هل ينكر أحد - يعلم تفاصيل حياتنا - أننا لازلنا نعيش اكبر مهزلة بائسة منذ سنين ؟ كم من الوقت مطلوب أن نحتمل كل تلك المهازل ؟ في كل قضية نواجهها تجد مهزلة يرافقها بؤس ، هل قضايانا الداخلية الشائكة من المستحيل إيجاد حلول لها أم لا يوجد لدينا قيادة قادرة على وضع الحلول وتطبيقها ؟ الى متى سنبقى ندور في حلقات مفرغة ؟ ، كلما حققنا خطوة إيجابية صغيرة ملأنا الدنيا صراخا وهتافا لأجلها بينما نحن عاجزون عن مواجهة مشاكلنا التي صنعناها بأيدينا ونمتلك نحن الحلول لها ..
لماذا تغيب الصراحة والصدق بين قياداتنا ؟ لماذا يكون الصدق همسا وسرا ، بينما كلام الاستخفاف والاستهلاك عاليا مدويا ، لماذا أصبح الكذب فنا راقيا لتمرير مواقف كاذبة ؟ هل وصلنا لمرحلة أننا صدقنا كذبنا وتعاملنا معه وكأنه حقيقة من كثرة تكراره ؟
مثلا البعض يهمس لي وكأنه امتلك السر الخطير لعدم تحقيق المصالحة الداخلية ويقول ونظراته تلتفت يمينا ويسارا ويخشى أن يسمعه أحد ، هل تعلم سر فشل الحوار الفلسطيني ؟ وسيبقى الحوار فاشلا لأن كل الأطراف تعلم الحقيقة وهي لابد من نزع سلاح المقاومة في غزة قبل أي شيء آخر ولن يقبل طرف العيش تحت سطوة الطرف الآخر ،، وختم حديثه هذه هي الحقيقة ،، ما هذه المهزلة التي نعيش ؟ ، وآخر يقول لي هل تعلم متى ستنتهي مشكلة الكهرباء ؟ عندما تضمن إسرائيل ان الكهرباء للناس المتواجدين فوق الأرض فقط ، ويختم بالقول هذه هي الحقيقة ،، الكل يتحدث عن ما يعتقد أنها الحقيقة همسا ،، وآخر يقول لي هل تعلم متى يمكن إيجاد حلول لكل مشاكل غزة بدون لف أو دوران ،، فقط عندما توافقون على قيام دولة غزة او تحت أي مسمى آخر المهم تكون غزة كيان مستقل ،، ويختم هذه هي الحقيقة ،،
كلام كثير وخطير يهمس به محللون ومسئولون هنا وهناك كلها تصب في خانة واحدة أن هناك فوضى في التفكير والتحليل يرتقي لدرجة البلاهة وعدم احترام الذات ،، وكله بسبب حالة الفراغ السائدة وانعدام القيادة القادرة على حسم الأمور بقرارات واضحة وصريحة وقاطعة لكل تلك الترهات البائسة التي نسمعها من كل هؤلاء .
لم يعد شعبنا قادرا على احتمال كل هذا الواقع المأساوي الصعب ، ولكنه لا يعلم في وجه من سينفجر ، لأن الكل يتحمل من الأوزار ما يستحق الانفجار في وجهه ، حالة من الهزلية نعيشها ، مؤتمرات ومهرجانات وخطابات والكل يعتقد أنه يمتلك الحقيقة المطلقة ، والكل يصدر الاتهامات كلها للطرف الآخر ويتظاهر بالبراءة والطيبة وانه يتحمل كل شيء من أجل المصلحة العامة ،، والنتيجة أن كل شيء بخير إلا المصالح العامة فهي لازالت تنهار أمامهم وهم يبتسمون لها ..
إنها مهزلة يجب ان تتوقف ، لا أدري لمن أوجه النداء " أوقفوا هذه المهزلة " ، لا أجد عنوانا محددا اصرخ في وجهه بهذا النداء ،، وأتركها صرخة في الفضاء ولكل من يشعر بمعاناة شعبنا "" أوقفوا هذه المهازل جميعها " ، كفى .