صلات ترامب الإسرائيلية العائلية والشخصية

thumbgen (27)
حجم الخط
 

هناك قضايا شخصية صغيرة تحيط بعلاقة الرئيس الأميركي المنتحب دونالد ترامب وعائلته بإسرائيل. ومن ذلك على سبيل المثال، تحول ابنة الرئيس إلى الديانة اليهودية في العام 2009، وتبرع ترامب ذاته لمستوطنة "بيت إيل" (وهي من أشهر المستوطنات في الضفة الغربية – رام الله والبيرة، لأنها مقر الحكم الإسرائيلي التابع لوزارة الدفاع الإسرائيلي، (ما يسمى الإدارة المدنية))، بما قيمته 10 آلاف دولار العام 2003.
وتكشف تفاصيل الخبرين الكثير من الملابسات، ويثيران أسئلة مهمة.
بالنسبة لدخول إيفانكا ترامب الدين اليهودي، فإنّ هناك جدلا إسرائيليا الآن حول مدى قبول هذا الأمر، بسبب الشروط المعقدة لقبول دخول أي شخص للدين اليهودي.
وأعلن الحاخام الأكبر الإسرائيلي إسحق يوسف، يوم الأربعاء الماضي، أنّ المحكمة الحاخامية بصدد إدخال "إصلاح كبير"، وذلك على خلفية تحول عدد من الأميركيين إلى الدين اليهودي، وبعد ضغوط من جماعة يهودية تتبنى مواقف مرنة إزاء دخول أشخاص الدين اليهودي، تسمى "مصادر ودفاع عن الحياة اليهودية"، وتعرف بالإنجليزية بالاختصار "ITIM". وقد قرر الحاخامات في إسرائيل عقد مؤتمر هذا الأسبوع لمناقشة الموضوع. وأشارت صحف إسرائيلية ويهودية أميركية إلى أن الأمر مرتبط، بشكل أو بآخر، بعدد من الأشخاص، منهم ابنة ترامب. وأشارت الصحف إلى هجرة متزايدة لأشخاص من "أميركا الشمالية" لإسرائيل ودخولهم اليهودية، لكن المحاكم الحاخامية ترفض ذلك، ولا تعترف بشرعية زواجهم. وبحسب صحيفة "جيروزالم بوست"، فإنّ هناك أنباء عن أنّ هذه المراجعة المرتقبة تأتي بضغط وطلب من "فريق ترامب"، في ما يشير إلى كيفية ربط هذا الفريق بين إسرائيل واليهودية بشكل تام، واعتبارها مرجعية اليهود في العالم.
نشرت مجلة "أتلانتيك"، الأميركية الشهيرة، في أيلول (سبتمبر) الماضي، تقريرا مع صورة كبيرة لإيفانكا، تسير وسط نجمة داوود الشهيرة. ونقلت المجلة حينها قول إيفانكا إنّها "اعتنقت الأرثوذكسية"، في إشارة إلى الدين اليهودي، وأنّ هذا "جزء مهم من هويتها وحياتها العائلية". وتناولت المجلة حينها الدور الذي ستلعبه إيفانكا إذا فاز والدها في الانتخابات، وكيف ستكون داعمة لليهود. 
كان دخول إيفانكا اليهودية بعد زواجها من يهودي أميركي متدين، يدعى جيرد كوشنير، لديه شركات عقارية ضخمة، وينشر صحيفة أسبوعية تسمى "نيويورك أوبزيرفر". وهو ممن قادوا حملة ترامب الانتخابية، خصوصا في الشق الرقمي (الإنترنت)، وهو الذي يشترط أن تلتزم زوجته باليهودية. وأسرته الأصولية اليهودية معروفة في قطاع العقارات، ونفذت بعض أكبر الصفقات في تاريخ القطاع العقاري الأميركي، وتتبرع بانتظام للمستوطنات الإسرائيلية. وبحسب مجلة "فوربس"، لعب كوشنير دورا أساسيا في فوز ترامب. وأشارت "نيويورك تايمز"، في عددها ليوم السبت الماضي، إلى صفقات ضخمة يجريها أو يناقشها كوشنير (35 عاما) مع شركات صينية، وتقول الصحيفة "إنها تثير الشبهات". 
يبدو الأمر بالغ الغرابة. ولولا أن كبرى الصحف الإسرائيلية والأميركية الرصينة، هي من يوثق هذه الأنباء، لبدت من أخبار الإثارة. لكن تبدو شبكة العلاقات الشخصية والعائلية بين فريق ترامب والإسرائيليين أكثر عمقاً. 
بحسب الصحافة الإسرائيلية، كشف مستوطنون في مستوطنة "بيت إيل"، مؤخرا، أنّ تبرع ترامب العام 2003 بمبلغ عشر آلاف دولار لمستوطنتهم، كان "إكراماً" لصديقه ديفيد فريدمان، الذي صار لاحقا مستشاره في حملته الانتخابية، ولعب دورا في صياغة برنامجه الانتخابي، وعيّنه سفيرا للولايات المتحدة لدى إسرائيل. 
وفريدمان يتحدث العبرية، وهو يهودي أصولي أيضاً، وناشط في جمع التبرعات للمستوطنات، ويؤيد نقل السفارة الأميركية للقدس. 
بحسب تقارير الانتخابات الأخيرة، فإن 25 % من اليهود الأميركيين انتخبوا ترامب، و70 % انتخبوا منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون. وعادة ما يؤيد اليهود الأميركيون الحزب الديمقراطي، وهم لا يشكلون أكثر من 2-4 % من الناخبين. لكن القوة الحقيقية تأتي من القوى المنظمة، وكبار المتبرعين، الذين يمولون الحملات الانتخابية، والذين قد يمولون المرشحين، ويصنعون علاقة خاصة معهم. ويبدو أنّ كبار الناشطين والمتبرعين اليهود الصهاينة لديهم علاقة أكثر من خاصة مع ترامب وعائلته وإدارته.
مع قرب تولي ترامب منصبه، يبدو المشهد المقبل بالغ التعقيد، ويحتاج للكثير من التمعن لتفكيكه والتقليل من تداعياته السلبية الممكنة على القضايا العربية، وفي مقدمتها القدس، وفلسطين، والعرب والمسلمين في الولايات المتحدة.

عن الغد الاردنية