فُجع سكان مدينة غزة قبل نحو عشرين يوماً، بجريمة مقتل شقيقين من عائلة أبو مدين، وإصابة شقيقهم الثالث برصاص مسلحين في منطقة الشيخ عجلين غربي المدينة.
وتمكنت الأجهزة الأمنية بغزة من القبض على بعض الجناة، فيما لا يزال آخرين فارين من وجه العدالة، وتُجري أجهزة الأمن عمليات بحث عن آخرين اشتركوا في تنفيذ الجريمة، الأمر الذي دفع العائلة إلى المطالبة بالقصاص من قتلة أبنائها.
وتبع هذه الجريمة وقفات غاضبة من عائلة أبو مدين، تعبيراً عن رفضها لمقتل أبنائها في وضح النهار، فيما أكدت وزارة الداخلية بغزة على أنها ستضرب بيد من حديد كل الخارجين عن القانون، وأن أجهزتها الأمنية ستطال العابثين بأمن المواطنين.
وفي إطار معرفة تفاصيل الحادثة ومطالب عائلة المغدورين، قال شقيق المجني عليهم ناصر وعبد المالك، والناجي الوحيد من الجريمة حاتم أبو مدين، إنه "في صباح ذاك اليوم كان لديهم موعد مع الاستخبارات العسكرية، بمعرفة تجار الأراضي لإنهاء الخلاف على الأرض".
وأضاف أبو مدين خلال حديثه لوكالة "خبر"، "دخلنا مقر الاستخبارات العسكرية وجلسنا معهم مدة ساعة ونصف تقريباً، بحضور التاجر الذي قام بشراء الأرض منا، وكان يجلس صامتاً ويرسل رسائل عبر الجوال، وبعد ساعة ونصف من الجلسة خرج من المكان وقمت بالخروج خلفه، وكان يتكلم عبر الهاتف فرجعت إلى المكان فلاحظ أنني نظرت إليه وعاد إلى المكان واستمر بإرسال رسائل عبر هاتفه".
وتابع: "ثبت في التحقيقات أنه كان يتراسل مع أحد أفراد عائلة دغمش حول تحركاتنا وموعد الجلسة، حيث انتهت جلستنا وقمنا بالخروج من مقر الاستخبارات العسكرية وكان معي اخواني وغادرنا أنا وناصر وعبد المالك بسيارتنا، واتجهنا نحو دوار أبومازن من ثم إلى الشارع الجديد عند مسجد دوشة".
وأردف أبو مدين، " اتجهنا نحو شارع البحر وكان المسافة حوالي 120 متر تقريباً، حيث كان موعد انصراف الموظفين وطلاب المدارس، وكنت جالساً في المقعد الخلفي وأكثر انتباهاً من اخواني ناصر وعبد المالك، ونظرت فإذا بجيب بالاتجاه المعاكس يباغتنا وأيقنت أن هذا الجيب يريد أن يستهدفنا، ونزلت أصرخ "اشرد يا ناصر اشرد يا مالك"، لكنهم لم يكونوا منتبهين للجيب، وكنت أنادي عليهم ولكن لم يسمعوني".
وقال: "رأيت بأعيني اخواني ماتوا قبل أن يُقتلوا داخل السيارة، حيث أنه كان هناك حاجز بيننا فهم لايسمعوني وأنا لا أسمعهم، لكنهم كانوا هادئيين هدوء تام بداخل السيارة،ودخل الجيب وأقفل علينا الطريق ونزل منه ملثم ضخم يلبس زي أسود وجعبة عسكرية ولم يظهر منه إلا عينيه وفمه، يشبه تماماً زي داعش وبيديه سلاح كلاشنكوف، كما نزل شخص آخر من الجيب وكان ملثم أيضاً ويرتدي نفس الزي".
وأشار أبو مدين، إلى أنه كان يرغب برؤية وجه القاتل، حيث أنه نظر إلى الجيب وشاهد وجهاً دائرياً وأنف كبير، لافتاً إلى أنه تعرف عليه بعد ذلك بأنه أحد أفراد عئالة "دغمش".
وأكمل: "نزلوا اثنين وتقدموا خطوة عسكرية وثبتوا بجانب بعضهم البعض وسيارتنا كانت واقفة في منتصف الشارع بكل هدوء ولم نكن مسلحين لأننا كنا في مكتب حكومي، ولم ندخل غزة إلا باستدعاء من الحكومة على موضوع الأرض".
وتابع: "تقدم الشخصان في مقدمة السيارة وفتحوا أسلحة رشاشاتهم وأطلقوا النار بكثافة، ما أدى إلى إصابتي برصاصة في رأسي، فناديت على اخواني بأن ينزلوا إلى أرضية السيارة، لكنهم لم يسمعوني فنزلت بمفردي وفي حينها جرى إطلاق النار بكثافة شديدة وأنا في أرضية السيارة فأصبحت أنزف وصارت بركة من الدماء في أرضية السيارة، حتى أصبت برصاصة أخرى، واستمر إطلاق النار ثم بعد ذلك تم إيقاف إطلاق النار فجأة، فعرفت أنهم سيتقدموا لمعرفة الأحياء من الأموات، فألهمني الله فتظاهرت بالموت وكتمت أنفاسي حتى لا يرى البطن وهو يتحرك، وقلبت رأسي على الإصابة وكتمت نفسي وفجأة تم فتح الباب بجانب رجلي، لكني تظاهرت بأنني ميت ولم أنظر له".
وأضاف أبو مدين: "سمعت آخر قال له اتركه فهو ميت، وأقفلوا باب السيارة علينا، وبعدها سمعتهم يقولون اسحبوه من رجليه، وكانوا يسحبون واحد من اخواني لم أعرف من هو في حينها، لكن اتضح بعد ذلك، أنهم كانوا يسحبون أخي مالك، واستمريت بالجلوس داخل السيارة وتجمهرت الناس، حتى فتح شخص باب السيارة وقال لي "أنت عايش يا حج"، فخفت أن أتكلم لأنني لم أكن أعرف إن كان المسلحين قد غادروا المكان".
وتابع: "من كلمة يا حاج عرفت أنه ليس القاتل لأن القاتل لا يقول يا حج، فقلت له صحيح أنا حي اتصل بالإسعاف، وكنت أقول للناس انقلوني وخدوني دمي قد تصفى، وكنت أسمع الناس تقول لا أحد يقوم بتحريكم حتى قدوم الإسعاف، واستمرينا على ذلك نحو ثلث ساعة حتى وصلت سيارة الإسعاف".
وقال أبو مدين، إن سيارة الإسعاف قامت بنقلهم لمستشفى الشفاء، مشيراً إلى أن أدلى بأقواله، وكان يعي ما يدور حوله.
ودعا إلى محاكمة المتورطين بالجريمة وشاركوا فيها سواء بالمال أو السلاح أو الرصد، مطالباً الحكومة بغزة بأن تقتص من القتلة، حيث أن العائلة رفضت أن تأخذ حقها بيدها.
ويذكر أن المواطنين ناصر عبدربه أبو مدين (49 عامًا)، وشقيقه عبد المالك عبد ربه أبو مدين (40 عامًا)، قُتلا قبل نحو شهر جراء إطلاق النار عليهم من قبل مسلحين من عائلة دغمش في منطقة الشيخ عجلين.