رياض عواد : بوبوس والفياجرا والجوع الجنسي+18

 رياض عواد : بوبوس والفياجرا والجوع الجنسي+18
حجم الخط

يناقش فيلم "بوبوس"، الذي يقوم ببطولته عادل امام، فساد رجال الاعمال الذين يسرقون الاموال من خلال القروض البنكية، بمساعدة المتنفذين، مما يؤدي الى افقار المجتمع ونهب موارده وتعسر مختلف اموره الحياتية والاجتماعية.
 ان تعسر المجتمع لا يقتصر فقط على رجال الاعمال الحرامية بل ايضا على المواطنين من مختلف الشرائح الاجتماعية التي تثقلهم الديون وقروض البنوك والاقساط الشهرية التي يتم خصمها من دخولهم المتآكلة. 
 في الفيلم، يقدم رجل الاعمال عادل امام، نصائحه وحبوب الفياجرا للعديد من ابناء المجتمع من أجل سد جوعهم الجنسي الذي تسببت به ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية.
 فهذا احد افراد الشرطة والذي يعمل طيلة الليل على حواجز الطرقات يملئ قلبه الفرح عندما يلقي القبض على احد ركاب الاتوبيس ويجد في جيبه علبة من الفياجرا. والوالد المتقاعد الذي اوقفت الحكومة العلاوة السنوية عن مرتبه، مما ادى الى تعسر اموره الحياتية، فالحبة الزرقاء هي التي تعيد له بعض ثقته في الحياة. اما جوز اخت العريس فقد حولته الحبة الزرقاء الى مطرب شعبي يغني يا ليل يا عين بعد ان كان وجهه يغص بالاكتئاب. والعريس رأفت خريج الجامعة والذي يعمل في الليل قرسون في احدى البارات وفي النهار يعمل على التكتك، رغم مطاردة الشرطة للتكاتك وسائقيها، هذا العريس، الذي تأجل موعد زواجه سنة تلو الاخرى، حتى طالت فترة الخطوبة لتسع سنوات متتالية، كل هذه الظروف ادت الى ان تتعسر اموره ليلة الدخلة ولم يستطيع ان يمارس مهامه الزوجية، لولا الفعل السحري لهذه الحبة الزرقاء ....

تفيد التقارير المختلفة أن ما لا يقل عن 10% من الأشخاص الذين يزورون الصيدليات الخاصة يومياً، يطلبون منشّطات جنسية، وأغلب هؤلاء تتراوح أعمارهم بين 20 و30 عاماً. ويؤكد الدكتور هاني سامح، رئيس ملف الدواء في المركز المصري للحق في الدواء، أن الشباب هم الأكثر استهلاكاً للمنشّطات الجنسية في مصر لتحسين علاقتهم الجنسية، نتيجة القلق المسبق والتخوف من ضعف القدرة الجنسية، أو ممارسة الحياة الجنسية بشكل طبيعي، مؤكدا أن التخوف وسوء الاستخدام يعدان السبب الأساسى الذى يمثل 50٪ من زيادة الاقبال على المنشطات الجنسية. مع العلم أن الفياجرا أنتجت خصيصاً للمصابين بالضعف الجنسي من الرجال والشيوخ ولمساعدة مرضى السكر والضغط وضعيفى الانتصاب على ممارسة حياتهم الجنسية بشكل طبيعي، بعد أن كشفت عدة دراسات بحثية ضعف القدرة الجنسية والانتصاب لـ 50٪ من الرجال بعد سن الخمسين. 

ان المنطقة تشهد ارتفاعاً في استخدام الفياجرا في كثير الدول، وانخفاضاً في قيمتها الشرائية، مما يدفع للتساؤل، ما هو الرابط بين الفياجرا والاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

تقدر التقارير الدولية ان هناك أكثر من 35 مليون شخص يلجأون إلى حبة الفياجرا يومياً، وأن 1.9 مليار حبة يتم شراؤها كل عام.

