سواء وقع الاتفاق بين إيران والقوى العظمى أم لا ستشدد إيران جهودها لتحقيق هيمنة إقليمية في الشرق الاوسط. وهذا ايضا بالنسبة لها هدف مرحلي كونها تسعى الى هيمنة عالمية كزعيمة للعالم الاسلامي. للايرانيين صبر، وكثير من الصبر.
امكانية المواجهة مع الذراع اللبنانية لإيران (حزب الله) على الحدود الشمالية لا تشطب عن جدول الاعمال، وتشهد الاحداث الاخيرة في لبنان وسورية على أن مثل هذه المواجهة هي إمكانية معقولة. فقد سبق ان تعلمنا بالطريقة الصعبة كيف ان استعدادنا يجب أن يتحقق ليس حسب نوايا العدو بل حسب قدراتنا. فالسلاح الصاروخي الموجود لدى «حزب الله»، اكثر من 100 الف صاروخ ومقذوفة صاروخية، يمنح إيران قوة هجومية حيال اسرائيل، وليس مؤكدا انها ستضبط نفسها عن استخدامه. وقد تبجح نصر الله، مؤخراً، بأن صاروخ فاتح 110، القادر على أن يحمل رأسا متفجرة يزن نصف طن لكل هدف في إسرائيل بدقة شديدة، ليس الاكثر تطورا بين الصواريخ التي في حوزة منظمته.
في التوقع الذي قدمه، مؤخراً، قائد الجبهة الداخلية المنصرف، اللواء ايال آيزنبرغ، يدور الحديث عن نحو 1.500 صاروخ ومقذوفة صاروخية ستطلق على اسرائيل كل يوم اثناء المواجهة مع «حزب الله». ومن شأن مدى الدمار الذي سيلحق بالجبهة الداخلية الاسرائيلية في مثل هذه الحالة أن يكون هائلا، بالأرواح وبالأملاك. مراكز حيوية للصناعة، الطاقة، المواصلات، والصحة ستتعطل، ليس لزمن قصير.
في حملة «الجرف الصامد» أطلق باتجاه اسرائيل نحو 4.500 صاروخ ومقذوفة صاروخية. وأدى نجاح «القبة الحديدية» الى أن يكون الضرر اللاحق طفيفا. ولكن اجمالي اطلاق الصواريخ في «الجرف الصامد»، والذي استمر خمسين يوما، يساوي ثلاثة ايام قتال فقط حيال «حزب الله». فالدمار الواسع في الجبهة الداخلية يعطل تأثير الانتصارات في الجبهة. الصواريخ الثقيلة، الدقيقة، وبعيدة المدى لا تستطيع «القبة الحديدية» اعتراضها: فهذه مخصصة لها منظومة اخرى هي «العصا السحرية» التي انتهت التجارب عليها بنجاح في نهاية اذار.
لولا تسويف حكومة اسرائيل، ولا سيما على خلفية الميزانية، لكان بوسعنا أن نكون اليوم مع منظومة «عصا سحرية» تنفيذية. ويتعين على الحكومة الآن ان تسرع التسلح بالمنظومة، التي يمكنها ان تحمي الدولة من صواريخ «حزب الله» بذات النجاعة التي حمتها «القبة الحديدية» من نار «حماس». هذه ليست مهمة بسيطة، إذ إن عدد الصواريخ المهددة كبير بما لا يقاس مقارنة بعدد صواريخ الاعتراض التي لدى الجيش الاسرائيلي.
صواريخ الاعتراض في «العصا السحرية» أغلى بكثير من صواريخ «القبة الحديدية». توجد هنا مشكلة ميزانية خطيرة، يجب ايجاد حل غير عادي لها، دون المساس باستعدادات الجيش الاسرائيلي للمواجهات في ساحات اخرى. الامكانية الاولى والبسيطة هي ان يخصص لهذا الهدف قسم من فوائض جباية الضرائب التي تحدثت وسائل الاعلام عنها وتوجد في صندوق المالية. من يتخيل كلفة اعمار الدمار الذي سيلحق في حالة هجوم صاروخي يفهم بأن الاستثمار في «العصا السحرية» سيعيد نفسه بفائض كبير.
إذا لم ترغب الحكومة في أن تخصص ما يكفي من الشواكل لتمويل الحماية الناجعة، فلا مفر من الطلب من الادارة الأميركية أن تندرج كامل كلفة انتاج منظومات الاعتراض الجديدة في اطار المساعدات الامنية السنوية، التي تمنح في غالبيتها العظمى بالدولار. وتمول الولايات المتحدة اليوم ثلثي تطوير «العصا السحرية». وتشارك شركة «رايتون» الأميركية في عملية التطوير رغم أن عناصره الذكية – الاستهداف، الرادار، التحكم والرقابة – هي من نصيب الصناعات الاسرائيلية.
الزمن عنصر حرج، ولهذا فيجب اعطاء اولوية لمنظومة قادرة على حماية الدولة، حماية الجبهة الداخلية، حماية منشآت الجيش الاسرائيلي والبنى التحتية الحيوية. في حالة عدم وجود حماية كافية للجبهة الداخلية، فإن الخيارات الهجومية نفسها تكون موضع شك.
عن «يديعوت»