الرد الصهيوني "المناسب" على قرار مجلس الأمن

4f6c24ab7cb248155bc6ef815d968f17
حجم الخط

نشأتُ في جيل كان فيه "الرد الصهيوني المناسب" هو البناء، تربية الاطفال، فلاحة الأرض والتمسك بها، و"الصمود" اليهودي في "بلاد إسرائيل". وهاكم قائمة جزئية لما كان متبعاً قبل سنوات طويلة سابقة ما زلت أتذكرها: كريات شمونا، يد هحميشه، جفعات هشلوشا، هحوتريم، يد حنا، حفات يئير، حفات جلعاد، كفار جلعادي، رمات رازيئيل، نير عصيون، تكوما. كل هذه كانت ردا وجوابا على عمليات "ارهابية"، سقوط جنود، احداث كبرى، او أي أزمة طرحت علامة استفهام. وامام الجميع عرفت الصهيونية العملية كيف تعطي جوابا مناسبا. جواباً وليس عويلاً.
وها هو العام 2016 قبل لحظة من انتهائه فإن قائمة الأجوبة عن كل مشكلة معاكسة تماما. حرائق كبرى، بعضها احراقات قام بها العرب، والجواب الصهيوني هو مسابقة بوستات من السياسيين على الفيس بوك. أحدهم يسمي هذا مشاغبات، والثاني يعلن انه الوضع الاصعب الذي واجهه. وبينما نفذ الاف الاسرائيليين الحراسة على مناطق مشجرة، حرست اللايكات على الفيس بوك من كل ضر. وحتى قبل عقدين كنا نرى جلبة من غرس الاشجار والبناء على كل احراق، أما الان فالجلبة تدور حول الكلمات.
هكذا يمكن التعاطي أيضا مع الردود على قرار مجلس الأمن في الأمم المتحدة. مايكل اورن، رجل جدي بشكل عام، يدعي بأنهم يحاولون ابادتنا، ويتنافس الوزراء فيما بينهم على توصيفات اوباما، تسيبي لفني تسمي المجريات باسم "متسادا" وكأننا نوشك بعد لحظة على الانتحار هنا، وبوجي هرتسوغ يسمي هذا تراجيديا، وفي النهاية جاء الرد الصهيوني المناسب على شكل أحاديث توبيخ في وزارة الخارجية. موظفون مذهولون داخل السفارات أمام موظفين مذهولين داخل وزارة الخارجية. واحد، دان شبيرو، هو أحد السفراء الأميركيين الافضل الذين كانوا هنا، يلتقي مع رئيس الوزراء في حديث عام وفي نهايته بيان توبيخ.
لدولة اسرائيل الكثير مما تفعله كي تجسد بان قرار 2334 الصادر عن مجلس الأمن غير ذي صلة وعرض السخافة في حفظ خطوط 67 كمعيار في الأسرة الدولية. يمكن ان نصدر رسالة عبر بناء بلدات زراعية جديدة على خطوط 67 القديمة – من الشمال، طريق الغور، وحتى جنوب جبل الخليل (في الايام التي تنازع فيه الزراعة الموت فهذه رسالة مزدوجة). يمكن نقل مكاتب الحكومة من تل أبيب الى القدس، الى جانب وزارة العدل التي حسب قرار مجلس الامن توجد في أرض محتلة. يمكن الاجتماع والخوض في نقاش علني عن مناطق الإجماع الاسرائيلية: غوش عصيون، شمال البحر الميت، معاليه ادوميم. ربط المعارضة بالائتلاف في النقاش على المسلمات، ومن هناك الى نقاش مهم على الرؤيا – نعم، بما في ذلك الرؤيا التي تتضمن ضما جزئيات – قبل لحظة من دخول ترامب الى البيت الابيض. يمكن أن ندعو شعب اسرائيل الى التجول في كل مكان، وإشعال شمعة حانوكا كل يوم في بلدة اخرى.
نعم، على المستوى الدبلوماسي يمكن ان نفعل ما فعلته اسرائيل دوما من خلف الكواليس. استخدام الاصدقاء في مجلس الشيوخ، الاتصال بترامب، الضغط بمعونة اللوبي اليهودي، وبالاساس شرح انعدام الجدوى لقرار من هذا النوع. كل شيء باستثناء أن نكون هستيريين مثل يهودي من القرون الماضية وجد نفسه أمام عصبة من القوزاك.
أعطيت النبوءة للمجانين، يقال عندنا، ولكن هاكم ما سيحصل: خلافا لاعلانات وزير الدفاع، لن تقطع اسرائيل الاتصالات مع السلطة الفلسطينية. نحن من نحميهم . بدوننا ما كانوا ليبقوا. نحن ننقل لهم المال، نعتقل رجال "حماس"، ونورد الكهرباء. المصلحة الاسرائيلية هي الفصل السياسي وليس الامني. وأقسم، حتى بعد الاعلان (اسألوا هنية) فان شيئا لن يحصل. اليابان وفرنسا ستواصلان كونهما حليفتينا. اوكرانيا، التي لاول مرة يوجد فيها رئيس وزراء يهودي، وبريطانيا، حيث رئيسة وزراء مؤيدة لاسرائيل، ستستقبلان وفدي تملق بعد اسبوعين كي نحافظ على العلاقات. ومن روسيا، التي خافوا التورط معها، سيواصلون الخوف. السفير شبيرو سيعتزل مع اوباما، فريدمان وترامب سيأتيان، واسرائيل التي تختار كتابة البوستات والتوبيخ ستجد نفسها أمام تحديات مشابهة في المستقبل أيضا.
لقد كان اوباما مصيبة من ناحية العلاقات الخارجية. ما فعله في السنوات الثماني الاخيرة هو ضرر للاجيال في الشرق الاوسط، ولكن بدون رد صهيوني مناسب سنواصل الانشغال بالاحابيل وبالعويل.