هنالك حالة ترقب، وسط جملة توقعات واستشرافات، فيما يتعلق بالسياسات التي سينتهجها الرئيس الاميركي المنتخب ترامب، بعد تسلمه زمام الحكم والسلطة في الولايات المتحدة، بعد تاريخ ٢٠/١/٢٠١٧.
لا يمكن الاعتماد، أو البناء، على ما سبق ان اطلقه من تصريحات، ابان حملته الانتخابية، ذلك ان معظمها جاء في سياق الدعاية الانتخابية، وحشد الاصوات لمصلحته، بالتأكيد ستكون تصريحاته، بعد اعتلاء سدة الحكم موزونة ومحسوبة، وستشكل الخطوط العريضة لمنهجه السياسي، داخليا وخارجيا.
فيما يتعلق بالشرق الاوسط، وما يعانيه من حالات اضطراب، ووجود رغبة اميركية حقيقية، بتهدئة الامور، واجراء تسويات من شأنها اشاعة اجواء الاطمئنان والاستقرار لما فيه مصلحة الولايات المتحدة اولاً، بعد ان تراجع دورها وانحسر نفوذها.
لعله من نافلة القول، ان ترامب سيولي الملفات الداخلية الاميركية الاهمية الأولى، وهي شديدة الترابط، بالدور الاميركي دولياً.
ولعله من نافلة القول ايضاً، ان وضع ترامب، الداخلي هو الاقوى، وبأن نفوذه داخل الادارة الاميركية عموماً، مؤثر بل وحاسم، لكن ذلك لا يعني مطلقاً بأنه هو الفرد الحاكم بأمره.
هنالك ادارة اميركية، ومراكز صنع القرار، ولها آلياتها في صياغة صنع القرار، لدى الادارة الاميركية، ملفات ومعلومات واعتبارات شتى، وفي هذه الحالة لا تكفي رغبة الرئيس، أو افكاره وتوجهاته.
وتأسيساً على ذلك، فمن الأولى النظر لأزمات الشرق الاوسط، وخاصة قضية الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي، وفقاً لذلك.
منذ مؤتمر بيلتمور، وانتقال صيغ التحالف الاستراتيجي، ما بين بريطانيا والحركة الصهيونية إلى تحالف حقيقي ما بين تلك الحركة والولايات المتحدة، والملفات تتراكم، ما بين تقاربات تصل حد اعتبار اسرائيل واحدة من الولايات المتحدة الاميركية، الى تنافرات كما حدث ابان العدوان الثلاثي على مصر، وقضية الجاسوس، بولارد.
هنالك ملفات متراكمة، وهنالك اعتبارات شتى لدى الولايات المتحدة، التي وقفت بقضها وقضيضها الى جانب اسرائيل، في حروبها وعدوانها، واستيطانها، وعنصريتها، ومخالفتها، لأبسط قواعد القانون الدولي والانساني، ستجد نفسها الآن، وفي عهد ترامب، تقوم بحسابات دقيقة فيما يتعلق بنفوذها في الشرق الاوسط، والبحث مجددا عن دورها ونفوذها، بعد ان تراجع وانحسر.
وكل ذلك سيعني صياغة سياسات جديدة، ازاء الشرق الاوسط.
لعل حل «الدولتين»، هو الأنسب، والأكثر انسجاماً وملاءمة، مع القانون الدولي، ومقررات الشرعية الدولية. وهو الحل، الذي يتناقص، مع استمرار الاستيطان، لأن في ذلك اغتيالا، لفكرة الدولة الفلسطينية، يستحيل على ترامب، والادارة الاميركية، الاستمرار في دعم الاستيطان، والعمل على تمرير حل «الدولتين»، والوصول بالشرق الاوسط الى بر الاستقرار والعمل على تعزيز النفوذ الاميركي فيه، بمشاركة اقليمية ودولية جديدة.