استيقظوا!

استيقظوا!
حجم الخط

لم يترك نتنياهو لأحد مجالا للاجتهاد في حقيقة نوايا إسرائيل وسياسة حكومتها، فقد قالها بملء الفم إن إسرائيل مصممة على فرض السيطرة الإسرائيلية الكاملة على كل المناطق ما بين نهر الأردن والبحر المتوسط، من النهر إلى البحر، وهذا هو شعار إسرائيل الحقيقي المكشوف والواضح.

وربما سيظهرون بعد بضع سنوات إن نجحوا في مخططهم شعارهم الأعمق... من النيل إلى الفرات.

لو كان الأمر مجرد شعارات، كما اعتادت بعض الإذاعات العربية أن تفعل، لهان الأمر، لكن هدف دولة يهودية من النهر إلى البحر يطبق مع كل قرار بإنشاء مزيد من الوحدات الاستيطانية الاستعمارية ويطبق مع كل وعد بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، ويطبق مع كل تحضير لقانون يشرع ضم مستوطنة معاليه أدوميم الى إسرائيل ومع كل حدث يكرس ضم القدس العربية.

أعلنت حكومة إسرائيل أكثر من ثلاثة آلاف وحدة استيطانية جديدة، ورفض الناطق باسم الحكومة الأميركية مجرد التعليق على الأمر، وبعض الدول الأوروبية عبرت مجددا عن قلقها، الذي صار مزمنا دون أن يؤثر بشيء.

وبعد الصمت المتواطئ أعلنوا مخططا لعشرة آلاف وحدة استيطانية جديدة ستشطر الضفة الغربية إلى جزأين وتعزل القدس بالكامل.

بعد خمسة وعشرين عاما من المفاوضات هذا ما وصلنا إليه: أكثر من 700 ألف مستوطن، و277 مستعمرة وبؤرة استيطانية وإعدامات ميدانية للفلسطينيين، ومئات الحواجز وعشرات الطرق الالتفافية، ونظام أبارتهايد يخجل منه أبشع ممارسيه في جنوب إفريقيا.

"أقل من دولة" بلغة نتنياهو تعني كياناً مقطع الأوصال بلا سيادة ولا كرامة، ومنظومة بانتوستانات صغيرة يحكمها نظام تمييز عنصري، فهل بقي بعد هذا مَن ما زال يؤمن بالتفاوض مع مرتكبي جرائم الحرب الأسوأ في عصرنا؟

وهل بقي مبرر لأي دولة تتحدث عن حل الدولتين لتستمر في تقاعسها عن القبول بفرض العقوبات والمقاطعة على حكومة إسرائيل، أو على الأقل على كل ما له علاقة، من مؤسسات وشركاء وأفراد، بمستعمراتها الاستيطانية العنصرية؟

وهل بقي مبرر كي لا يدرك الإخوة العرب، أن إسرائيل وهي تمعن في مخططاتها ستستهدفهم تباعا ليس بالتطبيع، كما قد يظن البعض، بل بالهيمنة والاستغلال السياسي والعسكري والاقتصادي.

وهل بقي مبرر لأي قوة فلسطينية أن تستمر في الهروب من الحاجة الملحة لإنهاء الانقسام المذل ومواجهة إسرائيل بقيادة واستراتجية وطنية موحدة.

وهل بقي مبرر لأي فلسطيني أو فلسطينية أن يواصل الاهتمام بشؤونه ومصالحة الخاصة، دون الالتفاف إلى الهم العام والحريق صار في بيت كل واحد منا يهدد بالتهام مستقبلنا ومستقبل أطفالنا وما تبقى من أرضنا.

من أم الحيران إلى قلنسوة إلى سوسيا إلى الخليل وبيت لحم إلى القدس ورام الله ونابلس وطولكرم وجنين، هناك مخطط واحد: الاستيلاء على الأرض والضم والتهويد والبطش بالفلسطينيين.

وعلى ذلك لا يوجد سوى جواب واحد، وحدة كل الفلسطينيين أينما كانوا في مواجهة عصابة التطرف العنصري والاحتلال، التي جعلت من السلام عدوا ومن البشرية كلها خصما.

لا شيء سيكسر الشعب الفلسطيني، ونحن صامدون على صدور من يريدون نفينا وتشريدنا. أعرف ذلك.

لكن ألم يحن أوان قلب المعادلة ومواجهة الخطر الذي لن يرحم أحدا؟

استيقظوا... فالنار وصلت إلى دار كل واحد منا.