الزمن يلعب لصالح منع قيام «دولة فلسطينية»

20171402084622
حجم الخط

أنا ايضا أريد تصريحاً تاريخياً في ختام لقاء ترامب – نتنياهو. لا أريد سماع كلمات غير مفيدة، "دولة فلسطينية". وأنا أيضا أعتقد مثل اغلبية الاسرائيليين أنه لن يكون هنا سلام، وأن العرب والفلسطينيين لا يريدون أي دولة الى جانب الدولة اليهودية، وأن الدولة العربية الفاشلة في جبال "السامرة" هي من أكبر الخدع في التاريخ. في الوقت الذي تنهار فيه الدول العربية المحيطة بنا، أعتقد أن الضغط الدولي على اسرائيل لا ينبع من القلق الحقيقي من العرب في المنطقة (انظروا الى وضع العرب في حماستان في قطاع غزة)، بل ينبع من رفض عودة اليهود الى التاريخ، عودة صهيون.
سأكون مسرورا لسماع التصريح الذي يقول إن التجربة التاريخية الطويلة قد علمتنا أنه يحظر اقامة دولة عربية اخرى بين البحر والنهر. ويمكن القول إن خمس دول من بين الدول السبع التي منع ترامب دخول مواطنيها الى الولايات المتحدة لاسباب أمنية (العراق وسورية وايران وليبيا والصومال والسودان واليمن) ليست دولا حقيقية. واذا كانت هذه الكيانات السياسية تشكل خطرا رغم البُعد بينها وبين الولايات المتحدة، فكيف سيكون حال الدولة التي ستقوم على ظهر الجبل والتي تبعد مسافة قصيرة عن مركز إسرائيل.
يبدو أن هذا الامر لن يحدث، بغض النظر عن نوايا نتنياهو في خطاب "بار ايلان" (من "دولة منزوعة السلاح"، تحدث مؤخرا عن "دولة كاملة" أو دولة "مع تحفظ على السيادة"). الواقع الدولي الذي ساد في العام 2009 لم يتغير كثيرا. اوروبا وروسيا والصين والدول العربية ما زالت تؤيد الفلسطينيين وتعارض اسكان اليهود في "يهودا" و"السامرة" والقدس. ايضا الأمم المتحدة لم تتغير، صحيح أنه في البيت الابيض لا يوجد رئيس معاد مثل اوباما، إلا أن ترامب له اعتبارات تخص بلاده ولا تتداخل بالضرورة مع مصالح اسرائيل. يوجد على رأس أولوياته الخارجية ايران وازدياد قوة روسيا والصين.
منذ انتخاب ترامب تستخدم عليه الضغوط من اجل أن ينتظر ويتعلم خريطة المصالح ووضع الأولويات (أميركا أولا). والأمر الأخير الذي قد يرغب فيه الأميركيون هو المفاجأة أو فرض الحقائق على الارض. ومن جهة ثانية، يبدو أنه خلافا لادارة اوباما، فان ادارة ترامب لن تخرج عن طورها من اجل المعارضة إذا قمنا بتوسيع البناء داخل حدود المستوطنات القائمة.
على هذه الخلفية، من الصعب توقع المفاجأة من قبل نتنياهو أو ترامب. وليتني أكون مخطئا. فأنا أدرك أن التوقعات الكبيرة في اوساط اليمين الاسرائيلي منذ انتخاب ترامب. وقد حذرت عند أداء يمين القسم وقلت: هو ليس المُخلص. وايضا نتنياهو ليس المُخلص. الرجاء خفض التوقعات. في نهاية المطاف، الجدل في معسكر الاغلبية الاسرائيلية ليس على الاهداف، بل على طريقة تحقيقها. وخلافا لدعاية اليسار، فان الزمن يلعب في صالح من يعمل. ونحن نعمل من اجل منع اقامة كيان سياسي غريب على ظهر الجبل. وخلال الاربعين سنة الماضية زاد عدد الاسرائيليين في "يهودا" و"السامرة" من عدد لا يُذكر الى 430 ألف شخص.
ورغم خيبة الامل المؤقتة، فان ما يبدو "فرصة لا تفوت" مع اللقاء الاول بين نتنياهو وترامب، ليست سوى نقطة في عملية تاريخية. حتى لو بقي الوضع على حاله حول "الدولة الفلسطينية" و"حل الدولتين"، لكن الاستيطان سيستمر في التوسع والتعمق الى أن نصل الى مليون شخص في السنوات العشرين القادمة. الجيل الذي سيأتي بعدنا سيفرض السيادة الاسرائيلية على الاماكن التي قمنا ببنائها من أجله.
ضغط اليمين سيكون مهما اذا كانت له فائدة للاستيطان. وليس اذا كان سيحل الحكومة. لن نحصل على حكومة اكثر يمينية. اضافة الى ذلك، اغلبية الجمهور تؤيد الاستيطان، لكنها ايضا تريد التخلص من الفلسطينيين. لذلك كانت ستوافق على الدولة الفلسطينية. هذا يجب أن يعلمنا أنه محظور الضغط على وعي الجمهور أكثر من اللزوم. فمعظمه ليس ايديولوجيا. محظور أن نربط موضوع "أرض اسرائيل" بالاحزاب والخلافات.
يمكن الموافقة على إمكانية أن تسري السيادة الاسرائيلية على "المناطق" خلال الخمسين سنة القادمة. وقد علمنا الحكماء لدينا أن الانبعاث يأتي بالتدريج، وأن لا نؤمن بالانقلابات كطريقة، بل بالتطور التاريخي البطيء وطول النفس.