وعناصر الحركة على ضرورة تولي عضو اللجنة المركزية المنتخب الأسير مروان البرغوثي لمهام نائب الرئيس محمود عباس، بخلاف بعض الأصوات التي تنادي بتعيين رئيس جهاز الأمن الوقائي سابقاً اللواء جبريل الرجوب في هذا المنصب.

الشخصية الأبرز لتولي منصب "نائب الرئيس"

وتعتبر أوساط فتحاوية أن تعيين البرغوثي في هذا المنصب يعتبر وفاءاً من الحركة لهذا القائد الكبير، حيث أنه العقل المدبر لانتفاضة الأقصى المباركة، خاصة بعد حصوله على أعلى الأصوات في انتخابات اللجنة المركزية خلال مؤتمر الحركة السابع، الذي عُقد في مدينة رام الله.

وعقدت حركة "فتح" خلال الأيام القليلة السابقة اجتماعات مكوكية لقيادات الصف الأول، بحضور الرئيس عباس، لوضع الهيكلية الجديدة ورسم خارطة الطريق التي ستقود النظام السياسي، وكذلك الاتفاق على تعيين نائباً للرئيس.

وبحسب مصدر فتحاوي مطلع، فإن الرئيس عباس مصمم على تعيين الأسير البرغوثي نائباً لرئيس حركة "فتح"، الأمر الذي حظى بقبول فتحاوي وفلسطيني كبير، وذلك بعد أن كان اللواء جبريل الرجوب المرشح الأبرز لهذا المنصب.

وأضاف المصدر خلال حديثه لوكالة "خبر"، أن البرغوثي الأجدر لتولي هذا المنصب الرفيع، وذلك نظراً لقامته النضالية الكبيرة، وكذلك حصوله في انتخابات اللجنة المركزية لحركة "فتح" على أعلى الأصوات بما مجموعه (930) صوتاً، من أصل (1300).

وفي هذا الإطار، قال المحلل السياسي د. حسام الدجني، إن هناك حالة من الصراع الغير معلن تدور في صفوف حركة فتح حول منصب نائب الرئيس، مستبعداً أن تستخدم الحركة معيار الأعضاء الحاصلين على أعلى الأصوات.

وأشار الدجني خلال حديثه لوكالة "خبر"، إلى أن الرئيس سيضع في هذا المنصب شخصية مقربة منه ومدينة بالولاء الكامل لشخصه، وذلك في إطار تخوفه من تنفيذ انقلاب عليه في قيادة الحركة.

اجماع فتحاوي على شخص "البرغوثي" لخلافة الرئيس

وقال أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح سابقاً أمين مقبول، إن "مروان البرغوثي قائداً كبيراً وعضواً في اللجنة المركزية والمجلس التشريعي، وبالتالي فإن ترشيحه لهذا المنصب ليس أمراً مستغرباً".

وبيّن رئيس نادي الأسير والقيادي في حركة "فتح" قدورة فارس، أن هذا الترشيح حقاً للبرغوثي، مضيفاً أن حركة فتح يجب أن ترسل رسائل للجميع تؤكد خلالها على أنها حركة تحررية مناضلة من أجل الحرية والاستقلال، من خلال انتخاب البرغوثي كنائب لقائد عام الحركة.

ولفت الدجني، إلى أن الإفراج عن البرغوثي من شأنه أن يُحدث توازناً في صفوف حركة "فتح"، وذلك من خلال حسم كافة القضايا الخلافية، وذلك لأن شخصية "مروان" لا يمكن الخلاف على قيادتها لأي منصب. 

وأكد مقبول خلال حديثه لوكالة "خبر"، على أن البرغوثي يستحق هذا الموقع عن جدارة، مضيفاً "البرغوثي قائد ومناضل كبير وحصل على أعلى الأصوات في انتخابات اللجنة المركزية خلال المؤتمر السابع".

وشدد فارس خلال حديثه لوكالة "خبر"، على أن ترشيح البرغوثي لهذا المنصب أمراً في غاية الأهمية، لافتاً إلى أن حركة "فتح" تحتاج لهذا الأمر، لما له من دلالات كبيرة، على وفاء الحركة لقياداتها، في سجون الاحتلال.

وأوضح الدجني، أن البرغوثي قد حصل على الأصوات في اللجنة المركزية، كونه شخصية رمزية وأن حصوله على هذا الكم من الأصوات أمراً متوقعاً، لافتاً إلى أن الرئيس سيُبقي كافة خيوط اللعبة بيده، ومن الممكن أن يؤجل تعيين أي شخصية لهذا المنصب في الوقت الراهن. 

