جميل السلحوت " بدون مؤاخذة- لعلّ وعسى "

جميل السلحوت
حجم الخط

في بداية كلّ عام جديد أكتب كما يكتب غيري عن أمنياتنا بأن يحلّ العام القادم وقد تحقّقت أمنياتنا بالسّلام العادل، وتمكين شعبنا الفلسطينيّ من حقّه في تقرير مصيره، وإقامة دولتنا المستقلّة بعاصمتها القدس الشّريف، بعد كنس الاحتلال ومخلّفاته كافّة.

 

ويمضي عام ويأتي آخر والاحتلال يتكرّس بمزيد من الاستيطان، وتدمير امكانيّة اقامة الدّولة الفلسطينيّة بسبب ذلك. وصراخ نتنياهو يعلو ويزيد حول "يهوديّة الدّولة" فيردّ البعض عليه بأنّ تدمير حلّ الدّولتين يعني العودة إلى الدّولة الواحدة، وكأنّ مخطّطات المشروع الصهيوني المتغوّل وبعيد المدى خافية على من في رأسه عقل، ونتنياهو الذي يمثّل هذه السّياسة لا يتكلّم عن السّلام إلا من باب العلاقات العامّة، بينما يقوم على أرض الواقع بتنفيذ سياسة دولته التّوسّعيّة، وتتهيّأ له الظروف من خلال الدّعم الأمريكي اللامحدود، والهوان العربيّ الرّسميّ اللامحدود أيضا. وعندما تكتمل دائرة الاستيطان في الأراضي العربيّة المخصّصة لاقامة الدّولة الفلسطينيّة، فإنّ "الدّولة اليهوديّة" التي يريدها نتنياهو لن تقتصر على طرد الفلسطينيّين المواطنين في اسرائيل، بل ستتعدّاها إلى الفلسطينيّين في فلسطين التّاريخيّة، التي تعتبرها الحركة الصّهيونيّة" أرض اسرائيل الكاملة". وغلاة اليمين الصّهيوني الذين يمثّلهم نتنياهو وحكومته اليمينيّة المتطرّفة، ليسوا أغبياء لدرجة قبول دولة واحدة ستكون الأكثريّة فيها من الفلسطينيّين، وإن كانت أطماعهم في التّوسع، والتّهرب من متطلّبات السّلام، تدلّ على عمى سياسيّ سيكون كارثيّا على دولتهم في المستقبل. ولكي لا يصلوا إلى نتائج تعاكس أطماعهم، وحفاظا على اسرائيل جاء امتناع أمريكا عن استعمال "الفيتو" ضدّ قرار مجلس الأمن الأخير 2334 الأخير، والذي يدين الاستيطان. وجاءت أيضا تصريحات كيري وزير الخارجيّة الأمريكيّة الأخيرة بادانة الاستيطان والدّعوة لحلّ الدّولتين.

 

والمراقب لردود فعل نتنياهو وأعضاء حكومته على ذلك، لا يحتاج إلى كثير من الذّكاء ليكتشف مدى جنون القوّة عند نتنياهو، فهو يرى نفسه امبراطورا يحكم امبراطوريّة فوق القانون الدّولي، وهذا ما دفعه إلى استدعاء سفراء الدّول التي صوّتت مع القرار الدّولي لتوبيخهم! وفرض عقوبات على بعض هذه الدّول، ومنطلقاته عقائديّة حيث يرى اليهود"شعب الله المختار" وأنّهم ينفّذون إرادة الرّبّ على "أرض الميعاد" وساعده على ذلك أنّ الدّول ذات السّياسة الفاعلة في السّاحة الدّوليّة وفي مقدّمتها أمريكا قد أطلقت له العنان ولأسلافه؛ ليفعلوا ما يريدون دون رادع.

 

فهل باتت أمريكا على قناعة بأنّ دلال اسرائيل الزّائد سينعكس سلبا عليها وعلى السّلم العالميّ؟ أم أنها مجرّد لحظة في العودة إلى العقل في ثلاثة الأسابيع الأخيرة من حكم الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي تعرّض للاهانة من نتنياهو أكثر من مرّة، أم أنّ الرّئيس الأمريكيّ المنتخب رونالد ترامب، سيعود إلى الموافقة العمياء على سياسات نتنياهو كلّها، كما تشير تصريحاته وتصريحات طاقمه، والتي تؤكّد أنّ اسرائيل هي التي تتحكّم بالسّياسة الأمريكيّة وليس العكس؟ وهذا ما سنراه في العام الجديد 2017.