دخول دونالد ترامب البيت الأبيض يقض مضاجع الاستخبارات الإسرائيلية أيضاً؛ ففي المداولات المغلقة التي جرت، مؤخراً، طرح تخوف من تسرب معلومات استخبارية إسرائيلية، طرائق عمل، ومصادر معلومات انكشفت في الـ 15 سنة الأخيرة على أسرة الاستخبارات الأميركية، إلى روسيا، ومن هناك إلى ايران.
وسبب القلق: شبهات العلاقات غير المبلغ عنها للرئيس المنتخب أو لمقربيه مع الكرملين الذي يتقرب عملاؤه من محافل استخبارات في إيران أيضا.
هذه المخاوف، التي بدأت مع انتخاب ترامب، تعاظمت في أعقاب لقاء عقد مؤخرا بين محافل استخباراتية إسرائيلية وأميركية.
في اللقاء، كما يقول الإسرائيليون الذين شاركوا فيه، أعرب زملاؤهم الأميركيون عن يأسهم من انتخاب ترامب الذي يكثر من مهاجمة أسرة الاستخبارات الأميركية.
وروت المحافل الأميركية للإسرائيليين أنه يوجد لدى وكالة الأمن القومي NSA «معلومات استخبارية على مستوى عالٍ جدا من المصداقية» بأن أجهزة الاستخبارات الروسية الـ FSB و GRU هي التي اقتحمت حواسيب الحزب الديمقراطي أثناء الانتخابات، وسربت معلومات حساسة إلى «ويكيليكس»، ما ألحق ضرراً بحملة هيلاري كلينتون.
وروت المحافل الأميركية أنها تعتقد أن لدى بوتين «روافع ضغط» على ترامب، ولكنها لم تفصل عما يدور الحديث.
أغلب الظن كان المقصود هو ما نشر، أول من أمس، عن معلومات محرجة جمعتها الاستخبارات الروسية بهدف ابتزاز الرئيس المنتخب.
ونصح الأميركيون نظراءهم الإسرائيليين «بالحذر» ابتداء من 20 كانون الثاني، يوم تولي ترامب الحكم، في نقل المعلومات الاستخبارية إلى البيت الأبيض وإلى مجلس الأمن القومي الملحق بالرئيس.
وبزعم الإسرائيليين الذين حضروا اللقاء، فإلى أن يتبين بأن ترامب لا يرتبط بشكل غير مناسب بروسيا وغير قابل للابتزاز أوصاهم الأميركيون ألا يكشفوا مصادر حساسة لرجال الإدارة خوفا من أن تصل إلى الإيرانيين.
إذا كانت أسرار إسرائيل التي توجد بالفعل لدى الاستخبارات الأميركية ليست محفوظة، فإن هذا يعد خطراً في غاية الجسامة على أمن الدولة: فمنذ بداية سنوات الألفين أخذ التعاون بين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والأميركية بالتعاظم.
فقد تصدر هذا التعاون رئيس شعبة الاستخبارات «أمان» في حينه أهرون زئيفي فركش (الذي حصل على وسام شرف من رئيس الـ NSA) رئيس «الموساد»، مائير داغان، ومن حل محله تامير باردو. معظم العمليات المشتركة بين الجهتين، حسب منشورات أجنبية، كانت موجهة ضد إيران، وقسم صغير منها ضد «حزب الله» و»حماس».
في العقد السابق توثقت أكثر فأكثر الاتصالات على خلفية العلاقات القريبة بين رئيسي الوزراء، أرئيل شارون، وإيهود أولمرت وبين الرئيس جورج بوش.
في العام 2008 تلقى التعاون الاستخباري بين إسرائيل والولايات المتحدة نوعاً من الشرعية في صورة اتفاق رسمي لتعاون شامل بكشف مصادر وطرائق العمل، ما وصفه مصدر سياسي رفيع بأنه «سترب تيز متبادل تام» بين الرئيس بوش وأولمرت.
وأدى التعاون العميق، الذي استمر سنوات، إلى نتائج مثيرة جداً للانطباع تضمنت، حسب منشورات أجنية، تشويش المشروع النووي الإيراني.
وعلى رأس العمليات، حسب منشورات في الخارج، عملية «ألعاب أولمبية» في إطارها أنتجت فيروسات حواسيب منها «ستاكسنت» الذي ألحق ضررا كبيرا بالبرنامج النووي الإيراني.
وبلغت وسائل الإعلام العالمية بأن «الموساد» والـ «سي.أي.ايه» تعاونا في تصفية عماد مغنية في دمشق في العام 2008.
عندما بدأت الاتصالات السرية بين الولايات المتحدة وإيران حول الاتفاق النووي في العام 2013، أمر أوباما بالكف عن العمليات الهجومية ضد إيران، ولكن هذا التوقف لم يغير عمق الانكشاف الاستخباري لإسرائيل على الولايات المتحدة.
وتسريب قسم من هذه الأسرار من شأنه أن يلحق ضررا جسيما. والتخوف في إسرائيل ليس فقط من روسيا بل من إيران. وأشارت محافل استخبارات أميركية أمام الإسرائيليين إلى معلومات وردت في وثائق سنودن عن أعمال أميركية سرية في إيران.
والأميركيون مقتنعون بأن سنودن سلم المعلومات للاستخبارات الروسية – قسم من الصفقة التي في إطارها تلقى لجوءاً سياسيا – وبعضها نقل إلى طهران، وذلك في إطار سياسة بوتين زيادة التعلق الإيراني به، وليس السوري فقط.
وكل هذا من أجل خدمة هدف نهائي: العودة لتكون القوة العظمى المؤثرة في المنطقة.
عن «يديعوت