وأشار مقبول، إلى وجود مساعي حثيثة تبذلها القيادة للإفراج عن البرغوثي، معرباً عن أمله في تكثيف هذه الجهود، خاصة في ظل تعنت حكومة نتنياهو، حيث أن هذا الأمر ليس سهلاً في ظل تنكر الاحتلال لمساعي السلام.

ودعا فارس اللجنة المركزية إلى انتخاب البرغوثي كنائب للرئيس، مؤكداً على أن شخصية مروان البرغوثي تُمثل حالة كفاحية فريدة، وكذلك تُمثل كافة أبناء حركة "فتح".  

إسرائيل تُهاجم "فتح" وتعتبر حصول البرغوثي على أعلى الأصوات تشجيعاً للإرهاب

ورفض رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بشدة انتخاب حركة فتح للقيادي الأسير مروان البرغوثي في صدارة اللجنة المركزية للحركة خلال المؤتمر السابع، متهماً حركة فتح بتصعّيد الكراهية وابعاد السلام.

وأضاف، "حركة فتح لا تكتفي بالتحريض في المدارس، وإطلاق أسماء شهداء على شوارع وميادين، بل تقوم الآن بوضع الإرهابيين على رأس القائمة المنتخبة، وفتح تزيد من تطرفها لكراهية إسرائيل وتبعد السلام".

الجناح العسكري لـ"فتح" يرد على نتنياهو

وأكد الجناح العسكري لحركة "فتح" كتائب الأقصى - لواء العامودي، على أن الأسير مروان البرغوثي سيرى النور قريباً، ضمن أول صفقة تبادل للأسرى، وذلك رداً على تصريحات نتنياهو، التي زعم خلالها أن "فتح" تضع الإرهابيين على رأس قياداتها المنتخبة. 

وقالت الكتائب في بيان وصل وكالة "خبر" نسخة عنه، إن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الأسير مروان البرغوثي، قامة نضالية عريقة ذات تاريخ كبير في مقارعة العدو الإسرائيلي.

وشددت الكتائب، على أن مروان البرغوثي ورفاقه في قيادة المقاومة الفلسطينية، سيرون النور قريباً في أول صفقة تبادل للأسرى، رغم أنف نتنياهو وقادة العدو الإسرائيلي، بحسب البيان.

وفي هذا الصدد، أكد المحلل السياسي د. حسام الدجني، على أن الأسير مروان البرغوثي لن يخرج إلا في إطار صفقة تبادل، مشدداً على أن حجم الأحكام الصادرة بحقه تجعل خروجه في إطارحسن النوايا أمراً مستحيلاً.

الأسير "مروان البرغوثي" في سطور

ولد مروان البرغوثي في بلدة كوبر عام 1959 لأسرة بسيطة، وعاش طفولة عادية في وضع اقتصادي واجتماعي صعب، حيث كان والده فلاحاً بسيطاً ويعيش في وضع مادي شبه معدوم، ما انعكس على تحصيله العلمي، الذي كان بالغالب متوسطاً، حيث أكمل تحصيله الإعدادي والثانوي في مدرسة الأمير حسن الثانوية بقرية بير زيت.

لم يتمكن البرغوثي من اكمال تحصيله الثانوي كغيره من الطلبة، فقد اعتقل وهو في الصف الأول الثانوي في العام 1978م، حيث أنهى دراسته بحصوله على شهادة الثانوية العامة داخل المعتقل، وبعد خروجه التحق بجامعة بيرزيت في العام 1983 ليدرس العلوم السياسية، إلا أن حصل على شهادة الماجستير في العلاقات الدولية، حيث كان موضوع دراسته العلاقات الفلسطينية الفرنسية ليصبح بعدها رئيساً لجمعية الصداقة الفرنسية.

وبدأ البرغوثي يقتحم عالم النضال منذ نعومة أظافره، فلم يكن عمره يقارب الرابعة عشرة حتى كان مطلوباً لقوات الاحتلال، حيث كان يُستدعى باستمرار وبشكل أسبوعي للتحقيق معه من قبل المخابرات الإسرائيلية.

