تسونامي ترامب مقبل نحونا!!!

عبد الناصر النجار
حجم الخط

خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد تنصيبه أمس، أكّد ما جاء في دعايته الانتخابية، وإن حاول التأثير على مشاعر الأميركيين تحت شعارات الوحدة والمساواة.
الاقتصاد كان محور خطابه، على قاعدة أميركا أولاً، ثم على قاعدة الانعزالية الاقتصادية أو الحمائية، وهي التي حاولت كثير من الدول معارضتها، كون ذلك سيؤدي حتماً إلى نسف أكثر من عقدين من العولمة الاقتصادية.. وعودة إلى الانغلاق والحواجز الجمركية..
في دعايته الانتخابية حول الإرهاب، تحدث بشكل واضح عما أسماه الإرهاب الإسلامي وكان في دعايته سابقاً قد هدد بمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة؛ بحجة حماية أمنها.
كثيرون حاولوا التقليل من أهمية دعاية ترامب الانتخابية؛ لأنها ستتغير - من وجهة نظرهم - فور تسلمه الرئاسة.. ولكن العكس هو الذي تبيّن.
بالنسبة للعلاقات الدولية، فقد كان واضحاً - وربما أكثر مما جاء في دعايته الانتخابية - أن الولايات المتحدة الأميركية لن تدفع في سبيل حماية الآخرين، وهو يعني بذلك أوروبا والدول المتحالفة مع أميركا في آسيا أو حتى في منطقة الشرق الأوسط، وأنه لا بد أن تتحمل هذه الدول تكاليف الدفاع عن حدودها، معتبراً أن أميركا ستهتم في المقابل بحدودها الداخلية وإعادة القوة للجيش الأميركي من خلال زيادة ميزانيته.
وأوضح، أيضاً، أنه لن يقبل أن تغنى دول على حساب المواطن الأميركي وخاصة الطبقة الوسطى.
إذن، ستكون هناك هزة كبيرة في علاقات واشنطن الخارجية، وربما استهدف دولتين بشكل أساسي وهما الصين وألمانيا.
وفي خطابه أكد، أيضاً، ما جاء في دعايته الانتخابية من شعبوية، ولعلّ توجهه إلى الشعب والحديث عن أنه هو الذي سيحكم، ودعوته للتخلص من هيمنة واشنطن على الشعب مؤشر على سطحيته في فهم طبيعة النظام السياسي الأميركي... ولا ندري ما هي سلطة الشعب التي يتحدث عنها ترامب، وهي ربما لا تختلف كثيراً عن زعماء في دول العالم الثالث تحدثوا عن نظام الحكم الشعبوي قبل عقود وعلى رأسهم العقيد القذافي.
كثيرون راهنوا على أن المرشح ترامب سيكون نسخة مختلفة عن الرئيس ترامب ... وأنه لن يغير الكثير من سياسات الولايات المتحدة... إلاّ أن ترامب الشعبوي كان أكثر صدقاً من التحليلات السابقة، وأكثر من ذلك، فقد وصف حالة الفوضى التي سادت الولايات المتحدة مطالبا بالعمل على وقفها دون أن يوضح كيف سيتحقق ذلك.
أما بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وعلى رأسها القضية الفلسطينية، فإن ترامب لم يتطرق إلى ذلك في خطابه، ولكن في سياق هذا الخطاب الشعبوي بامتياز يمكن التنبؤ بسياسة ترامب الشرق أوسطية.
فلسطينياً، وقياساً على ما جاء في الخطاب، مقارنةً مع دعايته الانتخابية، نلاحظ ربما أن الخطاب جاء أكثر تشدداً من الدعاية الانتخابية في معظم مفاصله الرئيسة، وبناء عليه، فإن نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس أصبح أمراً واقعاً، والقضية مسألة وقت، وربما سيعلن عن ذلك خلال الأيام المقبلة.
القدس الموحدة عاصمة الاحتلال الإسرائيلي، شرعنة الاستيطان، الوقوف إلى جانب اليمين الإسرائيلي بمواقفه السياسية المتشددة... كل هذه القضايا ستشكل سياسة ترامب تجاه الفلسطينيين.
إذن، نحن أصبحنا وجهاً لوجه أمام تسونامي ترامب الذي بدأ يضرب منذ اليوم الأول لتنصيبه.
على المستوى الفلسطيني موجة العداء الترامبية ستضرب في أرضنا وعمقنا أكثر مما نتوقع؛ لأن الرجل ظهر على حقيقته، فلا فرق بين ترامب المرشح وترامب الرئيس.