"الفرصة التاريخية": ليس أقل من الضمّ

20172601085729
حجم الخط

أشواق للرئيس براك اوباما. لا تقلقوا. لست أنا من أشتاق. إنه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. كم كان سهلا في عهد أوباما. كان هناك من تعلق على رقبته كل أوجه الضعف والمخاوف والترددات وجر الارجل والتجميدات، وكذا الاكاذيب.
عندما عاد نتنياهو من لقائه الاول مع اوباما، جاء إلى لجنة الخارجية والامن.
رأيت امامي زعيما مصابا بصدمة المعركة. فالسنوات الطويلة التي قضيتها في سلاح الطب في الجيش الاسرائيلي أهلتني لان أشخص بسهولة مثل هؤلاء الجنود.
ولكن مثل بعض المعوقين المهنيين الذين جعلوا جراحهم مصدر الدخل الاساسي لهم – جعل نتنياهو ايضا الاصابة التي تلقاها ميزة، أو شماعة يعلق عليها كل مظاهر ضعفه.
منذ ذاك اليوم كان هناك من يعلق عليه كل انسحاب وكل تراجع.
ألقى اوباما خطاب القاهرة خاصته في 4 حزيران 2009. بعد عشرة أيام من ذلك تقدم نتنياهو بكتاب الاستسلام خاصته في خطاب بار ايلان، والذي وافق فيه على اقامة دولة فلسطينية.
ومنذئذ، وإن كان أثبت في مواضيع اخرى أنه يعرف جيدا كيف يواجه ضغوط أوباما ولم يتردد في الوقوف ضده في المسألة الايرانية "والسير على رأسه" إلى الكونغرس الاميركي، ففي الموضوع المركزي لوجودنا هنا – منع إقامة دولة فلسطينية في قلب وطننا – واصل نتنياهو الشرح والتبرير لكل استسلاماته لأوباما الرهيب.
في 20 كانون الثاني صعد التبرير إلى مروحية وطار إلى واشنطن. وماذا سيفعل الآن نتنياهو؟
رئيس الوزراء هو فنان عظيم في جر الأرجل وتأجيل القرارات، ولكنه يقف الآن أمام معضلة غير بسيطة.
قاعدة التأييد له، إلى جانب الاغلبية الساحقة من الجمهور اليهودي في بلاد اسرائيل يطالبون باحلال قانون دولة اسرائيل على المناطق ج و"معاليه ادوميم اولا".
يوجد اجماع. لا يوجد عرب (كثيرون). ولم يعد يوجد اوباما. نتنياهو وحده هو الذي لا يزال غير قادر على أن يخرج من فمه كلمات: "خطة الدولة الفلسطينية ماتت".
ومن البيت الابيض تأتي رسائل تقول: ليس لنا في هذه اللحظة الوقت لكم. الادارة لم تنظم نفسها بعد. ثمة حاجة إلى تعيين مئات الموظفين. قرروا أنتم ماذا تريدون. هاتوا بخطة مرتبة للقاء مع ترامب. وفي هذه الاثناء افعلوا. لن نزعجكم. وجاءت إلى مكتب نتنياهو، ظاهرا، رسائل متضاربة ايضا: انتظروا اللقاء مع ترامب.
أول من أمس نهض نفتالي بينيت وكله بسالة وبطولة. واليوم سيطرح في جلسة الكابنت مطلب ضم معاليه ادوميم، وإلا – الويل.
بالطبل والزمر دخل إلى جلسة الكابنت. وفي المساء نشر بيان الكابنت: بالاجماع (أي بما في ذلك بينيت) اتخذ القرار بتأجيل الخطة إلى موعد آخر.
حجر رحى نزل عن رقبة نتنياهو، فقد حصل على تأجيل، وحتى ذلك الحين الله كبير. فسيجد مبررا جديدا.
يمكن القول: انتظرت معاليه ادوميم خمسين سنة، فلتنتظر شهرا آخر. غير أن التخوف العميق هو أنه اذا خرج نتنياهو إلى اللقاء مع ترامب ولم يكن في يده خطة ضم، بل مجرد شرطين – ثلاثة شروط اخرى تثقل على ايران، شقة فاخرة لسفير الولايات المتحدة في القدس وغض النظر عن البناء في القدس – فستضيع هباء فرصة تاريخية لتغيير خريطة الشرق الأوسط. فترامب لن يكون مخلصا لبلاد اسرائيل أكثر من نتنياهو.
في الليكود يؤمنون ايمانا دينيا حقا بأنه يجب عدم انزال رئيس وزراء قائم من الليكود عن كرسيه.
هذا أكثر قدسية من بلاد اسرائيل، ولهذا فانهم لم يطيحوا بنتنياهو حتى بعد خطاب بار ايلان. ولكن عندما تحوم سحب جنائية قاتمة في سماء نتنياهو، وهو لا يزال يتمسك بالدولة الفلسطينية – فان حتى آخر مؤيديه غير العاقلين في الليكود من شأنهم أن يكفوا عن الاستلقاء على الجدار من أجله والوقوف لحمايته.
فسيبحثون عن قيادة بديلة، تكون، لغرض التغيير، موالية لبلاد إسرائيل. يجدر بنتنياهو أن يأخذ هذا بالحسبان.