يرى محللون سياسيون وخبراء بالشأن الإسرائيلي والعربي في الداخل المحتل، أن حشود فلسطينيي الـ48 اليوم نحو قلب مدينة "تل أبيب"، سيشكّل نقلة في حراكهم للدفاع عن قضاياهم ومواجهة السياسات والمخططات العنصرية التي تنتهجها الحكومات الإسرائيلية ضدهم.
ويؤكد المحللون في تصريحات منفصلة أنه وفي المقابل فإن ردة فعل حكومة الاحتلال وعلى رأسها بنيامين نتنياهو رئيسها، تجاه تظاهرة "تل أبيب" سيكون "بوليسيًا" وليس سياسيًا.
ويشهد الداخل الفلسطيني المحتل اليوم إضرابًا شاملاً يشلّ كافة مرافق الحياة، وسيتوج بتظاهرة قطرية من كافة بلداته نحو "تل أبيب" الساعة الخامسة مساءً، وذلك تنديدًا بهدم المنازل.
عودة لمحور الصراع
ويقول المحلل السياسي والخبير بالشأن الإسرائيلي أنطون شلحت "إنه ومما لا شك فيه أن حراك اليوم وخاصة تظاهرة تل أبيب، هي نقلة في تحرك فلسطيني الـ48، ولكنها ليست نوعية".
ويضيف "التظاهرة نقلة لأنها الأولى التي تشهدها تل أبيب منذ سنين، وهدفها تحريك شيء ما في الرأي العام الإسرائيلي وفي السياسة الحكومية العنصرية تجاههم".
ولكن هذه التظاهرة لن تؤثر في الرأي العام الإسرائيلي تجاه قضايا الفلسطينيين في "اسرائيل"، لأن الجمهور الإسرائيلي-ومن وجهة نظر شلحت- متجه نحو مزيد من التطرف والعنصرية واليمين.
"كما أن الجمهور الإسرائيلي لم يعد مهتمًا بالقضايا الداخلية أصلاً، وبالتالي فإن اهتمامه وتفاعله مع قضايا الفلسطينيين في الداخل ضئيل جدًا"، وفق المحلل السياسي.
ولا يتفاءل الخبير السياسي بإمكانية استجابة رئيس حكومة الاحتلال لمطالب تظاهرة اليوم- على الأقل بشكل مباشر- لكنه يتوقع أن يكون هناك تأثيرًا على المدى البعيد، وذلك حسب قوة الفعاليات والحراك وقدرة الجماهير على إيصال رسالتها.
ويعتبر أن تظاهرة "تل أبيب" اليوم تعبيرًا عن محاولة لنقل ساحة الصراع إلى الساحة الإسرائيلية ولمواجهة سياسة نتنياهو.
ولا يمكن قراءة سياسة حكومة الاحتلال الحالية بمعزل عن الحكومات السابقة، التي تقاربت في سياساتها العنصرية تجاه الجماهير العربية في الداخل، بالرغم من أنهم يصنفون لديها كمواطنين يتمتعون بها يتمتع بها الإسرائيليون.
ولكن ومن وجهة نظر انطون، فإن كل ما يجري في الداخل يعكس سياسة "اختزال الأراضي"، وهي سياسة عدوانية تجاه فلسطينيي الـ48، كونهم جزءًا لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني.
ويعود الخبير السياسي لتظاهرة "تل أبيب"، ويقول إنها تؤكد أن الصراع مع "اسرائيل" لا يزال يدور في المحور الذي كان عليه منذ نشأة المؤسسة الصهيونية، وهو محور الأرض.
وعن سبب عدم استجابة الحكومة الإسرائيلية لمطالب فلسطينيي الـ48، وتأثير تظاهرة اليوم على ذلك، يعزي الخبير السياسي ذلك، إلى أن رئيسها نتنياهو يتعامل مع الفلسطينيين في الداخل على أنهم أعداء، ويدعي أن ما يمارسه من هدم منازل، هو تنفيذ للسياسة الحكومية والقانون.
ولكن أرض الواقع تفّند هذا الادعاء، والجماهير العربية تعي تمامًا أن ما يحدث هو مخطط لاجتثاثهم وخنقهم، ومن أجل ذلك فإن التصعيد هو ما سينطق به لسان الحال على الجهتين، كما يقول.
تأثير مرهون
من جانبه، يرى رئيس مركز "مدى" للأبحاث والدراسات في الداخل مطناس شحادة، أن ما يجري في الداخل اليوم من "إضراب البيت" والتظاهر نحو "تل أبيب"، محاولة لاستعمال أدوات جديدة لم يتم استعمالها من قبل.
ويقول في حديثه لوكالة "صفا" إن فلسطينيي الـ48 يحاولون اليوم التأثير على سياسات الحكومة الإسرائيلية، وما يجري هو "انعكاس لوحدة الموقف، الذي تجسد في المشاركة بانتخابات الكنيست الأخيرة".
وبحسبه، فإن تظاهرة "تل أبيب" اليوم سيكون لها ما بعدها من نتائج ومؤشرات أبرزها، أنهم (فلسطينيو الـ48) مقبلون على مرحلة تحولات في العلاقة مع المؤسسة الإسرائيلية.
وفي المقابل، يتفق شحادة مع انطون، في القول إن الحشد في "تل أبيب" لن يؤدي إلى تغيير حقيقي في جوهر السياسة الإسرائيلية.
ولكن المحلل السياسي ينوه إلى أن حجم المشاركة في التظاهرة وما سيحدث فيها من اشتباكات أو مواجهات، من شأنه أن يخيب كل التوقعات.
ويتابع "لا ندري إذا ما أحدثت التظاهرة تأثيرًا، لكني لا أتوقع أن يكون فوريًا، وإنما قد يكون على مراحل مستقبلية من الاحتجاجات، ولهذا فمن المهم استمرار بل تقوية هذه الفعاليات ودفعها للأمام".
وفي كل الأحوال، فإن رئيس الحكومة الإسرائيلية سيحاول تجنب أي انفجار في الوسط العربي تجاهه، ولذلك فإنه قد يقدم على خطوات "يحافظ فيها على التوازن في سياسات التمييز العنصري وسياسات الاحتواء، لمنع هذا الانفجار"، وفق شحادة.