نعم أغار من حواء، ولست وحدي، فكم فتاة تمنت أن تحصل على ما حصلت عليه حواء، بأن تعيش مع من تحب على الجزيرة المعزولة، لكن هل تمنى رجل ان يكون مكان آدم ويذهب إلى تلك الجزيرة، كيف يترك كل تلك الملاذات، وهبة ومنى ومديحة، وأسماء لا حصر لها! قد يعتقد من يقرأ هذا المقال أننا سيكوباتيات لأننا نبوح بذلك، وبرغم أن الرجل يمارس ذلك في العلن.
فقد ابتلي بنا هذا الكوكب البائس بسبب حواء لكن لم أحمل الذنب لها مرة، فالجميع يلوم النساء إذا انقطع التيار الكهربائي، وإذا تم التحرش بهن، وإذا فاز الزمالك على الأهلي.
فحواء لم تتعلق بالأتوبيسات من أجل لقيمات تغلق بها أفواه أطفالها، ولم يكن هناك أحد ليلومها إن زاد وزنها أو أكلت حلة محشي ورق عنب بشراهة، ولم يكن ليلومها أحد إن كانت نحيلة جداً ولا تصلح إلا لعمل شوربة عليها.
لم تكن مضطرة أن تعمل بشكل متواصل لتثبت لآدم أنهما على قدم المساواة، وأنها من ضلعه لتتساوى به، وتكسر غروره الذي سيخسف به الأرض يوماً.
لم يكن هناك معيار لملابسها، إذا كانت فوق الخصر أو أسفله لتحدد إن كانت حلوى صالحة أم فاسدة حسب نظرية الشيخ "دبانة".
لم تكن في حاجة لاتباع 500 نظام غذائي لتكون مثيرة وراضية عن حالها. لم تكن لتحتار بين عروض الصلصة والمعكرونة في الهايبر ماركت، وهل تأخذ 3 والرابع هدية، أم أنها خدعة لسلبها الـ20 جنيه التي في جيبها.
لم تكن ليراودها حلم بأن تحصل على منتجات شانيل وفيكتوريا سيكرت وباقات الورد العملاقة، وتنتظر آدم ليأتيها به لتكتشف في النهاية أن "البعيد مبيحسش".
لم يكن ليتركها عند عودته ليشاهد البرامج الكروية التي لا تفهم منها ما الحكمة في الجري وراء "كورة" وما هذا العته في وضع ملايين على أشخاص يملكون الأرجل نفسها والأيدي التي يملكها الجميع، وينتهي لينتقل إلى لعب البلاي ستيشن وألعاب الفيفا.
لم يكن محور حياتهما الكلمات التي يتبادلانها: هناكل إيه بكرة كمان لو كان الطعام لا مركز حياتهم بس مركز الكون فتصيبك عقدة الشيف شربيني.
لم تكن أمها لتجبرها على الذهاب إلى الأعراس والضغط عليها لتهز خصرها لتشقط عريس.
لم تكن لتجبر آدم على الذهاب إلى الخليج للانتقال من المعادي إلى التجمع الخامس، ولا اتباع التقشف لتلحق أبناءها بمدارس إنترناشونال.
لم تعلن حواء عن رغبة بداخلها إلا قيل لها أنت أنثى كما لو كانت عاراً أو جريمة، لم تكن مضطرة إلى وضع مساحيق التجميل وخلطات أمينة شلباية السحرية لتتمسك بشبابها، لم تعش حواء دوامة أن تحب آدم وآدم يحب نرمين، ونرمين تحب صلاح، وصلاح يحب منى... إلخ.
لم يحاول أن يجذب آدم انتباهها، وعندما تقرر مبادلته يذهب للبحث عن أخرى، لم تكن حواء مهددة في كل مرة تخرج من بيتها بالاخطتاف أو التحرش عند فتح بوابتها للخيال والسوشيال ميديا، لم يخنها آدم على واتساب، ولم يضع باسوورد عليه بكل "بجاحة" لكي لا تكتشفه أو يخفي حساباته البنكية عنها.
لم تجربي أن تدخلي فترة العشرينيات بجموح يحملوك لقب "على وش جواز"، وعندما تدخلين الـ30 برزانة تحملي لقب "عانس" أو "بايرة"