تعتبر دول الشرق الأوسط الأكثر استخدامًا لحبوب "الفياجرا"، وتأتي الإمارات في مقدمة هذه الدول الأكثر استخدامًا لها، تليها السعودية، بينما تأتي إسرائيل في المكانة الرابعة، حيث يتم استهلاك أكثر من مليون و200 ألف قرص "فياجرا" سنويا. وتأتي مصر في المركز الخامس، مع العلم ان الفياجرا تستحوذ فقط على 8.9٪ من مبيعات السوق المحلي المصري من المنشطات الجنسية. وكان المركز السادس من نصيب أستراليا، تليها الولايات المتحدة الأمريكية، والنرويج وكندا على التوالي.

في تونس تبيع الصيدليات شهرياً ٤٢.٨٠٠ قرص فياجرا، وحوالي 100 ألف حبة من عقارين شبيهين. تباع الفياجرا هناك داخل علب ذات 4 حبات، تتراوح أسعارها بين 12 و16 دولار.

تُصنّف السعودية على أنها المستهلك رقم 3 في العالم، مع أكثر من مليوني و100 ألف حبة يتم بيعها كل عام. في مملكة تعرف رقابة عالية على الشبكات الإلكترونية، حيث يتزايد بيع الفياجرا من خلالها.

في قطاع غزة، هناك العديد من أصناف المنشطات الجنسية التي تهرب وتباع في الاسواق والصيدليات، حيث يتردد الكثير من الشباب في قطاع غزة على صيدليات معينة لشراء عقاقير المنشطات الجنسية والفياجرا، فيما يلجأ آخرون إلى تجار السوق. وينفق الذكور في قطاع غزة نحو 10 دولارات شهريا على العقاقير والمنشطات وفق تقديرات صيادلة، فيما لا توجد نسب حقيقية إزاء أعداد المستهلكين لتلك المنشطات.

في مصر خفضت الشركة الامريكية المنتجة لعقار الفياجرا سعرها بنسبة 60%، الى حوالي دولار ونصف، بينما ترتفع أسعار الفياجرا في الإمارات عن مثيلاتها في مصر بنسبة 800%، حيث يصل ثمن الحبة الواحدة 100 ميلغرام إلى 13.5 دولار.

هنالك أصناف عدة من المنشّطات الجنسية المنتشرة في السوق المصرية. بعضها مرخص، وهو لا يتعدى العشرين نوعاً من صنع شركات محلية وعالمية، وبعضها مغشوش ويصل إلى 30 نوعاً.

وتبلغ حجم المبيعات من المنشّطات الجنسية في مصر حوالي 800 مليون جنيه (112 مليون دولار) سنوياً ، مع العلم إن سوق المنشطات الجنسية في مصر ينمو بنسبة 15٪ سنوياً. ويزداد بيع هذه المنشطات خلال فترات الأعياد والمناسبات بنسبة 20%، كما يزداد يوم الخميس من كل أسبوع، وأن الطلب يتدنّى في شهر رمضان بنسبة 40%. 
 إن تزايد استهلاك "الفياجرا" في الدول العربية يمكن تفسيره بعدة أسباب، أولا، مسألة مهمة جدا في الثقافة العربية هي الشرف حيث تعد القدرة الجنسية رمز المروءة، كما أن تعدد الزوجات قد يكون احد الاسباب.
 كما ان الدعاية المبالغ فيها من قبل الشركات المنتجة لها، وسوء استخدام المنشطات، وتخوف كثير من الناس من ضعف القدرة الجنسية قد يكون من هذه الاسباب.
 تقول الدكتورة عزه كريم، استاذة علم الاجتماع في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، إن تناول المنشّطات الجنسية يعود لأسباب مختلفة، أهمها التوترات النفسية والضغوط الاقتصادية التي تدفع الشباب إلى استهلاك ما يعدّونه نوعاً من الترفيه المساعد على التخفيف من حدة الضغوط.
 في قطاع غزة، قد يكون سبب زيادة إقبال الشباب على مثل هذه العقاقير، المشاكل المجتمعية والاقتصادية وحالة الضغط الشديد التي يتعرض لها المجتمع، خصوصاً، بعد تعرضه لثلاثة حروب خلال خمس سنوات.
 فهل تنقذ حبوب الفياجرا ابناء وشيوخ المجتمعات العربية من ازماتهم الاجتماعية والاقتصادية وتحل مشاكلهم السياسية بعد ان ساهمت في سد جوعهم الجنسي؟!.