في مظهر لم تعتد عليه الجماهير الفلسطينية منذ أكثر من عشر سنوات، جاب شوارع غزة عرضاً عسكرياً نظمه الجناح العسكري لحركة "فتح"، كتائب الأقصى - لواء العامودي، حيث اصطفت الجماهير في شوارع المدينة مندهشة من حجم القدرات التي عرضتها الكتائب خلال العرض.
وتلا هذا العرض الذي نظمته الكتائب في ذكرى انطلاقة حركة "فتح" الـ "52"، شريطاً مسجلاً بثته الكتائب لمشاهد تدريبية من دورة الشهيد ياسر عرفات باستخدام الذخائر الحية، في مشهد لافت لم تُشاهده الجماهير الفلسطينية منذ عقد من الزمن.
وفي الإطار، قال المحلل السياسي أستاذ جامعة الأمة د. حسام الدجني، إن هذا الأداء الجيد الذي قدمته كتائب الأقصى خلال الآونة الأخيرة، يؤكد على طبيعة بوصلة الكتائب المتجهة نحو خيار الكفاح المسلح.
من جانبه، أوضح المختص في الشأن الإسرائيلي مأمون أبو عامر، أن حركة فتح لديها قراراً داخلياً بتجميد الكفاح المسلح في الوقت الراهن، واستخدام خيار الكفاح المدني والشعبي في المرحلة الحالية.
وبيّن الدجني خلال حديثه لوكالة "خبر"، أن هذه العروض المتلاحقة يراد من خلالها توجيه عدة رسائل، أولها للرئيس محمود عباس وقيادة حركة فتح، بأن غياب المقاومة المسلحة عن برنامج فتح في مؤتمرها السابع، لا يعبر عن الكادر الفتحاوي، وأن حركة فتح موجودة في الميدان إلى جانب فصائل المقاومة في مشروعها النضالي.
وأشار أبو عامر، إلى أن العرض العسكري الذي نظمته الكتائب هو أمر طبيعي لدى حركة فتح، لافتاً إلى أن غياب هذا المشهد خلال العقد الأخير، كان بسبب غياب الحالة المركزية لحركة فتح، الأمر الذي أوجد قيادات غير مرتبطة بالحالة التنظيمية.
أما عن الرسالة الثانية، أكد الدجني على أنها موجهة للضفة الغربية بالسير على هذا النهج الكفاحي، إضافة إلى إرسال رسائل سياسية وعسكرية، مفادها أنه لا يمكن أن تسير مفاوضات بدون بندقية.
ولفت أبو عامر خلال حديثه لوكالة "خبر"، إلى أن هذه العناصر تنتمي لحركة فتح من حيث التوجه السياسي العام، والرؤية السياسية الشاملة، مشيراً إلى أن هذا الأمر لا يمثل البنية الرسمية المركزية في حركة فتح، وبالتالي فإنها تمارس نوع من الضغط النفسي على القيادة الفلسطينية.
وأوضح الدجني، أن الرسالة الأهم التي حملتها عروض كتائب الأقصى المتلاحقة، بأن قطاع غزة متلاحم عسكرياً في وجه الاحتلال الإسرائيلي، ومتمسكاً بخيار الكفاح المسلح، والذي بات مطلوباً أن يتم انتقاله إلى الضفة الغربية.
وأضاف أبو عامر، على الرغم من أن حركة فتح لا تعترف رسمياً بهذه المجموعات وعناصرها، إلا أن قيادة فتح تتبنى هذه العناصر، خاصة في حالات الاستشهاد أو الاعتقال، وبالتالي فإن هناك حالة من التداخل المعقد الموجود داخل الحركة، بسبب عدم تبني القاعدة الشعبية في حركة فتح لفكرة الخيار السياسي الرافض للكفاح المسلح، ولديها قناعة في داخلها بخيارات المقاومة المسلحة بكافة أشكالها.
ونوه الدجني إلى أن تلك العروض وجهت رسالة للاحتلال بأن المقاومة موحدة في الميدان، وأن بوصلة التحرير هي مجابهة الاحتلال والاستيطان، وأن الأجنح العسكرية تصطف في خندق واحد لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضح أبو عامر، أن هذه المجموعات تابعة لحركة فتح، لكنها تتقاطع إلى حد كبير مع فصائل المقاومة وتحديداً حركة حماس من الناحية العملياتية، مشيراً إلى أن قوى المقاومة معنية بتعزيز هذه الظواهر.
وقال الدجني، إن احتواء شريط الكتائب الأخير على عملية خطف جندي إسرائيلي داخل نفق، ما هي إلا رسالة للأسرى في سجون الاحتلال بأن الفرج بات قريب.
ولفت أبو عامر، إلى أن الاحتلال يتابع هذه الظواهر في حركة "فتح" ويراقب وجود اتصالات من الجانب الرسمي بتلك المجموعات من عدمه، وبالتالي لا يوجد موقف إسرائيلي واضح تجاه حركة فتح باعتبارها حركة تتبنى الكفاح المسلح.
وشدد الدجني على أن هذه العروض الكبيرة وجهت رسالة لحركة فتح، بأن جناحها العسكري ما زال العمود الفقري للمشروع الوطني الفلسطيني، ورسالة أيضاً للمجتمع الدولي بأن قطاع غزة عنوان المقاومة لاستعادة الأرض من الاحتلال الإسرائيلي.
وأشار أبو عامر، إلى أن وجهة النظر الإسرائيلية تتجه نحو عدم توسيع دائرة الاستهداف، حفاظاً على عدم تأجيج الشارع الفلسطيني وباقي الأجنحة المقاومة، وكذلك فإنها تركز اهتمامها ضد من يقوم بالأنشطة العسكرية دون ربطها بحركة فتح بشكل عام.