وبدأ البرغوثي في قيادة النشاطات الطلابية والمسيرات والاعتصامات بشكل بارز داخل المدرسة، وكان له صفة متميزة بالقيادة ولم يتراجع عن الخط النضالي، حيث كان أول اعتقال رسمي للبرغوثي في الـ (15) من عمره، بتوجيه تهمة عسكرية له تضمنت المشاركة في صناعة المتفجرات وأنابيب ومواسير تحوي مواد ناسفة وحكم عليه أنذاك بالسجن لمدة 4 سنوات.
وفي العام 1987 مع اندلاع الانتفاضة الأولى أصبحت جامعة بير زيت مسرحاً للمظاهرات ووقف البرغوثي في قيادتها وبعد اعتقاله في ذات العام نُفي إلى الأردن ومن ثم إلى تونس، حيث استمر نشاطه السياسي والوطني وعمل على رعاية مبعدي وجرحى الانتفاضة.

وانتقل بعدها إلى تونس وعمل في إطار قيادة منظمة التحرير الفلسطينية هناك وكان من المقربين للرئيس الشهيد ياسر عرفات، وكانت النقلة البارزة في حياة البرغوثي بعد مؤتمر مدريد 1991 واتفاقيات أوسلو عام 1993م، حيث عاد البرغوثي إلى بلدته بعد عام من توقيع اتفاقية "أوسلو".  

وفي العام 1996 خاض مروان البرغوثي انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني وفاز عن دائرته رام الله، وتمكن البرغوثي من تثبيت نفسه في أول برلمان فلسطيني منتخب، وكان من أشد اهتماماته هو العمل على بناء ما يسمى -التنظيم- وفتح له مكاتب وأفرع عديدة، وتشير الأرقام إلى أن البرغوثي تمكن من إضافة 4500 عضو جديد لحركة فتح بشكل رسمي.
ومنذ اندلاع الانتفاضة في أواخر شهر سبتمبر من العام 2000م، وصورة وصوت وكلمات هذا الفلسطيني الأسمر لاتفارق وسائل الإعلام المختلفة متحدثاً عن أهداف الانتفاضة ومطالب الفلسطينيين بالاستقلال، ليصبح شخصية رئيسية في الانتفاضة الحالية، ومشاركاً في تشييع جنازات الفلسطينيين وفي المظاهرات وخطيباً حماسياً يلهب العقول والقلوب لمواصلة النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي.

وفي 1 نيسان أصدر الجناح العسكري لحركة فتح، كتائب شهداء الأقصى بياناً قال فيه "إن البرغوثي هو المسؤول عن الكتائب"، ومع اشتداد وهج الانتفاضة أُدرج اسم البرغوثي على رأس الأسماء المطلوبة للاستخبارات الصهيونية، حيث تعرض لمحاولتين اغتيال، كانت الأولى بمحاولة أحد العملاء الذي استأجر منزلاً قبالة مكتبه وحاول استهدافه برشاش "أم 16"، والثانية حين أصيب أحد مرافقيه مهند أبو حلاوة إثر قصف سيارته بصواريخ "الأباتشي".

وبعد الاجتياح الأخير لرام الله كان البرغوثي في صدارة قائمة المطلوبين، وبعد نجاحه بالاختفاء لمدة 3 أسابيع تمكن جيش العدو من إلقاء القبض عليه، حيث تعتبره إسرائيل الزعيم الفعلي لكتائب شهداء الأقصى والمحرك الرئيسي للانتفاضة الفلسطينية.

وأكد في حينها مسؤولون إسرائيليون على أن اعتقاله يمثل لحظة حاسمة في المواجهات الإسرائيلية الفلسطينية، ويزيد من شعبية حكومة رئيس الوزراء آنذاك أريل شارون، الذي زعم تورط البرغوثي في عمليات قتل جماعي ضد الإسرائيليين.

وقد حذرت السلطة الفلسطينية إبان عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات، "إسرائيل" من أي مساس بحياة البرغوثي وحمل المجلس التشريعي الفلسطيني الحكومة "الإسرائيلية" المسؤولية الكاملة عن حياة النائب مروان البرغوثي مطالباً بإطلاق سراحه فوراً، حيث أن اعتقاله يعد خرقاً لحصانته البرلمانية.

ولكن البرغوثي دافع عن نفسه بطريقته الخاصة، حيث وقف داخل المحكمة ليقول كلمات دوت في أرجاء المحكمة: قائلاً: "ليُعلم العالم أجمع أن الانتفاضة مستمرة حتى تحقق أهدافها بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف".