لو أن إسرائيل تريد حلاً للسلاح الكاسر لكانت وافقت على "حل الدولتين"

thumbgen (7)
حجم الخط
 

هل صحيح أن اسرائيل باتت تخشى سلاح "حزب الله" المتطوّر والذي يستطيع ضرب أهداف عسكريّة داخل أراضيها بما فيها منشآت نووية، أم أنها تتظاهر بذلك لتحصل على مزيد من الأسلحة الأميركيّة المتطوّرة لتبقى متفوّقة عسكرياً على أي دولة في المنطقة؟

 

في المعلومات الرائجة أن المنحى الجديد للادارة الأميركية الجديدة يتجه نحو المواجهة لضرب مشروع ايران التوسّعي في المنطقة وضرب أذرعها العسكرية فيها مثل "حزب الله" في لبنان و"أنصار الله" في اليمن" و"الحشد الشعبي" في العراق وحركة "حماس" في فلسطين بعد التخلّص من التنظيمات الارهابية، وأن زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الى واشنطن ولقاءه الرئيس الأميركي دونالد ترامب تناولت البحث في كل الملفات ذات الاهتمام المشترك باعتبار أن اسرائيل هي أهم حلفاء أميركا في المنطقة لمواجهة التحديات والأعداء المشتركين، وأن وجهات النظر كانت متطابقة حول كل ذلك وحول تحقيق السلام مع السلطة الفلسطينية كونه المدخل لتحقيق سلام شامل وعادل في كل المنطقة، وان كل حل يجب أن يحظى بموافقة الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني في إطار أي شكل من أشكال المفاوضات.
وفي المعلومات التي صار الترويج لها أيضاً هو أن في نيّة الجيش الأميركي استخدام السواحل الاسرائيلية كقاعدة عسكرية لتأكيد سياسة الدعم الأميركي لاسرائيل، خصوصاً بعدما أصبحت دولة نفطية، وأن المواجهة العسكرية الاسرائيلية مع "حزب الله" المدعوم من إيران قد لا تكون مستبعدة بعدما أصبح الحزب يمتلك القدرة على إلحاق الضرر بشرياً ومادياً باسرائيل التي تعترف بأنه بات لدى الحزب أسلحة تكسر التوازن بينهما، ما جعل الاستخبارات الاسرائيلية تجهد لمعرفة حقيقة تعاظم القدرة العسكرية لدى الحزب بحيث تستطيع خوض معارك داخل اسرائيل، خصوصاً بعدما تدرّبت قواته على ذلك في الحرب السورية واكتسبت خبرة مساوية لخبرة الجيوش النظامية، وعلى إطلاق صواريخ قصيرة وبعيدة المدى، فضلاً عن منظومات دفاع جوي وصواريخ أرض – بحر وقوة بحرية وطائرات من دون طيار، وهي تجربة جعلت من "حزب الله" قوة عسكرية في المنطقة أكثر مهنية وعقيدة قتالية، جعلت اسرائيل تخشى حتى من هجوم كيميائي عليها عبر الحدود مع لبنان. وقد جاءت صحف اسرائيلية ومحطّات تلفزيونية على ذكر ذلك بالتفاصيل وحددت منشآت نووية اسرائيلية ومصانع في خليج حيفا هدفاً لصواريخ الحزب. لكن محلّلين اسرائيليين يعتقدون ان الحزب يفضّل الامتناع عن الحرب والتزام سياسة ادارة المخاطر وتجنّب الوقوع في خطأ الحساب والتقدير، وإلّا فما المانع لـ"حزب الله" ولديه هذه القوة العسكرية الفائقة أن يهاجم اسرائيل ويفرض عليها سلاماً عادلاً لم تتوصل إليه المفاوضات لتي لا يحصى عددها والسنوات الطويلة التي أفادت منها اسرائيل لفرض الأمر الواقع على الأرض في بناء المستوطنات التي تنهي وجود وطن يعود اليه اللاجئون الفلسطينيون ويُفرض عليهم التوطين حيث هم؟
لكن ثمة من يرى ان اسرائيل تتظاهر بالخوف من سلاح "حزب الله" المتطوّر ومن ازدياد قدرته العسكرية والقتالية لتحصل على مزيد من المساعدات الأميركية المالية والعسكرية، ولجعل واشنطن تغض النظر عن مواصلة بناء المستوطنات وعدم فرض حل الدولتين إلّا إذا اعترفت السلطة الفلسطينية بالدولة اليهودية الى جانب الدولة الفلسطينية. فلو أن اسرائيل تخاف حقاً سلاح "حزب الله" ودعم ايران له، لكانت توقفت عن بناء المستوطنات وطلبت الدخول في مفاوضات جدية لا تنتهي إلا عند التوصّل الى اتفاق سلام شامل وعادل.
الواقع أن أسئلة كثيرة تطرح ولا جواب عنها حتى الآن من الادارة الأميركية الجديدة، منها: هل هي مصمّمة فعلاً على ترجمة أقوال الرئيس ترامب أفعالاً، والى أي مدى يمكن أن تبلغ المواجهة الأميركية – الإيرانية، وهل تبقى مقتصرة على الحرب الكلامية المتبادلة، وأي شرق أوسط جديد سيبنى في عهد ترامب، وأي حلول يمكن التوصل إليها للحروب في سوريا والعراق واليمن وليبيا، وأي تسوية سلمية ستعتمد للقضية الفلسطينية لانهاء النزاع العربي – الاسرائيلي المزمن، وهل يساعد التقارب الأميركي – الروسي إذا كان حقيقياً على بلوغ كل ذلك، أم أن الخلاف على تقاسم مناطق النفوذ يسقط كل الحلول فتعود الحرب الباردة بينهما وقد تتحوّل ساخنة في حروب صغيرة وليس في حرب عالمية شاملة تدمر كل شيء؟
إن مرور بضعة أشهر على قيام الادارة الأميركية الجديدة قد يتيح الجواب عن هذه الأسئلة وغيرها لمعرفة ما إذا كان العام الحالي سيكون عام التحديات الكبرى أم التسويات الكبرى؟

عن النهار اللبنانية