في الوقت الذي لا تزال فيه محافلُ إسرائيلية ويهودية أميركية تتخوف من خطوات قد تُقدم عليها إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، يواصلُ رئيسُ الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو التغزل بإدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب. وأبدى نتنياهو في الآونة الأخيرة تفاؤله بإمكانية تحقيق الكثير من الخطوات المشتركة مع الرئيس الاميركي الجديد، معلناً أنه مع إدارة ترامب «يُمكننا أن نُحدِث تغييراتٍ تاريخية». وقد بدأت فعلياً الاتصالات بين إسرائيل وإدارة ترامب، حيث أبلغَ الجنرال مايكل فلين، مستشار الأمن القومي الذي عيّنه ترامب، رئيس الموساد يوسي كوهين، بجدية ترامب في نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة.
وأشارت صحيفة «هآرتس» إلى أن نتنياهو أبدى في حواراتٍ مغلقة في الأسابيع الأخيرة تفاؤلاً كبيراً بشأن قدرته على أن يحقق مع الرئيس ترامب خطوات مشتركة لم يكن بالوسع تحقيقها أثناء ولاية الرئيس المنصرف باراك أوباما. ونقلت «هآرتس» عن وزيرٍ رفيع المستوى شارك في مداولات مع نتنياهو مؤخراً قوله إن آمال رئيس الحكومة الإسرائيلية الكبيرة في ترامب تنبعُ من الرسائل التي سمعها رئيس الموساد يوسي كوهين والقائم بأعمال رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي يعقوب نيغل من مستشار الأمن القومي الأميركي المرشح الجنرال مايكل فلين الذي التقياه خلال الشهر الحالي.
ونقلت الصحيفة عن الوزير الرفيع المستوى قوله إن نتنياهو كرر مرات عدة أن لقاء نيغل وكوهين مع فلين كان ممتازاً، وأن الأمور التي سمعاها منه تشهد على «نقطة تحول» جوهرية في السياسة الخارجية الأميركية عموماً، وتجاه إسرائيل والشرق الأوسط على وجه الخصوص. وردد نتنياهو القول بأنه «تتوفر حالياً فرصة، ونحن بوسعنا أن نحدث تغييرات تاريخية».
وكان نيغل قد سافر إلى واشنطن لحضور منتدى سابان، وأيضاً لإجراء لقاء وداعي مع نظيرته الأميركية سوزان رايس ومع مستشاري ترامب. ولم يكتف نتنياهو بمهمة نيغل للقاء رجال ترامب فطلب من رئيس الموساد يوسي كوهين الانضمام إليه. وبحسب جهات مطلعة، فإن كوهين لم يكن يرغب في الانضمام إلى نيغل، لكنه في النهاية استجاب لطلب نتنياهو. وكان اللقاء المركزي لكوهين ونيغل، ومعهما السفير الإسرائيلي في واشنطن رون دريمر، مع الجنرال فلين.
والجنرال فلين مقرب جداً من ترامب وكان يرأس في الماضي وكالة الاستخبارات التابعة لوزارة الدفاع الأميركية، ويعتبر شخصية مثيرة للجدل في الأوساط الأمنية والاستخبارية الأميركية. وكان فلين قد نشر على صفحة «تويتر» خاصته تقارير إخبارية كاذبة أثناء المعركة الانتخابية فضلاً عن إشاعته نظريات المؤامرة.
وأثار كوهين ونيغل مع فلين أساسا مسألة السياسة الأميركية المستقبلية تجاه إيران، وخصوصاً الموقف من الاتفاق النووي. وعدا ذلك أثارا مسألة الحرب في سوريا وموقف إدارة ترامب المستقبلية منها. وشدد نيغل وكوهين على المصالح الحيوية لإسرائيل في أي حل مستقبلي في سوريا، وخصوصاً الرغبة في منع «حزب الله» وإيران من السيطرة هناك.
وبحسب الوزير الإسرائيلي الرفيع المستوى، فإن فلين أبلغ كوهين ونيغل رسائل إيجابية تقريباً في كل القضايا المثارة. وبحسب كلامه، شدد فلين في اللقاء على جدية ترامب في نيته نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس المحتلة. ويُعتبر كلام فلين عن نقل السفارة الرسالة الأهم التي تلقتها إسرائيل منذ فوز ترامب.
وقادت التقارير عن لقاء فلين مع نيغل وكوهين إلى تفاهم بين نتنياهو وعدد من وزرائه إلى أن السياسة الإسرائيلية تحتاج إلى تكيف مع الواقع الجديد الذي نشأ في أميركا. وحتى الآن لم يجر في المجلس الوزاري المصغر أي نقاش جدي حول نتائج الانتخابات الأميركية وأثرها على إسرائيل ومدى الحاجة لإجراء تغييرات. ويتوقع أن يجري هذا الأسبوع أول نقاش حول هذه المسألة.
ومعروف أن انتخاب ترامب أثار خلافات داخل الحكومة الإسرائيلية. ففي الشأن الفلسطيني، أعلن نتنياهو أنه ينوي العمل مع ترامب من أجل تحقيق حلّ الدولتين، فيما طالب أفيغدور ليبرمان بالعمل على تجديد الالتزام الذي تحقق بين أرييل شارون وجورج بوش الابن بشأن الكتل الاستيطانية. أما نفتالي بينت فأعلن وجوب استغلال فوز ترامب لإعلان نهاية حل الدولتين وإزالته عن جدول الأعمال. أما وزير الاستخبارات إسرائيل كاتس فطالب باستغلال فوز ترامب للحصول على اعتراف أميركي بضم هضبة الجولان إلى إسرائيل.
وقالت «هآرتس» إن التقدير في إسرائيل يقول بأن ترامب سيحاول التوصل إلى صفقة رزمة مع روسيا في مناطق توتر عدة في العالم وبينها سوريا. وهذا قد يشكل خطرا على المصالح الإسرائيلية، ولكن قد يكون فرصة لتحقيق مصالح إسرائيل في سوريا وهي المصالح التي لم يكن بالوسع تحقيقها في عهد أوباما.
من جهة أخرى، نقلت صحيفة «إسرائيل اليوم» المقربة من نتنياهو أن «أوباما قد يعمل على قرار مناهض لإسرائيل». وأشارت إلى ما نشره موقع الأخبار المحافظ «بريتبارت» نقلاً عن مصادر رفيعة المستوى بأنه يحتمل أن يسمح الرئيس المنصرف بتمرير قرارات مناهضة لإسرائيل في الامم المتحدة، تسمح بتشديد الضغط على القدس وربما تدفع الى الأمام حركة المقاطعة ضد اسرائيل.
وبحسب التقرير، يوزع الفلسطينيون في الامم المتحدة هذه الايام مسودة قرار على مجلس الامن يقضي بأن المستوطنات غير شرعية ويطلبون من الدول الاعضاء والمنظمة الامتناع عن عرض أي مساعدة لإسرائيل من شأنها أن ترتبط بالنشاط في المستوطنات. ومن خلف اقتراح مناهض آخر لإسرائيل تقف نيوزيلندا والسويد.
وكانت منظمات صهيونية أميركية قد أشاعت في الأيام الأخيرة أن أوباما ينوي السماح باتخاذ قرارات في الأمم المتحدة ضد إسرائيل. ولكن ليس مستبعداً أن يكون هذا الكلام جزءاً من التحريض اليميني على أوباما، الرامي إلى إبقاء اليقظة ومنع أي تحركات ضد إسرائيل في المحافل الدولية. عن السفير
أوباما: الكل متواطئ في إراقة الدماء
05 نوفمبر 2023