أطلقت نقابة الصحفيين الفلسطينيين، بالتعاون مع الحكومة والمؤسسات الوطنية والعربية والدولية الشريكة، "ورقة سياسية لإصلاح وتنمية الإعلام الفلسطيني للعام 2017"، تهدف الورقة السياسية إلى توفير بيئة قانونية وتقنية استثمارية تدعم الصحافة الفلسطينية المستقلة واستثمار الطاقات البشرية الإعلامية، وفتح المجال أمامها لتحقيق مزيد من التطور.
وقال وزير العدل علي أبو دياك خلال مؤتمر عقد في رام الله اليوم الأربعاء، بالشراكة مع وزارة الإعلام والهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون الفلسطينية، والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، والاتحاد الدولي للصحفيين، إن إصلاح الإعلام الفلسطيني يقوم على محاور عدة منها توفير البيئة القانونية الملائمة لمأسسة وإصلاح وتطوير الإعلام، بما يضمن صيانة حرية الإعلام والرأي والتعبير والتأليف والنشر والتوزيع، كذلك تعديل قانون المطبوعات والنشر، واستحداث قانون هيئة الإذاعة والتلفزيون، وقانون المجلس الأعلى للإعلام، وقانون حق الحصول على المعلومات.
ولفت أبو دياك إلى أن الإعلام يساهم في تشكيل الثقافة والوعي وتعميق قيم الانتماء لدى المواطن، وتحسين جودة ومهنية الإنتاج الصحفي، ما يتطلب تأهيل وتدريب الصحفيين، عبر استخدام الأدوات والتقنيات الحديثة في مجال الإعلام، وتعزيز الشراكة بين الحكومة وقطاع الإعلام الرسمي وبين المؤسسات الإعلامية الخاصة والأهلية والأكاديمية والحقوقية ومنظمات المجتمع المدني.
وتحدث عن القوانين العنصرية التي شرعها الاحتلال مؤخرا، ومنها منع الأذان في القدس المحتلة وتشريع الاستيطان ومصادرة أراضي المواطنين، الأمر الذي يرتب على المجتمع الدولي مسؤولية التصدي لها، ومساءلة ومقاضاة إسرائيل أمام العدالة الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.
بدوره، قال نقيب الصحفيين ناصر أبو بكر، إن إطلاق هذه الورقة يبشر بعهد جديد في تاريخ الإعلام الفلسطيني والحريات الإعلامية، مؤكدا أن سلسلة من القضايا ساهمت في انطلاقها، ومن ضمنها توقيع الصحفيين والمؤسسات الإعلامية على وثيقة دعم الحريات في الوطن العربي، وتوقيع الرئيس محمود عباس عليها وما تلاه من اتفاقيات وقعتها النقابة والنيابة لمنع اعتقال الصحفيين على خلفية الرأي.
وأشار إلى أن الدعم الحكومي لهذه الورقة يشكل ترجمة للإرادة السياسية للقيادة الفلسطينية في ترسيخ اعلام عصري حقيقي، مشيرا إلى أن هذه الورقة تحتاج وقتا وسرعة إنجاز تدعمها وحدة الصحفيين والتفافهم حول نقابتهم وتضافر جهود المؤسسات الشريكة.
وفي كلمته، اعتبر المشرف العام على الإعلام الرسمي الفلسطيني أحمد عساف، أن هذه ليست المبادرة الأولى التي تقوم بها نقابة الصحفيين، مؤكدا الحاجة لمنظومة من القوانين والتشريعات التي حرم الإعلام منها لسنوات طويلة بسبب إجراءات الاحتلال، والانقسام الداخلي.
وأوضح أنه رغم ما يعانيه الاعلام من نقص للاحتياجات المطلوبة، وممارسات وانتهاكات الاحتلال، وغيرها، إلا أنها لم تكن عائقا أمامه للقيام بواجبه في رفع اسم فلسطين عاليا، وإيصال صورته إلى العالم.
وأشار عساف إلى الدور الذي لعبته منظمة التحرير إبان الثورة الفلسطينية، واهتمامها بالإعلام، الذي لم يكن هامشيا أو ثانويا، ومن قاد الإعلام في تلك الفترة هم خيرة الصحفيين والكتاب، لافتا إلى محاولات الاحتلال المتكررة طمس الهوية الفلسطينية التي لن تنجح أمام إصرار الإعلاميين الفلسطينيين مواصلة الرسالة.
بدوره، أكد وكيل وزارة الإعلام محمود خليفة، أن التجربة الإعلامية الفلسطينية طليعية رغم ما يعتريها من ظروف واستهداف وتحريض.
وأوضح أنه وفقا لإحصائيات الأمم المتحدة لمناسبة يوم الإذاعة العالمي، فإن 105 إذاعات تعمل في فلسطين من أصل 800 إذاعة موزعة على الدول النامية، ما يدلل على مستوى الحريات الذي تطمح له الحكومة.
وتابع خليفة: "الحكومة بالشراكة مع المؤسسات المعنية، في نقاش متواصل فيما يتعلق بقانون المطبوعات والنشر حيث سيخضع للنقاش، وسيتم دراسته لمواءمته مع التشريعات الفلسطينية في ظل توقيعنا على العديد من المواثيق الدولية، ونحن في حالة حراك متواصل للارتقاء بإعلامنا، مطالبا الاتحاد الأوروبي بحماية شعبنا من الإرهاب والتحريض الإسرائيليين".
من جانبه، طالب رئيس الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عمار دويك، بضرورة الإسراع في إصدار قانون حق الحصول على المعلومات، وإصدار تعليمات واضحة للأجهزة الأمنية بعدم المساس أو استدعاء أي صحفي واعتقاله على خلفية النشر وحرية الرأي، من أجل إيجاد بيئة حرة ومناسبة للعمل الصحفي.
وأشار إلى أن الهيئة تعمل على تطوير حرية العمل الصحفي كجزء من الحريات العامة وحقوق الإنسان وتسعى إلى تطويرها وحمايتها، مبينا أن حرية العمل الصحفي من شأنها أن تسهم في محاربة الفساد ودعم أسس الحكم الرشيد.
بدوره، قال مدير السياسات والبرامج للاتحاد الدولي للصحفيين في العالم العربي والشرق الأوسط منير زعرور: إن هذا المؤتمر علامة فارقة في تاريخ الإعلام الفلسطيني، من حيث إنه يفتح الطريق لتحويل مبادئ إعلان الحريات إلى تشريعات، وإجراءات تنظيمية وإدارية، ومفاوضات منهجية بين جميع الأطراف ذوي المصلحة لتميكن الصحافة الفلسطينية من الالتحاق بالثورات المعرفية والتقنية الرقمية التي تسم الإعلام الحديث.
واعتبر زعرور أن المبادئ التي تستند إليها الورقة (ورقة سياسة إصلاح وتنمية الإعلام الفلسطيني لسنة (2017) كجوهر لعملية الإصلاح، وأهمها اعتبار الصحافة الحرة والمستقلة، جزءا من منظومة الصالح العام، وليس فقط مساهمة في حمايته.
وعقب المؤتمر، ناقش المشاركون ما تضمنته ورقة سياسة وإصلاح الإعلام الفلسطيني، من محاور وبنود وأهمها انعكاس الوضع السياسي الداخلي على تطوير الاعلام، وجهود الاعلاميين والمؤسسات الاعلامية والمؤسسات الوطنية والمهنية والمجتمع المدني، وتعديل وتبني قوانين متعلقة بالعمل الاعلامي.