كيف ينقلب «ترامب» على سياسة «أوباما» باتجاه إسرائيل؟!

هاني حبيب
حجم الخط

تجهد مراكز الدراسات والبحث اليمينية في الولايات المتحدة، لمساعدة إدارة ترامب القادمة إلى البيت الأبيض بعد أيام، لوضع ملامح "خارطة طريق" لكي تتخذ منها الإدارة الجديدة وسيلة لما سمته هذه الجهات "تصحيح العلاقة الاستراتيجية مع إسرائيل" اثر وقوف إدارة اوباما إلى جانب تمرير قرار 2334 حول الاستيطان الإسرائيلي في مجلس الأمن من خلال امتناعها عن التصويت، وكذلك خطاب جون كيري الذي حمل فيه على السياسة الإسرائيلية بنبرة غير معهودة على الرغم من أنه لا يخرج عن سياق السياسة الأميركية تجاه إسرائيل بشكل عام.
تتهم "خارطة الطريق" هذه إدارة اوباما، بأنها على عكس كافة الإدارات الأميركية السابقة، عمدت على رسم سياسة مع إسرائيل، تتميز "بالطبيعية" و"اقل تميزاً" إضافة إلى دعوة أميركية سابقة ومستمرة بتجميد بناء المستوطنات، روبرت ساتلوف، المدير التنفيذي لمعهد واشنطن، وصف هذه السياسة بالعقيمة كونها تخرج عن العلاقات الاستراتيجية المتميزة التي اعتمدتها كافة الإدارات الأميركية السابقة، خاصة عندما لم تلتزم إدارة اوباما، باتفاقات علنية وسرية، أميركية ـ إسرائيلية حول "تبادل المعلومات" وذلك عندما عمدت هذه الإدارة إلى إخفاء معلومات بالغة الأهمية حول مفاوضات أميركا مع إيران، تلك المفاوضات التي أدت إلى تراجع واضح في لغة الخلاف بين واشنطن وطهران، الأمر الذي لا يمكن إلاّ اعتباره، ضربة حقيقية لما كان عليه الأمر في العلاقات الأميركية ـ الإسرائيلية.
وحتى تلك المعونة بالغة الأهمية التي قدمتها إدارة اوباما إلى إسرائيل، قبل الشهر الأخير من تركها البيت الأبيض، يقول ساتلوف، لم تكن بتلك الأهمية التي تحاول إدارة اوباما من خلال الحديث عنها، وكأنها التزمت بالخطوط الدقيقة التي تربط بين أميركا وإسرائيل في إطار التعاون الاستراتيجي، ذلك أن هذا التعاون، ذا الصبغة المالية والعسكرية، وهذا القرار القاضي بإسناد إسرائيل، كان سيتم تمريره واقتراحه وإقراره من قبل الكونغرس، بأغلبيته الجمهورية، وان إدارة اوباما كانت تعلم ذلك، الأمر الذي مهّد لها الطريق وقبل أن ترحل، لكي تسجل على صفحة هذه العلاقات أنها شكلت "منحة" من قبل إدارة اوباما لإسرائيل، ما يسمح لهذه الإدارة أن تدير ظهرها للدولة الأقرب إلى أميركا إسرائيل، وذلك كما رأينا ـ يقول ساتلوف ـ في موقف إدارة اوباما من قرار الاستيطان وخطاب جون كيري.
وينتهي تقييم دور إدارة اوباما في رسم سياسة أميركية "جديدة" بين أميركا وإسرائيل، بالقول إن هذه الإدارة، رغم كل ما فعلته لم تحقق أية خطوة على صعيد العملية التفاوضية بين إسرائيل والفلسطينيين وأخفقت سياستها تماماً رغم كل ما أقدمت عليه من محاولات، بخلاف كافة الإدارات السابقة، التي نجحت في معظم الأحيان، في إحراز تقدم، مهما كان بسيطاً على هذا الصعيد! دون أن يتجاهل هذا التقييم المرور على السياسة الأميركية الفاشلة في سورية، و"احتلال" روسيا للدور الأميركي في الشرق الأوسط!
كيف يمكن تدارك هذا الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبته إدارة اوباما بحق إسرائيل؟! هنا يتم تناول "خارطة الطريق" التي تتقدم بها إحدى أهم مراكز البحث والدراسات حول الشرق الأوسط، لتشير إلى أنه من حسن الحظ أن إدارة جديدة أكثر التزاماً من جانب أميركا إزاء حليفتها الأكبر إسرائيل، يمكن لها، بل عليها أن تقوم بعملية التصحيح النابعة من المصالح والقناعات، بإصلاح ما أفسدته إدارة اوباما (!)
إدارة جديدة، هي إدارة الرئيس ترامب، عازمة على إعادة العلاقات "الحميمة" والهدف المشترك لشراكة أميركية ـ إسرائيلية، من خلال تعزيز عملية السلام الإسرائيلية ـ الفلسطينية من خلال استعداد هذه الإدارة للتخلي عن المبادئ الفاشلة القائمة على العمل من القمة إلى القاعدة التي أعرب عنها وزير الخارجية جون كيري "بشغف كبير"، بدبلوماسية إبداعية تصاعدية، وإصلاح سياسي فلسطيني "مؤسسي" مقابل تفاهمات واقعية مع إسرائيل حول بناء المستوطنات التي تميز بين المناطق التي يفهم على نطاق عالمي تقريباً (!) أنها ستبقى داخل إسرائيل في ظل أي اتفاق مستقبلي، وبين القيود المتفق عليها حول البناء في أماكن أخرى... من الواضح أن هذه الرؤية التي يتحدث عنها مدير معهد واشنطن تنطلق بالضبط من الموقف الإسرائيلي إزاء العملية الاستيطانية.
يمكن لهذه السياسة أن تنجح، بإصلاح سياسة أميركية في الشرق الأوسط، وهذا يتطلب دعم إعادة العلاقات القوية بين حلفاء أميركا في المنطقة، هذه العلاقات التي تضعف بسبب فشل إدارة اوباما بالنظر بجدية إلى أهمية الحلفاء في منطقة الشرق الأوسط.
ما يهدد إسرائيل، وفقاً لساتلوف، ليس مسألة الاستيطان، بل إحجام راعي إسرائيل النافذ عن الاضطلاع بدور أكثر تفهماً لإسرائيل، وهذا يتطلب الإسراع بإصلاح الضرر بالمصالح الأمنية الأساسية، نتيجة لتراجع دور ونفوذ حليف الدولة "اليهودية" الذي يتمتع بقوة عظمى!
هذه بإيجاز بعض تفاصيل خطة "خارطة الطريق" التي يضعها "معهد واشنطن" أمام الرئيس الجديد، لدعم إسرائيل في مواجهة مع الحقوق الوطنية الفلسطينية، وللعودة إلى هذه الرؤية التفصيلية يمكن مراجعة صفحة "معهد واشنطن"!!