ما يجري في أزمة الكهرباء محزن ويثير الغثيان، حتى المؤتمرات الصحافية وتصريحات التسليم والإستلام لجميع ملفات غزة غير صادقة وليست جادة وهي مجرد ردود أفعال على الإتهامات المتبادلة وتحميل المسؤوليات عن الفشل الذريع والعجز ليس في إدارة شؤوننا إنما في إدارة ملف الكهرباء.
ومن يريد الحل ليس بحاجة للتواصل عبر وسائل الاعلام، فالأزمة أعظم وأكبر وهي ليست مجرد أزمة كهرباء التي لم ولن تنتهي بهذه الطريقة من دون أن يديرها طرف ويتحمل المسؤولية بشفافية عالية، ويراعي ظروف الناس والفقراء والمهمشين، كما أنها لن تنتهي بمكرمات أميرية ورئاسية وحكومية او اتفاق وطني فترته الزمنية ثلاثة أشهر وربما أقل ومن دفع ومن سرق.
وأياً كان مصدر التبرعات والمكرمات التي تبرز مع كل تفاقم خطير للأزمة والإحتجاج عليها ويتم التعامل مع الناس من منطلق السياسة المتبعة بأن يظل الناس بين الحياة والموت، وصبغ قضيتنا بصبغة إنسانية.
وأن غزة رافعة المشروع الوطني يجري ما يجري معها من إهانة وطنية وجميعنا يساهم في السكوت عن المصيبة الوطنية التي نعيشها، وما التسابق بين طرفي الأزمة والإدعاء بأنه صاحب الفضل بالحل والحصول على مكرمة قطرية وتبرع تركي يعمق إهانة الناس وطنياً وأخلاقياً ويزيد من جروحهم. فالتعامل بهذه الطريقة من المسؤولين بأن الأزمة حلت حتى أن غالبية من الناس لم يتعاملوا مع الموضوع بحس وطني وفقدوا حس التضامن مع أنفسهن، ومجرد ان أعلن عن التبرعات تركوا المعتقلين على خلفية الحراك يعانوا وحدهم.
الناس فقدوا الثقة بأنفسهم وبالقائمين على حياتهم فهم تعودوا على الحلول الفردية، وفِي أزمة الكهرباء والقول أن حماس ورثت ورثة ثقيلة بملف الكهرباء وأنه ملف فاسد ورائحته النتنة تزكم الأنوف منذ عشر سنوات هذا صحيح غير أن ليس مبرراً للإستمرار في ذات النهج، كما أن قطاع غزة بحد ذاته ورثة ثقيلة بكل ملفاته المختلفة منذ اكثر من عقدين من الزمن وحتى الان، واستمرت بإدارته بذات النهج السابق بالتفرد ومراكمة الفساد وسوء الإدارة وعدم البحث عن بدائل والإكتفاء بالإدعاء بالحصار.
ولم يتم وضع خطط وطنية وإستراتيجية لوضع حد للإزمة والنهضة بقطاع غزة وإحترام كرامة المواطنين وتوفير الحد الأدنى من العيش الكريم. وإستمرت حماس في النهج السابق من حكم غزة لكنها فاقمت أزمات غزة والناس وما ذريعة الحصار والإحتلال ما هي إلا شماعة وعدم القدرة للبحث عن حلول والفشل في إدارة القطاع,
ومقايضة الناس الذين دفعوا أثمان كبيرة ولا يزالوا وهمومهم اليومية والمعيشية بإدارة شؤونهم الفاشلة وبالمقاومة والأمن والأمان مسيئ للناس وطهارة المقاومة وإحترامهم لها وحمايتها والدفاع عنها، حتى أن هذا أصبح لا ينطلي على الناس الحاضنة الشعبية للمقاومة وأفقدهم الثقة بأنفسهم، وربما بالمقاومة ووطنيتهم، وصدق نوايا الفصائل مجتمعة وفي مقدمتهم حماس.
مع إدراكنا للحفاظ على المقاومة وخوفنا عليها والخشية من الفوضى وحق الناس بالمطالبة بحقوقهم المعيشية الأساسية، فالمقاومة قبل أن تحمي الناس والدفاع عنهم من العدوان عليها أن تتماهى مع الناس وهمومهم وأزماتهم وأن تكون الدرع الواقي في مواجهة تغول الحكومات، فنحن شعب يناضل من أجل الحرية، ومن حقنا الوقوف في وجه الظلم وتراكم الأزمات وتفاقمها. فحماس يجب أن لا تستمر في هذا النهج من الحكم وعقلية المؤامرة وأن لا تكون نسخة من الأنظمة العربية المستبدة والديكتاتورية، والتي لعبت لسنوات طويلة بالقضية الفلسطينية وبالمقاومة ودعمها، ومع مرور الزمن كشف زيفها عندما فشلت في توفير العيش الكريم للناس والمساواة والحريّة, ولم يستطع أي نظام مهما إمتلك من القوة وأن يقايض الناس بالمقاومة والأمن والأمان وهو لا يستطع أن يوفر الحد الأدنى من العيش الكريم وتوفير الخبز والماء والكهرباء. وإلا سيفهم ذلك على أنه تمسك بالنظام وإغراء السلطة والكرسي، فالإنكسار يقع أحيانا في قمة القوة.